الوزير... ابن الوزير

نشر في 11-08-2018
آخر تحديث 11-08-2018 | 00:03
 خالد ربيعي في مصر، تجد ابن القاضي وكيل نيابة، وابن أستاذ الجامعة معيداً فيها، وابن الطبيب الكبير طبيباً، وابن مدير البنك مديرا لفرع البنك نفسه!

إنه التوريث، توريث الوظيفة وتأمين مستقبل الابن حتى لو على حساب رغبته وميوله الحقيقية أحياناً، والحقيقة أن بعض هذه النماذج ينجح ويصنع لنفسه اسماً، بعد أن يفك ارتباطه- المعنوي- بوالده، محاولاً إثبات ذاته وإظهار قدراته الخاصة.

وفي البحث في التشكيلات الوزارية في مصر بعد عام 1952 وجدت أن بعض الوزراء في السنوات الأخيرة هم أبناء وزراء سابقين، والطريف أن تجد أن بعض الوزراء (الأبناء) تولوا الوزارة نفسها التي تولاها آباؤهم من قبل! فمثلاً الوزير عماد بدرالدين غازي، الذي عيّن وزيراً للثقافة عقب ثورة 2011، هو ابن وزير الثقافة الأسبق بدرالدين غازي في عام 1970، ووزير الثقافة في حكومة أحمد شفيق (2011) محمد عبدالمنعم الصاوي، الذي ظل في منصبه 15 يوماً فقط، هو ابن عبدالمنعم الصاوي وزير الإعلام والثقافة عام 1977، ووزير التعليم العالي في حكومة أحمد نظيف الأولى (2004) د. عمرو عزت سلامة هو ابن وزير الإسكان، وزير التعليم العالي بين عامي 1964 و1966، عزت سلامة.

وفي حكومة نظيف الثانية (1/ 2006) تم تعيين حاتم الجبلي وزيراً للصحة، وكان والده مصطفى الجبلي وزير الزراعة عام 1972 بحكومة عزيز صدقي الأولى، وفي عام 1986 أصدر الرئيس مبارك قراراً بتعيين زكي بدر وزير الداخلية خلفاً للوزير أحمد رشدي، وفي عام 2010، وقبل ثورة يناير 2011، عيّن مبارك أيضاً د. أحمد زكي بدر وزيراً للتربية والتعليم، أما وزير السياحة السابق زهير محمد جرانة، الذي عيّن في حكومة نظيف الثانية، فهو ابن وزير الشؤون الاجتماعية عام 1952 محمد جرانة.

في حين نبيل فهمي وزير الخارجية في حكومة حازم الببلاوي (7/ 2013) هو ابن وزير الخارجية الأشهر إسماعيل فهمي، بين عامي 1973 و1977، والذي استقال بعد مبادرة السادات بالذهاب إلى إسرائيل، وفي حكومة شريف إسماعيل (2/ 2017) عينت هالة السعيد وزيرة للتخطيط والمتابعة، وهي ابنة وزير الكهرباء السابق محمد السعيد.

والأسئلة التي تتصارع إلى الظهور هنا: ما المعايير والأسس التي يتم على أساسها اختيار أبناء الوزراء وزراء؟ وهل يمكن أن تخلو هذه المعايير من المحسوبية أو المجاملات أو الترضيات أياً كان نوعها؟ وهل يتم تعيين الوزراء أبناء الوزراء، بناء على كفاءة وقدرة وتميّز ورؤية مستقبلية لتطوير العمل الوزاري؟ وهل تساعد نشأة الوزير الابن في بيت وزير في تكوين شخصية "وزارية" لها رؤيتها الخاصة وقدرات فذة، تؤهل الابن ليكون في هذا المنصب الحساس؟ وهل عقمت الجامعات والمراكز البحثية والمؤسسات المتعددة عن توفير كوادر وزارية (صف ثان) حتى نلجأ لاختيار ابن الوزير وزيراً؟

تساؤلات مشروعة، عسى أن تكون لها إجابات عند أهل الحل والعقد.

back to top