مكافحة الفساد

نشر في 15-09-2018
آخر تحديث 15-09-2018 | 00:09
 أحمد قبازرد بالرغم من تعاقب فضائح الفساد بشكل متسارع في الكويت لا نجد هناك استراتيجية وخطة عمل واضحتين من قبل الحكومة أو مجلس الأمة للقضاء على انتشار هذه الظاهرة التي تعد من أهم العوائق أمام تحقيق نمو اقتصادي مستدام وعدالة اجتماعية.

آخر الفضائح عند كتابة هذا المقال سرقة مليون متر مربع من أراضي الدولة بتراخيص مزورة، وخبر إحالة «نزاهة» وكيلاً سابقاً في وزارة الصحة وآخرين إلى النيابة العامة، وإحالة قيادي سابق في «كاسكو» إلى التحقيق، وقبلها فضيحة الشهادات الدراسية المزورة.

أمثلة أخرى لسلسلة الأخبار: تزوير الجناسي و«فيز» الزيارة وأذونات العمل وتجارة الإقامات، وفساد في التوظيف والترقيات والالتزام بالدوام، فساد في البلدية والصحة والعلاج في الخارج، وتوزيع القسائم الزراعية، قضايا التأمينات وصندوق الموانئ، وتضخم بند الهدايا والضيافة لعدة وزارات، التحقيق في تنفيعات في وزارة الأوقاف، تضخم أرصدة وملكيات عقارية لنواب سابقين وسرقة مستندات من ملفات القضايا في المحاكم.

تخرج لنا كل فضيحة نتداولها في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف لمدة قصيرة حتى تأتي فضيحة جديدة ننشغل بها لتغطي على أخبار الفضيحة التي سبقتها فننساها ولا نسمع مستقبلاً عن أية متابعة لإجراءات اتخذت أو أحكام صدرت.

وبالرغم من غرق البلاد في بحر من الفساد وهبوط ترتيب الكويت في مؤشر مكافحة الفساد مقارنة مع دول العالم من المرتبة 35 في سنة 2003 إلى المرتبة 85 في سنة 2017 وخسارة الاقتصاد الوطني مليارات الدنانير، حسب الدراسات الاقتصادية، نتيجة لآفة الفساد، نجد بيننا ولأسباب غير معروفة من يُهوِّن الأمر ويشتت الأفكار بكلام مثل: «الفساد موجود في كل مكان بالعالم»، أو بالتعليق على النشطاء ضد الفساد «من يسمعهم يقول إن الكويت تصدر الفساد لدول العالم»، أو التشكيك في مصداقية منظمة الشفافية الدولية كأنها منظمة أنشئت فقط لانتقاد دول العالم الثالث لا لمكافحة الفساد على مستوى العالم لزيادة نمو الاقتصاد العالمي. الفساد والبيروقراطية يشكلان تهديدين خطيرين على الاقتصاد الوطني على المدى البعيد. ويجب علينا أن نتعظ من فنزويلا والتي بالرغم من ملكيتها لأحد أكبر الاحتياطيات النفطية في العالم أصبح الفنزويليون لاجئين في دول الجوار يعملون في تنظيف المراحيض حسب مقولة الرئيس الفنزويلي، وذلك نتيجة لسوء الإدارة وتفشي الفساد.

وحفاظاً على مستقبل الكويت ورفاهية الأجيال القادمة يجب على الدولة وضع استراتيجية ومنهج عمل واضحين للقضاء على الفساد المستشري في البلد. ويمكننا في هذا المجال أن نتعلم الكثير من الدول التي سبقتنا ونجحت في القضاء على الفساد مثل سنغافورة لكن من أهم الخطوات التي يجب القيام بها للبدء بعملية الاصلاح في الكويت هي سن تشريعات تمنع السلطة التنفيذية من منح العطايا والتسهيلات لأعضاء السلطة التشريعية بشكل انتقائي مما يؤدي إلى تحكم السلطة التنفيذية في مجلس الأمة؛ فمجلس الأمة لم يقم حتى الآن بسن أي تشريع يمنع تكرار ما أصبح يعرف بقضية النواب القبيضة، ولم نسمع عن حل لموضوع الراتب الإضافي الذي تم صرفه لبعض النواب دون آخرين، يجب دفع رواتب ومخصصات مجزية للنواب لتلبية كل متطلباتهم المادية ولكن بناء على قانون شفاف يساوي بين جميع النواب في كل المزايا والعطايا بدون أي استثناء.

كذلك فإن تضخم الجهاز الحكومي وتعقيدات البيروقراطية الحكومية يشكلان أرضية خصبة لخلق عوائق للمواطن بحيث يكون أعضاء مجلس الأمة في حاجة للجوء للسلطة التنفيذية للحصول على استثناءات لناخبيهم لدرجة أننا بدأنا نسمع عن مصطلح «مجلس المراسلين».

احتياجات المواطنين والتعقيدات البيروقراطية يجب تناولها بشكل منهجي في مجلس الأمة بوضع التشريعات اللازمة لإصلاح مواضع الخلل في الإدارة الحكومية بحيث تصبح الخدمات متوافرة لجميع الموطنين بعدالة ومساواة للقضاء على ظاهرة نواب الخدمات، وذلك حتى يتمكن مجلس الأمة من القيام بدوره الرقابي بالشكل السليم.

back to top