إيمانويل ماكرون هو السبب الأول لحظه العاثر

نشر في 14-11-2018
آخر تحديث 14-11-2018 | 00:00
 نيو ستاتسمان ربما سمعت أن إيمانويل ماكرون يواجه الصعوبات أخيراً، فقد انتُقد أولاً لعدم تعاطيه بمهارة مع الأزمة المحيطة بحارسه الذي انتحل صفة شرطي وهاجم المتظاهرين في شهر مارس، فأدت هذه الأزمة إلى تدهور حاد في شعبية ماكرون المتراجعة، واستقال بعد ذلك وزير البيئة في حكومته ومن ثم وزير الرياضة، واستقال عقب ذلك أحد نوابه وشبّه الحزب بسفينة التيتانيك، واستقال أيضاً وزير الداخلية واستغرقت عملية استبداله أسبوعين، وأخيراً، قرر حليفه الأوروبي الأبرز، أنجيلا ميركل، أن الوقت قد حان ليرحل هو أيضاً، وإذا تأملنا هذه التطورات، نلاحظ أن ماكرون يمر بأوقات عصيبة منذ ستة أشهر.

تراجع ماكرون في استطلاعات الرأي، فأخذ قبل أيام إجازة لأربعة أيام في النورماندي أججت الشائعات عن أنه منهك. في الظاهر تبدو على "الزعيم"، كما يُعرف في أوساطه الداخلية، علامات التعب، لكنه يحتاج إلى قوته: صارت الانتخابات الأوروبية وشيكة، أما حزبه "الجمهورية إلى الأمام"، الذي تمتع في شهر مايو الماضي بتقدم كبير على يمين مارين لوبان المتطرف، فقد مُني اليوم بتراجع بنسبة 20% في استطلاع الرأي الأخير، تماماً مثل لوبان.

ولكن كيف بلغ ماكرون هذه الحالة؟ عندما انتُخب، هلل الجميع للبطل الليبرالي الذي هزم خطر لوبان القومي، أما اليوم فباتت شعبيته أدنى من سلفه، الرئيس الأقل شعبية في فرنسا فرانسوا هولاند.

ذكر مقال تحليلي في صحيفة اللوموند أخيراً: "يُعتبر ماكرون في المقام الأول رئيس سكان المدن ومواطني فرنسا الميسورين"، ويُشكل هذا محور حظه العاثر: كان ماكرون نفسه السبب الأول في معظم بلاياه، فسعى الرئيس الفرنسي للتخلص من صورة "رئيس الأثرياء" التي لازمته منذ الصيف الأول لرئاسته حين أعلن اقتطاعات في مساعدات سكن الطلاب، معارضاً في الوقت عينه ضرائب على ذوي الدخل الأعلى.

أقر ماكرون لاحقاً أن اقتطاعات مساعدات السكن شكّلت "هفوة"، لكن سياساته الاقتصادية التالية لم تحقق أيضاً إنجازات كبيرة للرجل العامل، فانتُقد إصلاحه قوانين العمل الفرنسية بشدة لحده من حقوق العمال لمصلحة أرباب عملهم، ويتعرض ماكرون لمساءلة عنيفة كلما زار فرنسا "الحقيقية"، فقد اتهمه أحد المتقاعدين خلال جولة ذكرى الحرب العالمية الأولى في منطقة شارل فيل-ميزير في شمال شرق فرنسا قبل أيام: "تدمرنا سياساتك. إصلاحاتك غير منصفة. تغرّم المتقاعدين والطبقة الوسطى". وسأله آخر هذه المرة في فردان: "ألا تشعر من باريس بأن الاستياء يتصاعد في فرنسا؟".

شكّل إعلان زيادة الضريبة على الوقود المتوقع ارتفاعها إلى 11.5% بحلول عام 2022، القشة الأخيرة بالنسبة إلى كثيرين، فقد علا الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي بعدما سأل فيديو انتشر بسرعة: "متى ستتوقف مطاردته السائقين؟". كذلك من المخطط تنظيم يوم احتجاج وطني في 17 نوفمبر، وأخبر أحد السكان المحليين في شارل فيل-ميزير ماكرون: "انتظر حتى السابع عشر وسترى". وأضاف: "لن تنهي السنوات الخمس من رئاستك".

ألا تسمع صراخ الناس، ماكرون؟ تسمعها بالتأكيد مارين لوبان، التي أعادت تصنيف جبهتها الوطنية عقب خسارتها، مطلقةً عليها اسم "الحشد الوطني"، لكنها تتمتع بقوة معارضة محدودة: لم يكن نوابها الخمسة كافين لتشكيل مجموعة في البرلمان (تحتاج إلى 15) ولا تستطيع التصدي لحزب ماكرون "الجمهورية إلى الأمام"، الذي يتمتع بأكثرية قوية مع 308 مقاعد.

لكن لوبان تُعرف بعدم تسرعها، ويشتهر حزبها بانتصاراته الكبيرة في الانتخابات الأوروبية، كذلك حرصت على الرد على كل سياسات ماكرون غير الشعبية، وقوانين العمل الجديدة؟ "تدمير لفرنسا". إصلاح رواتب التقاعد؟ "سلسلة من الأشراك". وقدم أيضاً "الحشد الوطني"، الذي اعتاد توخي الحذر في تأييده مسيرات الاحتجاج، دعمه الرسمي لتظاهرات السابع عشر من نوفمبر.

العمال، والمتقاعدون، والعاطلون عن العمل، والسائقون: ممن يعيشون خارج المدن إلى غير الميسورين، تعرب مجموعات كثيرة مختلفة عن غضبها تجاه ماكرون، وبعدما كان شعبويو لوبان يركّزون على الهجرة فحسب، يكفي اليوم أن يتناولوا مصائب الشعب الفرنسي الاقتصادية ليحظوا على الأقل بآذان صاغية. قد يود ماكرون تذكر مَن واجه السنة الماضية في الجولة الثانية، لكن نتائج الانتخابات الأوروبية هذه السنة ستكون مختلفة كثيراً على الأرجح.

* بولين بوك

*«نيوز ستايتمنت»

back to top