«اتفاق البريكست»: نهاية 46 سنة من زواج بلا حب

نشر في 25-11-2018 | 19:36
آخر تحديث 25-11-2018 | 19:36
No Image Caption
يمهد الإتفاق الذي توصلت إليه بريطانيا والاتحاد الأوروبي الأحد الطريق لإنهاء زواج استمر نحو 46 عاماً بين الطرفين، وقام على الحذر المتبادل بدلاً من الأحلام المشتركة.

وقالت بوليت شنابر استاذة التاريخ البريطاني المعاصر في جامعة السوربون في باريس «لقد كانت علاقة نفعية منذ 1973 وكان التركيز دائماً على البعد الاقتصادي وليس السياسي».

وأضافت «كان البعد العاطفي شبه منعدم».

وعارضت بريطانيا الإنضمام في البداية إلى المشروع الأوروبي عندما ظهر بعد الحرب العالمية الثانية.

وقال أناند مينون استاذ السياسة الأوروبية في جامعة كينغز كوليدج في لندن «لم نشعر بأننا على درجة من الضعف تجعلنا ننضم إلى المشروع».

وبدلاً من ذلك فضلت بريطانيا التركيز على علاقاتها الخاصة بالولايات المتحدة وما تبقى من إمبراطوريتها.

ومع ذلك فقد دعمت لندن المساعي للتكامل في القارة الأوروبية، ودعا رئيس وزراء بريطانيا وقت الحرب العالمية الثانية ونستون تشرتشل إلى إنشاء «الولايات المتحدة الأوروبية» في كلمة القاها في زيوريخ عام 1946.

ولكن في مطلع الستينات تدهورت الأوضاع في بريطانيا، وبدأ نموها الاقتصادي في التراجع عن اقتصادي فرنسا وألمانيا، مما جعل خيار الإنضمام إلى السوق الأوروبية الموحدة أكثر جاذبية.

حصان طروادة

قال تيم اوليفر المحاضر في جامعة لافبورو في لندن «أدرك زعماء بريطانيا في الستينات أن بلادهم لا يمكنها أن تكون خارج المنظمة الأوروبية الغربية الرائدة للاقتصاد والسياسة والشؤون الأمنية غير التقليدية».

وأضاف «كان على بريطانيا أن تكون متواجدة داخلها لتسهم في تشكيلها».

لكن الإنضمام إلى المشروع الأوروبي لم يكن أمراً سهلاً.

واعترض رئيس فرنسا في ذلك الوقت شارل ديغول عام 1961 على أول طلب لبريطانيا للإنضمام، ورأى أنها «حصان طروادة» للولايات المتحدة، مشككاً في روح بريطانيا الأوروبية.

وتلا ذلك اعتراض فرنسي آخر في 1967، ولم يتم الترحيب ببريطانيا في السوق الأوروبية المشتركة سوى في الأول من يناير 1973.

ولكن ولسوء حظ بريطانيا، فقد اندلعت أول أزمة نفطية في العام نفسه، ولم يتحقق النمو الإقتصادي المنشود.

ومع ذلك فقد صوت 67% من البريطانيين لصالح البقاء في السوق الأوروبية المشتركة في استفتاء جرى في عام 1975.

ولكن هذه النتيجة لم تهدئ من التشكك في جدوى الإنضمام إلى المشروع الأوروبي، حيث تردد السياسيون من جميع الأطياف في الدفاع عن المشروع، ولم يطل الوقت حتى اندلعت أول أزمة بهذا الشأن.

فقد رفضت لندن في 1979 المشاركة في النظام النقدي الأوروبي ودافعت عن سيادتها الوطنية والمالية.

وبعد ذلك أطلقت بريطانيا مبادرات ترسخ وحدتها السياسية مما زاد من الانتقادات بأن لبريطانيا قدم داخل المشروع الأوروبي والآخر خارجه.

ورفضت بريطانيا عام 1985 المشاركة في اتفاق شنغن للتنقل الحر، وفي 1993 رفضت الإنضمام إلى اليورو.

الدولة الأوروبية

وقد أوضحت رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر موقف بريطانيا المناهض للفدرالية في كلمة ألقتها عام 1988 في كلية أوروبا في مدينة بروج.

ورفضت تاتشر في هذه الكلمة فكرة «الدولة الأوروبية العليا التي تمارس هيمنة جديدة من بروكسل».

ومع تعمق الوحدة السياسية الأوروبية في التسعينات، تسارع رفض بريطانيا لبروكسل، ما قاد إلى تأسيس حزب «استقلال بريطانيا» الذي دعا إلى خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.

وأدى نجاح الحزب خاصة في انتخابات البرلمان الأوروبي في 2014 عندما تصدر الانتخابات، بالحكومة التي يقودها المحافظون إلى تشديد خطابهم.

وزادت أزمة منطقة اليورو والهجرة الواسعة النطاق من الاتحاد الأوروبي إلى بريطانيا وأزمة اللاجئين في السنوات القليلة الماضية من الاستياء، ما دفع رئيس الوزراء ديفيد كاميرون إلى الدعوة إلى اجراء استفتاء حول البقاء في الاتحاد الأوروبي في يونيو 2016.

وبالنسبة لمؤيدي البريكست، فإن التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي سيعني أن بريطانيا «ستستعيد التحكم» أخيراً في حدودها وفي القانون والوضع المالي.

وقال باسكال يوانين المدير التنفيذي لمؤسسة روبرت شومان التي تحمل اسم سياسي فرنسي يعتبر واحداً من «الآباء المؤسسين» للاتحاد الأوروبي «لقد كان البريطانيون يتمتعون بوضع أشبه بالحلم منذ دخولهم الاتحاد، ولكن كانت لهم اعتراضات على عدد من الأمور».

وأضاف «ولكنهم الآن سيكونون خارج مؤسسات الاتحاد ولن يكون لهم صوت، وعليهم في الوقت ذاته الالتزام بعدد من القوانين الأوروبية».

back to top