فاتن حمامة... كرسي الاعتراف (12- 31)

نشر في 28-05-2018
آخر تحديث 28-05-2018 | 00:05
فاتن حمامة
فاتن حمامة
بينما تتصفح فاتن حمامة ألبوم صور زوجها عز الدين ذو الفقار، أصابتها الصدمة وتوقفت فجأة إزاء صورة لشاب بالزي العسكري. صورة تعرف صاحبها جيداً لأنها محفورة في ذاكرتها، صورة لشخص لم يكن من بين أشقاء عز الدين، لأنها لم تره، ولم يتحدث إليها زوجها عنه. كما لم يكن بالطبع من العاملين في السينما، أو من أصدقاء عز الدين من الجيش، فهو ضابط شرطة.
ربما كان صديقاً لشقيق عز الدين ضابط الشرطة صلاح، لكنها تعرف صاحب الصورة جيداً، وتعرف اسمه، إنه «كمال» ضابط الشرطة الذي كان ينتظرها إزاء باب المدرسة، وكتب لها أول خطاب غرامي في حياتها، وحاول أن يتقدم لطلب يدها، غير أن والدتها مزّقت خطابه، ما اعتبرته فاتن رداً على طلبه، ليختفي بعدها من حياتها. إلا أنها لم تنكر أن قلبها لم يكن يمانع أبداً أن يسمح له بالدخول.
ولكن ما الذي أتي به إلى الألبوم الخاص بزوجها عز الدين؟ وهل يعرفه؟ وما طبيعة العلاقة بينهما؟
راحت عشرات الأسئلة تتداعى في رأس فاتن، شعرت بأن في الأمر أمراً ما خفي عليها، ومن المؤكد أن إجابته لدى زوجها، الذي ما إن وصل إلى البيت، وقبل أن يفعل أي أمر، بادرته بحس طفولي يسبقه الفضول:

* اتأخرت أوي النهاردة.

= كان يوماً طويلاً أوي.

اقرأ أيضا

* لسه فاضل كتير.

= يعني... النهاردة طول اليوم بصوّر في أغنية واحدة لمحمد فوزي.

* يا خبر أبيض... طب تحب تتعشى؟

= لا هاشرب حاجة.

* تتصور كنت قاعدة اتسلى واتفرج على ألبوم الصور ده.

= آه... فكرتيني. في صور في ظرف على المكتب من فضلك أبقي حطيها في الألبوم.

* حاضر. بس تعرف في صور في الألبوم ماقدرتش أعرفها. صورة حد أول مرة أشوفه. متهيألي مش صاحبك يمكن صاحب صلاح.

= صورة مين؟

* الشاب ده اللي لابس لبس شرطة.

= هاهاها.. ده.

* آه بتضحك ليه؟

= لأنه فعلاً مش صاحبي.

* أنا قلت كده فعلاً... أمال يبقى مين؟

= مش صاحبي لأنه أخويا.

* إيه. أخوك؟ أخوك مين؟

= أخويا كمال... ظابط شرطة.

* بس أنا ماشوفتوش. وانت ماجبتش سيرته قبل كده.

= أيو لأنه مش في مصر. كمال اتنقل من فترة للسودان.

* كده. بس مفاجأة غريبة.

= وإيه الغريب في كده؟

* قصدي يعني أني اكتشف أن لك أخاً كده بالصدفة.

= عندك حق. بس راح عن بالي خالص لأنه مش في مصر.

* ويا ترى لك أخوات تانيين ناسيهم تقوللي عليهم بالمرة.

= شوفي يا ستي أنا هاريحك وأقولك على العيلة كلها مرة واحدة بالصور، علشان ممكن أنسى فعلا حد وتكشفيه بعد كده بالصدفة.

* صحيح... أتفضل.

= ده يا ستي بابا الله يرحمه. الأميرالاي شرطة أحمد مراد ذو الفقار، ودي تبقى طبعاً ماما بنت عمه، نبيلة هانم ذو الفقار، ودول أخواتي البنات فكرية وسعاد، وده بقى يبقى أخويا الكبير الدكتور محمد ذو الفقار، مالوش علاقة بالفن. أما ده فانت عارفاه محمود، وده يا ستي كمال صاحب الصورة ده، وده صلاح متهيألي تعرفيه كويس.

