«فنجان قهوة» البغدادي

نشر في 28-09-2018
آخر تحديث 28-09-2018 | 00:06
 حمدة فزاع العنزي اعتاد الجميع شرب القهوة ووجودها بين الجلّاس والمتحدثين، فهي عامل يساعد في إعطاء مثل هذه الجلسات طابع الاندماج والإنصات من زمن القدم، وها هي من جديد قهوة البغدادي بنفجان معاصر وطعم تراثي يحمل بين طياته العديد من الكتابات التي تجذب ببساطتها وعمق معناها، كل من رشف الرشفة الأولى منها.

القليل من كتّاب الحاضر والمعاصرة من يضع هدفاً لكتاباته ويغلفها بأطر أدبية جاذبة لعقول وألباب المطلعين على هذه الكتابات، لكن نجد أن قهوة البغدادي جاءت بهذا الإطار والمعنى القانوني الذي تحمله أنفاس الكتابات في هذا الفنجان، حيث كان الجاذب منها هو كيفية تناول قانون الطفل والإساءة له بالتعدي على حقوقه وضياعها بين رغبات الظهور ونزاعات الوجود التي باتت تسعى إليها العديد من الأسر، متناسية أن هذا الطفل شريك في المجتمع، وله حقوق كما عليه واجبات نطالبه بها، متناسين حقوقه الوجودية في أن تكون له مساحات ومسافات يجب مراعاتها رغم صغر سنه، فقد تنتهك هذه الحقوق في المنزل وبين الأسرة، وقد تضيع خلف أبواب المدارس وجدران فصولها.

ومن الجميل تناول مثل هذه الحقوق من طرف قانوني متخصص في زمن انتشرت فيه التفاهات الكتابية، فقد اعتدنا على القوانين وصياغتها بأن المادة رقم كذا تنص على كذا من غير مراعاة الجموع التي تتعامل مع مثل هذه النصوص، وعدم إلمامها بكيفية توضيح هذه القوانين، فقد كان السبيل لهذه التوضيحات حين سعت مؤلفته القانونية الأستاذة منال البغدادي إلى تسهيل القانون وتوضيحه من خلال هذا الكتاب، حيث شمل الجوانب النفسية والقانونية للكثير من المواضيع التي نحتاج التذكير بها بين حين وآخر، وخصوصا في زمن الانشغال الإلكتروني والغفلة القانونية.

"فنجان قهوة" البغدادي هو الطريق الذي رسم القوانين بأسلوب أدبي مشوق لاكتشاف ما تبقى بين صفحاته من معلومات، كما هي القهوة التي ترتشف وترتشف حتى نصل إلى نشوة الاستمتاع واللذة الفكرية التي أعطتها حقها ببساطة الكلم واشتمال المعنى وسلاسة أسلوب مؤلفته.

نحتاج إلى المزيد من هذه المؤلفات التي تخدم هدفا وغاية وتوضح الكثير من الأمور المبهمة التي نقرؤها لعلنا نجد بين طياتها ما يدلنا على مفتاح الفهم المنشود منها.

استرجعت من قهوتها الكثير مما فقدت، فلعلني أستزيد من رشفاتها في المستقبل القريب في كتابات قانونية بإذن الله.

back to top