خاص

هارون جنية لـ الجريدة.: الخطاب الصوفي همّش الجماعات المتشددة في تشاد

«الثقافة الدينية في البلدان العربية منهارة»
انتشار الطرق الصوفية في دول إفريقيا وراء قوة الثقافة الإسلامية هناك

نشر في 01-06-2018
آخر تحديث 01-06-2018 | 00:00
هارون جنية متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
هارون جنية متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
أكد مفوض المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية لدولة تشاد في مصر، الدكتور هارون جنية أبو تيس، أن بلاده من أكثر الدول التي اكتوت من الفكر المتشدد، غير أن الطرق الصوفية استطاعت مواجهة الجماعات المتشددة وإبطال تأثيرها فكرياً واجتماعياً، وتهميش دورها تماماً في المجتمع.
ورأى أبوتيس، المتخصص في الشريعة والقانون، خلال مقابلة مع "الجريدة" أثناء زيارته أخيراً للقاهرة، أن الثقافة الإسلامية في البلدان العربية تعاني حالة انهيار، وإلى نص المقابلة:
● ما دور مفوض المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية؟

- هو المسؤول عن دعم العلاقات بين المؤسسات الدينية والخيرية في دولة تشاد ونظيراتها في الدولة التي يقيم فيها المفوض والمشاركة في المؤتمرات الدينية.

● ماذا عن وضع الإسلام لديكم؟

- تشاد دولة إسلامية، رئيسها مسلم، والمسلمون فيها يشكلون نحو 85 في المئة من إجمالي تعداد السكان، لكن الحكم فيها علماني، وهذا النظام حقق التعايش السلمي بين الشعب، رغم تنوع العرق والدين، حيث تطبيق مبدأ الدين لله والوطن للجميع وأصحاب الديانات الأخرى في تشاد على وعي تام والتزام بمبادئ المواطنة والتعايش السلمي، لذلك لا نواجه مشاكل طائفية.

● البعض يرى أن المؤسسات الدينية مقصرة في أداء دورها، مما يجعل الشباب يلجأون إلى أصحاب الأفكار المتشددة... فما تعليقك؟

- في اعتقادي أن الإرهاب زرعته حكوماتنا، حيث الضغط والتضييق على الجماعات الدينية بدلا من احتواء الشباب قبل أن يقعوا فريسة لهذه الجماعات الإرهابية، ولذلك نجد الشباب يهربون إلى الخارج ويرتمون في أحضان الجماعات المتطرفة، ونحن نحمل هذه المسؤولية للحكومات وليس لرجال الدين، فأهل الدين وجهوا ووعظوا وأرشدوا للطريق القويم، لكن كما يقول الله تعالى: "إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ".

● كيف ترى الثقافة الإسلامية في البلدان العربية والإسلامية؟

- الثقافة الإسلامية الآن وصلت إلى حالة الانهيار، وخصوصا في البلدان العربية، فالثقافة السائدة تنافي أخلاقيات الدين من تهوين تام أو تشدد وتزمت وأرى أن الدول الإفريقية مازالت متمسكة بتعاليم الدين إلى حد ما، نظراً لانتشار التصوف هناك.

● الطرق الصوفية متغلغلة في إفريقيا، فماذا عنها في تشاد؟

- السادة الصوفية لهم دور مهم وعظيم في نشر الأخلاق والسلوكيات الفاضلة بين الشعب التشادي، فدور الصوفية توعوي مجتمعي.

● حدثني عن دور التصوف في الدول الإفريقية؟

- دور إيجابي، لكن يشوبه بعض السلبيات، لكننا نجد أن انتشار الطريقة التيجانية في إفريقيا يقضي على هذه المظاهر ويحقق التوازن الروحاني للإنسان انطلاقا من الفكر الإسلامي الصحيح، فالصوفية تعكس خير الإسلام وسماحته.

● هل يستطيع الخطاب الصوفي أن يواجه الخطابات المتشددة والمتطرفة؟

- نعم، فالتصوف يعالج التطرف ببث الروح الإسلامية والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، فالإنسان عندما تجادله بإقناع يستجيب أما الضغط فيولد الانفجار، وعندما يتم القبض على الإرهابي ويسجن سنوات ثم يخرج مدعياً أنه تاب عن فكره القديم فإن هذا غير صحيح، لأن المرض مازال داخله ويحتاج إلى غسل كامل للتخلص من الفكر السيئ المريض، والصوفية هي التي تغسل هذا المرض.

● هل للثقافة الإسلامية لدى الشعب التشادي حظ وافر أم أنها ضعيفة؟

- متوسطة، وهي نتاج تراكمات سابقة أبرزها الاستعمار الفرنسي للبلاد، ما أوجد الثنائية اللغوية، ونعمل راهنا على الارتقاء بالثقافة الدينية لدى الناس لنشر صحيح الدين، فقراءة الكتب الدينية – مثلاً - حتى الآن في تشاد ضعيفة.

● ماذا عن المناهج الدينية في المدارس؟

- منتشرة، ونستعين بالأزهر الشريف في وضعها.

● هل تعاني تشاد من الجماعات المتطرفة؟

- عانينا أكثر من أي دولة، ليس من التطرف، لكن من الفكر الوهابي، فالوهابية زرعت في بلادنا.

● كيف تتعاملون معهم؟

- كنا نحاورهم ونجري معهم مناظرات إلى أن ظهرت جماعة "بوكو حرام" فاكتشف المجتمع أن اتباع هذه الجماعة خرجوا من الفكر الوهابي، ولديهم جمعيات تحمل شعارات إسلامية والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية استطاع مواجهتهم، فهم موجودون الآن لكن ليس لهم دور أو تأثير.

● برأيك، كيف نوفر ثقافة إسلامية سهلة وصحيحة يقبل عليها النشء؟

- المطلوب العودة إلى الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم)، أي الالتزام بالكتاب والسنة وتطبيق التعاليم والمبادئ الدينية السمحة.

● ماذا عن الكتاتيب؟

- لها دور عظيم وهي منتشرة في تشاد، وكل سنة تخرج كتاتيب منطقة واحدة 1500 حافظ للقرآن الكريم، حيث لا يقل عدد تلاميذ هذه المراكز والكتاتيب في كل منطقة عن ألفين أو ثلاثة آلاف تلميذ، وهي تجربة ناجحة.

حكوماتنا لا المؤسسات الدينية سبب انتشار التطرف بين الشباب
back to top