* آه طبعاً.

= صلاح دلوقت أستاذ بيدرس في كلية البوليس، وبعدين ده ممدوح... وده جرب حظه في السينما من حوالي عشر سنين، كان ساعتها طفلاً عنده تسع أو عشر سنين.

* زيي يعني.

= انت مافيش حد زيك يا حبيبتي.

* مرسي.

= ممدوح عمل دور حلو أوي في فيلم «الورشة» مع محمود أخويا ومراته عزيزة أمير، وإخراج ستيفان روستي، تعرفي أني أنا كمان شاركت في الفيلم ده.

* مساعد مخرج؟

= لا ممثل. عملت دوراً صغيراً أوي.. يعني كنا احنا التلات أخوات مع بعض في فيلم واحد. لكن ممدوح ماحبش السينما ومركز في دراسة التجارة.

* مين عارف يمكن يرجع بعد كده للتمثيل.

= عندك حق أصل احنا عيلة لازم تغير طريقها اللي بتبدأ به، محمود درس الهندسة واشتغل بيها شوية وبعدين راح للسينما، وده برضه اللي أنا عملته سبت الجيش وجيت للسينما، حتى صلاح.

* إيه هو كمان ساب البوليس وراح للسينما.

= لا ساب الطب وراح للبوليس بس مين عارف.. أصله مجنون هو كمان بالسينما وشارك برضه بدور صغير أوي مع محمود في فيلم «حبابه» سنة 44.

* وكمال... ما بيفكرش هو كمان في السينما؟

= لا كمال ثابت على مبدئه زي الدكتور محمد. وحابب البوليس ومش عايز يفكر في حاجة تانية.

* ويا تري كمال هو اللي طلب يتنقل السودان ولا اتنقل غصب عنه.

= لا هو اترجاني أكلم له حد من أصدقائي علشان يتنقل.

* ما تعرفش ليه؟

= عادي. ما حاولتش أشّغل دماغي بالموضوع ده. وبعدين دي كانت رغبته وهو حر. ما تشغليش بالك. ممكن يا حبيبتي تعمليلي حاجة أشربها.

لم تكن إجابات عز الدين ذو الفقار عن أسئلة فاتن نحو شقيقه كمال كافية لوقف الأسئلة التي تدافعت على رأسها، فهل هي مصادفة أن يحاول كمال ذو الفقار أن يتعرف إليها ويقع في حبها؟ ثم تنتهي قصة الحب تلك قبل أن تبدأ في غموض، ثم تشاء الأقدار أن تقود عز الدين إلى حياتها، ليفوز بقلبها ويتزوجها، لتفاجأ بعد ذلك بأنه هو نفسه شقيق كمال الأكبر.

هل يعلم عز الدين بقصة الحب التي انتهت قبل أن تبدأ؟ بل هل كمال يعلم الآن أن الفتاة التي وقع في حبها، ولم يستطع الارتباط بها، أصبحت زوجة شقيقه؟ ثم هل كمال هو من طلب نقله إلى السودان؟ أم أن عز الدين هو من فعل ذلك ليبعده عنها؟ وقبل هذا وذاك، هل هي أحبت كمال فعلاً، أم أنه البحث عن الحقيقة لمجرد المعرفة؟

توجس وقلق

عشرات الأسئلة في رأس فاتن، لم تكن إجاباتها موجودة سوى في رأس عز الدين، وربما بعضها لدى كمال، فهل تطرحها على زوجها وتعرف إجاباتها التي ربما تكون سبباً في تعاستها وهدم مملكتها الصغيرة؟ أم تصمت وتدع الأيام تتولى الإجابة عنها؟

أقنعت فاتن نفسها بالخيار الأخير، بأن تدع الأيام تجيب عن الأسئلة التي تدور في رأسها، لتعود بعدها إلى حياتها وفنها، وتستشير عز الدين في سيناريو الفيلم الذي عرضه عليها المخرج الشاب يوسف شاهين.

