بينيلوبي كروز: أنا محظوظة وفي داخلي بركان

• يُزعجها أن ينصبّ التركيز على مراقبة أزياء الممثلات في المناسبات

نشر في 25-08-2018
آخر تحديث 25-08-2018 | 00:02
درع من الصلابة أو من النعومة: أيهما يصعب اختراقه؟ بابتسامة آسرة ولطافة فائقة، بقيت بينيلوبي كروز غامضة أكثر من أية نجمة أخرى. كانت المقابلة معها أشبه بلعبة القط والفأر، فقد وجدت هذه الممثلة الشهيرة التي تمثّل ماركة «لانكوم» توازناً غريباً كان أشبه بسماء عاصفة بين عدم الكشف عن أي تفاصيل عن حياتها الخاصة وبين التعبير طوعاً عن عواطفها. قالت بنبرة هادئة: «في داخلي بركان»! هي كتلة من الرغبات والمخاوف المتضاربة: تحت شمس إسبانيا، تحدّثت بينيلوبي إلى آن صوفي توماس من «ماري كلير» عما يؤثر بها...

لهذه المرأة حضور قوي وناعم في آن. ليست طويلة ولا قصيرة... هي جميلة جداً. لها انحناءات بارزة من جهة وملامح ناعمة من جهة أخرى. تبدو مؤثرة على أرض الواقع بقدر ما هي عليه في أعمالها السينمائية. كانت تحدّق في الفراغ أحياناً في حين يتحرك الجميع من حولها: مصفف الشعر، وخبير المكياج، والمصور، ومدير أعمالها: هي لا تعمل إلا مع أشخاص أوفياء! هكذا مر اليوم من دون مشاكل. بدت جذابة لكن متّزنة واتسمت بنفحة درامية بعض الشيء. كانت بينيلوبي وزوجها خافيير باردم من القلائل الذين رفضوا المشاركة في حملة هوليوود ضد وودي آلن. فقالت كروز «لندع العدالة تأخذ مجراها»، علماً بأنها التزمت في الوقت نفسه بدعم مؤسسة «تايمز آب» التي تموّل قضايا ضحايا العنف الجنسي. هي تفضّل الأفعال الملموسة على المواقف الأخلاقية النظرية. كيف يمكن اختصار بينيلوبي كروز؟ إنها كتلة من العواطف والرغبات والمتعة والمخاوف المتشابكة. إنها خيال ملموس جداً وحلم واقعي!

أنهيتِ للتو حملة ترويجية مكثفة لفيلم Everybody knows (الجميع يعرفون) للمخرج أصغر فرهادي. لكنك اليوم هنا للتعبير عن نفسك. هل تستمتعين بالتكلم عن نفسك أم تخشين هذا الموقف؟

يمكن أن يكون أي يوم مماثل ممتعاً جداً. أعمل مع ماركة «لانكوم» منذ أكثر من ثماني سنوات وقد طوّرتُ علاقات وثيقة مع فريق العمل. أعتبر هذا الجانب جزءاً من عملي كممثلة، فأتساءل عن مكان الكاميرا وعن القصة التي نريد سردها. لا أجسّد شخصية مختلفة، لكني لستُ أنا في الوقت نفسه. إنه شعور غامض! أهتم بهذا العمل أيضاً لأنني أراقب وأتعلم. سبق وأخرجتُ بعض الإعلانات وفيلماً وثائقياً وأنوي إخراج أعمال أخرى مستقبلاً.

