كيف نتفادى الحرب مع الصين؟

نشر في 17-10-2018
آخر تحديث 17-10-2018 | 00:00
 تايم تبين أن مَن انشغلوا قبل أيام بتأثير القاضي بريت كافانو في المحكمة العليا لعقود قصيري النظر، بما أن إدارة ترامب أقدمت على خطوة قد تؤثر إلى حد كبير في العلاقات الدولية لقرون. في استدارة لم تحظَ باهتمام كبير، اتخذت هذه الإدارة من الصين عدواً جيو-سياسياً كبيراً للولايات المتحدة بعبارات صريحة وعلى رأسها خطاب نائب الرئيس مايك بنس، وقد أدى هذا التغيير في المواقف (من الضروري ألا نخلط بين هذه الاستدارة و"الاستدارة نحو الهادئ" الأقل ضرراً التي أقدمت عليها إدارة أوباما) إلى إطلاق أجراس الإنذار من طوكيو إلى ملبورن.

نرى أن الصين تكتسب قوة جديدة وهدفاً سياسياً على الساحة الاقتصادية العالمية (مع استراتيجية الحزام الواحد والطريق الواحد)، تتبع استراتيجيات سياسية تستهدف معاقل ديمقراطية صامدة مثل هونغ كونغ وتايوان، تحقق إنجازات ثقافية عميقة (تبني صناعة أفلام ناشطة وثقافة رياضية قوية تمولها الدولة)، تفرض سيطرة صارمة على الشخصيات الصينية الدولية (اعتقال رئيس الإنتربول ونجمة سينمائية مشهورة عالمياً)، وتعتمد مقاربة أكثر حزماً بكثير في المنظمات الدولية (بما فيها إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية). علاوة على ذلك، تشكّل التقارير الأخيرة عن إضافة الصين أجهزة ذكية إلى اللوحات الأم المطلوبة دولياً مؤشراً واضحاً إلى نيتها تعزيز سيطرتها على سلسلة الإمداد السيبراني العالمية، التي تمثل طريق الحرير الفعلي في القرن الحادي والعشرين. وبما أنني أمضيت الجزء الأكبر من مسيرتي الطويلة في البحرية في المحيط الهادئ، فمن المذهل رؤية الصين تتحول من قوة بحرية من المستوى الثالث قبل بضعة عقود إلى خصم بحري صلب يتمتع بقدرات عالية، خصم أدرج الحرب الهجومية عبر الإنترنت في تدريباته، فضلاً عن أن جاهزيته أعلى بكثير من جاهزية الولايات المتحدة.

علينا أولاً أن ندرك حقيقة احتمال أن ينتهي بنا المطاف إلى حرب عالمية مع الصين إذا لم نتعاطَ مع هذه الرواية بعناية. لنضع هدفاً شاملاً: تعايش سلمي وإن لم يخلُ من النزاع أحياناً. من الضروري أن نواجه في المواضع الضرورية، مثل سيطرة الصين على المناطق في بحر الصين الجنوبي، سرقتها الملكية الفكرية، وممارساتها التجارية المجحفة جداً، ولكن ينبغي لنا أيضاً التعاون أينما أمكن، وخصوصاً في الشأن الكوري الشمالي، وإعادة إعمار سورية، والدبلوماسية الطبية، وإدارة الطوارئ، والتغير المناخي، والقطب الشمالي، ومجموعة من القضايا الدولية الأخرى.

من الضروري أن نحافظ أيضاً على تقدمنا التكنولوجي، وخصوصاً في مجال الإنترنت، ولكن فضلاً عن دولتينا، لا نغالي على الأرجح عندما نتحدث عن أهمية الهند الجيو-سياسية المحتملة، وخصوصاً إذا اجتمعت مع اليابان، فبتعاوننا مع هاتين الديمقراطيتين القويتين، ترتفع إلى حد كبير فرص نجاحنا في توليد نوع من التوازن مع دولة الصين التي تزداد بروزاً. صحيح أن علاقتنا مع اليابان قوية (بما فيها معاهدة دفاع مشترك)، إلا أن روابطنا مع الهند أكثر توتراً وتعقيداً عقب تاريخ طويل من عدم الثقة، لذلك من الأهمية بمكان أن نبني علاقة قوية متماسكة مع الهند، التي يحتمل أن تكون الأمة المهيمنة على القرن الثاني والعشرين.

أخيراً، يجب أن تقوم مقاربتنا الاستراتيجية على تقبّل الخيارات التي تتخذها الصين وألا نسمح للمشاعر أو العقيدة بأن تحفز علاقتنا. لعل أفضل كتاب عن القيادة وُضع The Godfather (العراب) لماريو بوزو، الذي نرى فيه مراراً أن علينا ألا نقع في خطأ كره عدونا لأن ذلك يشوش في النهاية حكمنا. ستتخذ الصين خياراتها الخاصة بشأن حوكمتها الداخلية وبنى مجتمعها، وينبغي للولايات المتحدة أن تتقبل واقع أنها لا تستطيع تغيير ذلك. نحتاج إلى علاقة عملية مع الصين تقوم على التعاون غالباً والمواجهة أحياناً وتتفادى حرباً كبرى أولاً وأخيراً، ولا شك أن إقامة هذا الرابط سيشكّل الحافز الرئيس للمنحى الذي سيتخذه هذا القرن المضطرب وما بعده.

* جيمس ستافريديس

* «تايم»

back to top