نصحها عز الدين بأن ترفضه، لأنه لم يكن مناسباً لها، بعد الأدوار التي قدمتها، ولأول مرة لا تأخذ نصيحته، لحماستها لأفكار المخرج الجديد، وتوافق على مشاركة الفنان حسين رياض بطولة فيلم «بابا أمين» ومعهما كل من كمال الشناوي، وماري منيب، وفريد شوقي، سيناريو حسين حلمي المهندس، وحوار علي الزرقاني، وقصة وإخراج يوسف شاهين.

ما إن عرض الفيلم حتى شعرت فاتن بصدق نصيحة عز الدين، إذ لم يحقق نجاحاً يذكر، غير أنها لم تندم على خوض التجربة، لتعود بعده إلى العمل مع المخرج والفنان محمود ذو الفقار، شقيق زوجها، في فيلم «أخلاق للبيع» المأخوذ عن قصة يوسف السباعي، سيناريو وحوار أبو السعود الإبياري. شاركهما فيه كل من ميمي شكيب، ومحمود شكوكو، والفنان الكبير علي الكسار.

دارت أحداثه في إطار من الخيال، حول زوج يقاسي من حماته، ما ينغص عليه حياته، فيصادف رجلاً يبيع «صفات إنسانية» في شكل مساحيق، فيشتري منه مسحوق «الشجاعة» فتتغير حياته، ثم يقرر العودة إلى البائع ويطلب «صفات» جديدة، لتنقلب حياته تماماً.

رغم طرافة الموضوع وأهميته، فإن النجاح لم يصادفه أيضاً، لتقرر بعده فاتن العودة إلى مخرجها المحبب حسن الإمام، في ميلودراما جديدة بعنوان «ظلموني الناس» من إنتاج ماري كويني، وتأليف أبو السعود الإبياري، إلى جانب كمال الشناوي.

في هذه التجربة التقت لأول مرة المطربة والممثلة الشابة شادية، في دور شقيقتها، ومعهما كل من عباس فارس، ومحمود شكوكو، وصلاح منصور. وحقّق الفيلم نجاحاً كبيراً، زاد من ثقتها في المخرج حسن الإمام، وتلك التوليفة الميلودرامية التي يجيد صنعها.

حقق الفيلم خطوات واسعة لها، حتى أنها تعاقدت مطلع عام 1951 على ثمانية أفلام دفعة واحدة، من بينها اثنان مع حسن الإمام، وفيلم واحد مع زوجها عز الدين، بدأت به بعنوان «أنا الماضي» إلى جانب كل من زكي رستم، وعماد حمدي، وفريد شوقي، ولولا صدقي، ونجمة إبراهيم.

وتدور أحداثه حول رجل يدخل السجن بسبب زوج أخته وعشيقته، وعقب خروجه يبحث عنهما ليجدهما ماتا في حادث سيارة فيتزوج ابنتهما لينتقم منها بمساعدة شقيقته.

لكن الزوجة تنجب له، فيما تستمر شقيقته في الانتقام منها، فيقرر قتل شقيقته، بعد أن تضربه ضربة مميتة من دون قصد. ورغم أن الفيلم اقترب كثيراً من ميلودرامية حسن الإمام، التي تفضلها فاتن، إلا أنه لم يحقق النجاح نفسه. ثم طلبتها المنتجة العاشقة لها ماري كويني، بعد خالتها آسيا، للعمل في التجربة الثانية للمخرج يوسف شاهين «ابن النيل» الذي اقتبسه هو والفنان فتوح نشاطي عن مسرحية الكاتب غرانت مارشال «ريفر بوي»، وكتب له الحوار نيروز عبد الملك، وشارك فيه كل من شكري سرحان، ويحيى شاهين، ومحمود المليجي، وفردوس محمد، ونادر جلال، وبدأت في الوقت نفسه تصوير «وداعاً يا غرامي» من تأليف عمر جميعي وإخراجه، إلى جانب عماد حمدي، وفريد شوقي، وعمر الحريري، وعباس فارس، وزينب صدقي.