هل يمكن أن يكون فيلماً؟

نعم، فيلم طويل. لا أعرف متى سأحقق ذلك لكني متأكدة من أنني سأفعلها يوماً. أرغب في ذلك منذ أن كنت في عمر السادسة عشرة. أنا من برج الثور ويُقال إن هذا البرج يتأثر كثيراً بالعوامل البصرية. هذه المعلومة تنطبق عليّ فعلاً. في مهرجان «كان»، ساد جدل واسع حول التوازن بين الحفاظ على صورة النجوم المثالية والسينما التي تعبّر عن الشخصية الفنية. قد يكون هذا الجدل ملخّصاً وافياً لحياة أية ممثلة، أي السعي إلى إيجاد التوازن بين السحر الخارجي والفن. إنهما ظاهرتان مختلفتان بالكامل من وجهة نظري. حين أصوّر، لا أهتم بجمالي بل أُبقي غروري في منزلي. لكن يختلف الوضع عند تقديم فيلم في مهرجان. لا أجد مشكلة في تحضير نفسي وتصفيف شعري وارتداء أثواب من أهم المصممين. لكني أتأسف لأن التركيز يتحوّل دوماً من مطالبات الحركات النسائية التي تكثفت هذه السنة إلى مواضيع سخيفة مثل مراقبة ما نرتديه في المناسبات.

في فيلم Everybody knows، قبلتِ أن تُروّجي للعمل مع زوجك. هل استمتعتِ برؤية الصحافيين وهم يضغطون على نفسهم كي لا يطرحوا عليكما أسئلة شخصية؟

لا يحصل ذلك إلا في هذه الظروف، أي حين نمثل معاً في الفيلم نفسه. نحن لا نكرر هذه التجربة كثيراً لأننا لا نحبّذ هذه المواقف. لكن كان الصحافيون رائعين فكرروا سؤالاً واحداً: «كيف يكون العمل المشترك بين زوجين»؟ بكل صراحة، لا تتغير التجربة كثيراً.

في هذا الفيلم وفي دور دوناتيلا فيرساتشي في American crime story (قصة جريمة أميركية)، تجسدين شخصيات قاتمة وأقل براءة مما كنت تفعلين في الماضي. هل تتغير خياراتك مع التقدم في السن؟

لا أوافق على ذلك. منذ السنة الأولى، شاركتُ في فيلمَي Jamón Jamón وBelle Epoque (حقبة جميلة) حيث قدّمتُ شخصيتين مختلفتين جداً وشكّلتا ركيزة لمسيرتي التمثيلية. ثم جعلني بيدرو (ألمودوفار) أؤدي دور امرأة حامل تحمل فيروس الإيدز في All About My Mother (كل شيء عن أمي)، وكان هذا الدور غير مألوف بالنسبة إلى ممثلة في عمر العشرين. كان بعض الشخصيات أكثر صعوبة طبعاً لكني أُسَرّ كلما زادت تعقيداً.

حماسة هدوء

هل تحبين المصاعب؟

أظن أن الممثلين كلهم يحبونها. أحب ألا أعرف كل شيء وأن أشعر بالضياع. إنه أشبه بمخدّر لي. هكذا أشعر بأنني ما زلت تلميذة. يعني التمثيل درس العواطف البشرية. إنها مسيرة لامتناهية.

كيف تبدئين التصوير؟ هل تشعرين بالحماسة أم الذعر؟

في مشروع سابق، بكيتُ في الليلة التي سبقت بداية أحد أفلامي. كنت تحضّرتُ طوال أشهر وحان الوقت كي أنسى كل شيء وأنطلق من دون أن أخشى وقوع السخافات. تكون الأيام الأولى مرعبة دوماً. لكن حين أعمل جيداً، تصبح الشخصية جزءاً مني. إنها أفضل وسيلة لتقديم عمل مثير للاهتمام. يجب أن تكون التجربة حية ومليئة بالمفاجآت.

هل اكتشفتِ أن مهنة التمثيل مشابهة لما كنت تتخيّلينه؟

بدأتُ أحلم بهذه المهنة في عمر الحادية عشرة. لكن حين شاركتُ في فيلم Jamón Jamón، شعرتُ بأن التجربة أفضل مما توقعت. وفي نهاية التصوير، انتابني الخوف، بل الرعب، مما سيحصل بعد انتهاء هذا الفيلم. كان الشعور قوياً جداً: ما الذي سأفعله إذا لم أتمكن من عيش هذه التجربة مجدداً؟ لكني شاركتُ سريعاً في تجارب أداء أخرى، وتلقيتُ أول مفاجأة عندما حصدتُ ردود فعل إيجابية.

