لم تكن محبوباً في طفولتك؟ 5 سبل تساعدك

نشر في 06-11-2018
آخر تحديث 06-11-2018 | 00:00
تعود صعوبة التعامل مع النكسات والفشل والآلام العاطفيّة إلى نقصٍ في تلبية الحاجات العاطفيّة في مرحلة الطفولة عموماً، وهو شعور بعدم الحبّ أو التجاهل أو الرفض أو عدم الدعم، أو كلّها مجتمعةً. لا يعني ذلك أنّ من يأتي من عائلةٍ محبّة وداعمة لا يعاني الألم أو الضغط، فهو طبعاً يعيش صعوباتٍ، ولكنه يستطيع إدارة مشاعره ولا يميل إلى رؤية ما يحدث كانعكاس لذاته. ليست هذه حال الابنة غير المحبوبة التي تميل إلى رؤية الأمور السيّئة من حولها، كالمشاكل في العمل، أو إنهاء علاقةٍ وطيدة، أو حتّى الاضطرابات العامّة في الحياة، كدليلٍ على فشلها وإثباتٍ رأي والدتها (أو فرد آخر من عائلتها) فيها.
تسند النكساتَ إلى عيوب الشخصيّة. يسمّي علماء النفس هذه الحالة نقد الذات، وهي عادة يحرّكها العقل عبر عمليّات اللاوعي التي تسهم في اعتقاد أنّ كلّ سوءٍ يحدث جرّاء عيوبٍ متجذّرة في الشخص وغير قابلة للتغيير. أمّا من ترعرع في جوٍّ من الحبّ والقبول لشخصه ونال الدعم اللازم، فلا يتصرّف على هذا النحو إزاء المشاكل؛ هو يميل إلى النظر بتوازنٍ إلى الأمور، وربما يعترف بأخطائه بحزنٍ أو بألم، لكن من دون أن يحقّر نفسه. أمّا الابنة غير المحبوبة المبرمجة على نقد ذاتها فلا تعيش الحالة نفسها، بل تعاني كثيراً لتتعافى ممّا حصل. وليس أمراً مفاجئاً أن يؤدي نقد الذات، الذي يردّد صدى ما قالته لها وعنها أمّها أو أفراد عائلتها في طفولتها، إلى القلق والإفراط في التفكير عمّا حدث، فيبدو الوضع أكثر قساوةً. لذا ليس غريباً أن تشعر الابنة غير المحبوبة في أوقاتٍ كهذه وكأنّ ما من وسيلةٍ لإصلاح الأمور أو حتّى تحسينها.

لكنّك لست عاجزاً

عندما تدرك أنّ المشكلة التي تمرّ بها، رُفضت أو فشلت في مَهمّةٍ ظننتها مُهمّة أو أخطأت في إطلاق حكمٍ ما أو خسرت صداقة، تعاظمَت جرّاء ردّ فعلك تجاهها بسبب ما عشته في طفولتك، يمكنك أن تلجأ إلى طرائق معيّنة لتعزيز مرونتك. من المهمّ أن تتّخذ موقفاً حياديّاً وتستمع إلى الحوار الذي يدور في داخلك كما يفعل الغريب وتطرح على نفسك الأسئلة التالية:

• هل أركّز في الدرجة الأولى على لوم نفسي بدل أن أكون موضوعيّاً؟

• إلى أيّة درجةٍ من الواقعيّة أفهم ما يجري؟

• كيف يؤثّر ما عشته في طفولتي في حاضري؟

5 استراتيجيّات مفيدة... جرّبها

أظهرت الدراسات أنّ بإمكانك إعادة برمجة الإعدادات التي اكتسبَتها في الطفولة من خلال عمليّات تفكيرٍ واعية:

1 صوّب اهتمامك على مشاعرك

إذا كانت مشاعرك تأتيك بفيضٍ من القلق الشديد أو الذعر، حاول أن تواجه الأمواج هذه بعمليّات التفكير الواعية. اعمل على تصنيف مشاعرك، أي على إدراك ما تشعر به بقدرٍ معيّن من الدقّة. يساعدك تدوين مشاعرك، ثمّ اتبعها لتصل إلى مصدرها. لنفترض أنّك دخلت في خصامٍ محتدمٍ مع أحد المقرّبين إليك. بماذا تشعر تحديداً؟ هل هي مشاعر ناجمة عمّا حصل فعلاً أم أنّه رد فعلٍ لما عايشته سابقاً؟

2 توقّف عن تضخيم الأمور

إذا كنتَ تميل إلى التفكير المفرط، تكثر احتمالات أن تكون قلقاً بشدّة عمّا تتخايله أسوأ سيناريو. لن تجد وظيفةً أخرى ولن يحبّك أحد ولن يؤمن بقدراتك. ادّعِ أسوأ سيناريو ربما تعيشه ودعه يجلس ثمّ جادله وأشر إلى النقاط كافّة التي تتجاهلها أجوبتك التلقائيّة. وتذكّر أنّك تملك قدراتٍ كبيرة وأنّ والدتك كانت مخطئة. وتعرّف إلى النقذ الذاتي بمعناه الحقيقي.

3 إلجأ إلى إعادة التقييم المعرفي

في العادة لا أؤمن بأهمّيّة التفكير الإيجابي أو نهج «بوليانا»، لكنّ الدراسات أثبتت فاعلية التقييم المعرفي. ويعني وضع العاطفة جانباً والنظر إلى ما جرى ورؤية أنّه أقلّ تهديداً ممّا يبدو. لنعد إلى الخصام الحادّ على سبيل المثال. تنظر إلى الجدال فتدرك أنّ من كنت تخاصمه متوتّر مثلك تماماً، لذا خرجت كلمات غاضبة منكما. بدل أن ترى تحطيماً للعلاقة، جِد طريقةً لحلّ الأمور بهدوءٍ وفرصةً لتوطيد علاقتكما.

4 هدّئ صوت النقد الذاتي

اعمل على الاعتراف بأخطائك وتحمّل مسؤوليّة أفعالك من دون الاعتقاد بأنّها تعكس حقيقتك لأنّ هذا الأمر غير صحيح. واعلم أنّ ما قيل لك في طفولتك كان تلاعباً وليس صوت الحقيقة. واجه صوت الانتقاد وذكّر نفسك بنقاط قوّتك وصفاتك الحسنة. نعم، إنها خطوة صعبة لكنها ضرورية.

5 تعاطف مع نفسك

بدل أن تكون قاسياً مع نفسك، اعمل على رؤيتها كوحدةٍ بالكامل. لا تخلط بين التعاطف مع نفسك وبين الشفقة عليها لأنّهما أمران مختلفان. تقتضي الأولى أن تتقبّل نفسك وتتوقّف عن الحكم عليها. ويصعب هذا الأمر بشكلٍ ملحوظٍ لدى الأطفال غير المحبوبين فيحتاجون إلى قدرٍ لا بأس به من العمل. وتمرّ هذه المرحلة بسلاسةٍ إذا جمعتَ تمرين التعاطف مع النفس مع الاستراتيجيّات الأربع الأخرى.

يبقى أن الأخطاء والنكسات والفشل تشكّل جزءاً من الحياة فعلاً، ولكنها لن تطيح بك.

* بيغ ستريب

back to top