أزمة «قبلة»

لم يمض أسبوع على بدء تصوير «ابن النيل» حتى توقفت فاتن، وأعلنت غضبها من المخرج يوسف شاهين، ولم تتوقع المنتجة ماري كويني السبب:

= مش فاهمة تقصدي إيه يا تونة!

* شوفي يا مدام ماري. أنا مطلبتش أي شيء مميز أو جيت على حق زميل في الفيلم. ومتهيألي اللي أنا طلبته ده من حقي.

= وما حدش يقدر يسلبك حقك. بس المشكلة بسيطة ومش محتاجة كل ده.

* لا مش بسيطة لأن يوسف شاهين متعمد يحرجني.

= مافيش إحراج ولا حاجة. انت ممثلة يا فاتن ووارد في أي رواية أن البطل يبوس البطلة.

* بس أنا مفهمة يوسف أني رافضة فكرة «البوس» في الأفلام نهائي.

= ولو انه مش من حقي أسأل... بس ده بسبب عز الدين؟

* أنت فاهمة غلط يا مدام ماري. دي رغبتي الشخصية مالهش علاقة بعز الدين. بالعكس هو ممكن يوافق على ده لأنه مخرج وفنان قبل ما يبقى زوجاً. لكن دي رغبة شخصية ومالهاش علاقة باسم البطل أو شكله. لأن شكري سرحان زعل وافتكر أن الموضوع خاص به بسبب إلحاح يوسف شاهين.

= خلاص سيبي الموضوع ده عليا.

انتهت مشكلة «القبلة» من شكري سرحان في «ابن النيل»، كما انتهى تصوير الفيلم، وحقق نجاحاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً، فطلبت المنتجة آسيا النجمة فاتن لتتقاسم البطولة مع الممثلة والمطربة شادية التي كانت تصعد أيضاً بسرعة الصاروخ، في فيلم «اشكي لمين» من تأليف محمد مصطفى سامي، وإخراج إبراهيم عمارة، الذي شارك أيضاً في كتابة السيناريو والحوار، وبالتمثيل في الفيلم، ومعهم كل من عماد حمدي، ومحسن سرحان، وفريد شوقي.

دارت أحداثه حول «نادية» التي تجسد دورها فاتن، تهرب من زوج أمها الذي يجبرها على العمل في صالة رقص، ويسجن بسبب تحريضه على الفجور، وتتزوج من شاب ثري لا يعلم ماضيها. وحينما يُفرَج عن زوج أمها يبحث عنها للانتقام، ويتعرف إلى زوجها، وينصب عليه، ويشاركه في شركته، ويكتسب ثقته، ثم يبدأ في ابتزاز «نادية» بما لديه من صور عن ماضيها السابق. لكن محاميها الذي سبق أن أدخله السجن يتصدى له. إلا أن زوج الأم يستطيع أن يوقع العداوة بين المحامي وخطيبته «سعاد» التي تجسد دورها شادية، وبين «نادية» وزوجها، إلى أن تُكشف ألاعيبه ويّزج في السجن.

فيما كانت فاتن تصوِّر الفيلم، شعرت بدوار كادت معه أن تسقط على الأرض، لولا أن تلقفتها صديقتها شادية، وأنهي التصوير وعادت النجمة إلى بيتها، ليؤكد الطبيب أنها حامل في الشهر الثالث.

طارت فاتن وعز الدين من الفرح، فهما على وشك أن يصبحا أباً وأماً. إحساس جديد مختلف، تمنت فاتن طويلاً أن تجربه، وقررت إذا رزقها الله بمولودة أنثى، أن تطلق عليها اسم «نادية»، وهو اسم الشخصية التي تجسدها في فيلم «أشكي لمين» باعتباره «وش السعد»، إذ سمعت خلاله أجمل خبر يمكن أن تنتظره في حياتها.