هل أصبحتِ أكثر هدوءاً مما كنت عليه؟

تحسّن وضعي الآن لكني عملتُ على نفسي كثيراً عبر ممارسة اليوغا والتأمل. حين أشاهد بعض الأشخاص الذين ينجحون في الحفاظ على هدوئهم في الظروف كافة، أحسدهم فعلاً. لكني لو لم أكن ما أنا عليه، ما كنت لأستمتع بالحياة بهذا القدر. أحب تناول المأكولات اللذيذة واقتناء منزل وتأمل المناظر الجميلة... إذا أردتُ التكلم عن ميزة لديّ، يمكن أن أقول إنني أجيد الاستفادة من الأمور كافة. أنا محظوظة فعلاً!

لكنك توحين بالهدوء الذي تحسدين الآخرين عليه...

أضحك حين أسمع هذا الرأي من الناس... في داخلي بركان!

ما الذي يؤثر بك أكثر: المخاوف الوجودية الكبرى أم هموم الحياة الصغيرة؟

أتأثر بجميع المسائل: الكبرى والمتوسطة والصغيرة! هذه هي طبيعتي. في عمر الشباب، يقلقنا بعض المواضيع؛ وخلال الطفولة، نكتشف مواضيع أخرى. مع مرور الوقت يختفي بعضها ويتراكم بعضها الآخر...

في اللحظات العصيبة، هل تنفجرين غضباً أم تنزوين في مكان معزول؟

قد أميل إلى الغضب أو الحزن. لا أجد مشكلة في البكاء، بل إني أعتبره صمّام أمان بالنسبة إلي. لكني أبدي ردة فعل معينة بشكل عام. كنت أقلق مثلاً بشأن تغذية ولديّ وتغذيتي الخاصة لكني أصبحتُ مطّلعة جداً في هذا المجال. أعشق التعلم!

تدرّبتِ على الرقص. لا شك في أن هذه التجربة علّمتك الانضباط.

حين بدأتُ التمثيل، في عمر السادسة عشرة، كان الآخرون يندهشون من قدرتي على تحمل البرد طوال ساعات حين كنت أرتدي ملابس صيفية في شهر يناير... تدرّبتُ على الرقص الكلاسيكي لسنوات، لذا أعتبر أي أمر آخر سهلاً مقارنةً بتلك التجربة. لم أرقص منذ فيلم Nine (تسعة) للمخرج روب مارشال، لكني أتمنى أن أشارك مجدداً في كوميديا موسيقية.

هل تقدرين على عدم فعل شيء؟ ما هو مفهومك للعطلة؟

أفضّل تمضية الوقت على الشاطئ! أعطوني رمالاً نظيفة وماءً نظيفة ووجبة طعام، ويمكنني أن أبقى في مكاني لعشر ساعات متواصلة من دون أن أفعل شيئاً إلا الذهاب من وقت لآخر لترتيب نفسي.

في ما يخص الجمال، ثمة ثلاثة احتمالات: النضال، واللعب، والقبول. ما هي استراتيجيتك؟

سأقول النضال! لكني لا أحب هذه الكلمة. بل يتعلق الهدف الحقيقي بمساعدة الذات عبر تلقي تغذية مناسبة وممارسة الرياضة واختيار منتجات فاعلة. عند استعمال منتج Génifique مثلاً، يكفي أن نجربه مرة كي نلاحظ الفرق.

وجه مثالي

تمثّل بينيلوبي كروز ماركة «لانكوم». تقول في هذا الشأن: «حين أتكلم عن منتج معيّن، أعرف ما أقوله! فضلاً عن أنني مرتبطة عاطفياً بهذه العلامة التجارية. أستعمل عطر Trésor منذ عمر السادسة عشرة. كنت طلبتُ من والديّ تقديمه لي في عيد ميلادي بعدما شاهدتُ إعلانات إيزابيلا روسيليني. أشعرني هذا العطر بأنني امرأة حقيقية... حلمتُ كثيراً بسبب تلك الصور. حين قابلتُ إيزابيلا، لم أكف عن معانقتها. إنه انطباع سحري! لذا كان التحول إلى وجه ترويجي لهذا العطر قيّماً جداً بالنسبة إلي».

هل يهم كروز أن تعكس صورتها العامة حقيقتها أم أنها تضع قناعاً لحمايتها؟ توضح: «من الضروري أن تعكس تلك الصورة جزءاً من الحقيقة، علماً بأننا لا نستطيع إرضاء الجميع طبعاً. لكني لا أكشف عن حقيقتي كلها ولا أتكلم عن حياتي الخاصة وعائلتي وأصدقائي. حصل هذا الفصل بين العالمَين تلقائياً. نتعلّم في هذا المجال أيضاً ألا نأخذ آراء الناس عنا على محمل الجد، حتى لو صدر منهم إطراء. في السينما يبدو كل شيء غير متجانس بسبب حجم الشاشة، فتُطرَح المسائل الجيدة والسيئة في الإطار نفسه».

تختم النجمة العالمية، متحدثة عن المستقبل: «ستبقى الأولوية لعائلتي. أريد أن أكون أماً صالحة. لكني أريد خوض تجربة الإخراج أيضاً. أحتاج إلى السينما... لا أستطيع تغيير ذلك».

في سطور

ولدت بنيلوبي كروز عام 1974 في مدريد عاصمة أسبانيا. شاركت في طفولتها في إعلانات تلفزيونية، ودرست الباليه الكلاسيكي لمدة تسع سنوات في المعهد الوطني الإسباني، وتدرّبت مع راقصين بارزين. في الخامسة عشرة من عمرها شاركت في اختبار للمواهب وتفوقت على 300 فتاة، وأدت أدواراً في برامج تلفزيونية إسبانية مثل (1992) Framed.

خطت كروز خطوتها الأولى في السينما في فيلم (1992) Belle Epoque الذي حاز جائزة الأوسكار، وفي العام التالي شاركت في The Greek Labyrinth. كذلك شاركت عام 1997 في فيلمي Open Your Eyes (خيال علمي) وLive Flesh للمخرج الإسباني بيدرو ألمودفار، وفي (1998) The Girl of Your Dreamsوفازت عن دورها فيه بجوائز عدة.

عام 2000 شاركت في الفيلم الأميركي Woman on Top، وتتالت بعده سلسلة أفلامها الأميركية من بينها: (2001) Blow مع الممثل جوني ديب، وAll The Pretty Horses مع مات ديمون، وVanilla Sky مع توم كروز وكاميرون دياز.

كذلك من أبرز أفلامها: (2002) Waking Up in Reno، و(2003) Gothika، وHeading (2004) the Clouds، و(2005) Sahara...

عام 2006 شاركت في الفيلم الإسباني Volver ورُشحت عنه لجائزة الأوسكار عن فئة أفضل ممثلة دور ثان. في عام 2008، شاركت في فيلم Vicky Cristina Barcelona وتعرّفت خلاله إلى زوجها خافيير باردم الذي شاركها البطولة وفازت بجائزة الأوسكار عن أفضل ممثلة دور ثان فيه.

عام 2009 رُشحت لجائزة الأوسكار للمرة الثالثة عن دورها في Nine، وفي العام ذاته شاركت في Broken Embraces وفي أداء صوت إحدى الشخصيات في الفيلم العائلي G-Force.

عام 2010 شاركت في Sex and the City 2 وفي الجزء الرابع من سلسلة أفلام قراصنة الكاريبي Pirates of the Caribbean: On Stranger Tides مع جوني ديب (2011)، وفي To Rome with Love مع المخرج وودي ألين (2012) وفي بطولة Twice Born.

من برج الثور وأحبّ تناول المأكولات اللذيذة وتأمّل المناظر الجميلة

أريد خوض تجربة الإخراج

لا أكشف عن حقيقتي كلها ولا أتكلم عن حياتي الخاصة وعائلتي وأصدقائي
back to top