إطراء خاص

لم تستطع فاتن أن تجلس في بيتها بسبب الحمل، فثمة التزامات عليها مع منتجين وشركات تعاقدت معها قبل أن تعلم بالخبر السعيد. لذا كان لا بد من أن تفي بها. وقبل أن تنتهي من «اشكي لمين» بدأت بتصوير فيلم «أنا بنت ناس» للمنتجة ماري كويني، مع المخرج حسن الإمام الذي شارك في كتابة السيناريو والحوار، وشارك فيه كل من محمد مصطفى سامي، وحسن عبد الوهاب، وأمام محسن سرحان، وشكري سرحان، والفنانة الشابة ماجدة الصباحي، وزوز نبيل، ومحمود شكوكو، وثريا حلمي، وسميحة توفيق.

وبدأت بعده تصوير «ابن الحلال» من إخراج سيف الدين شوكت، الذي شارك مع علي الزرقاني في كتابة السيناريو والحوار، وتقاسمت البطولة مع تحية كاريوكا، وشاركهما كل من محسن سرحان، ومحمود المليجي، وفريد شوقي، وعبد الفتاح القصري. ثم ألتقت للمرة الأولى الكاتب نجيب محفوظ، والمخرج صلاح أبو سيف، من خلال فيلم كتباه بالمشاركة مع السيد بدير بعنوان «لك يوم ياظالم».

عرض عليها صلاح أبو سيف العمل في الفيلم بنظام «الاكتتاب»، بمعنى أن جميع الأبطال المشاركين اتفقوا على الإسهام في الإنتاج بأجورهم، فوافقت فاتن. وشاركها في بطولته كل من محسن سرحان، ومحمود المليجي، وفردوس محمد، وعبد الوارث عسر، ومحمد توفيق، وعدلي كاسب.

جسدت دور «أنصاف»، الزوجة «المحرومة» بسبب مرض زوجها الذي لا رجاء من شفائه، وتضعف إزاء إغراءات صديقه، وتوافق على أن يتخلص من زوجها، ليتزوجها. ثم تتضح أغراضه للسطو على مصاغها و«الحمام» الذي تملكه بعد رحيل زوجها، فيبدأ في الانتقام منها هي ووالدة زوجها، فيتعاون أهالي «الحارة» معها للإيقاع به.

انتهى تصوير الفيلم وعرض، ولقي نجاحاً كبيراً رغم مخاوف فاتن من عدم تقبل الجمهور دورها، ولم تصدق نفسها عندما أخبرها المخرج صلاح أبو سيف أنه رشح للعرض في مهرجان «برلين السينمائي الدولي».

كانت «برلين» كبقية ألمانيا، لا تزال تعاني آثار الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية، وقررت ألمانيا إقامة مهرجان للسينما، في محاولة للانفتاح على العالم مجدداً.

وأقيمت الدورة الأولى من المهرجان في 9 فبراير 1951، وأقيم الافتتاح في قصر «برلينالي»، وحضرت فاتن بصحبة المخرج صلاح أبو سيف، والفنان محمود المليجي.

لم يفز «لك يوم يا ظالم» بجائزة «الدب الذهبي» أو بأي من جوائز المهرجان، غير أنه حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة، وصعدت فاتن إلى منصة التكريم لتتسلمها، فوجدت نفسها جنباً إلى جنب مع النجم العالمي غاري كوبر وقابلها الجمهور الألماني بعاصفة من التصفيق، ما جعل النجم العالمي يميل على أذنها ويهمس بها:

= كنت أبحث عمن يحييها الجمهور بكل هذه الحماسة... فوجدتك انت.

كانت الجائزة مهمة جداً بالنسبة إلى فاتن لتعرف أنها في الاتجاه الصحيح. لكن الأهم منها كلمات الإعجاب التي همس بها نجم عالمي في أذن نجمة مصرية، ما أكد لها حسن اختيارها أعمالها، وأنها ربما تسير في الاتجاه الذي تنبأ لها به الفنان الراحل أحمد سالم، بأنها «أول ممثلة عربية... يمكن مقارنتها بممثلات أوروبا».

كانت فاتن على وشك استقبال مولودهما الأول هي وعز الدين ذو الفقار، أثناء عملها في فيلمها الأخير خلال هذا العام «أسرار الناس»، من إنتاج ماري كويني، وإخراج حسن الإمام، وسيناريو وحوار محمد مصطفى سامي، إلى جانب كل من محسن سرحان، وفريد شوقي، وشكري سرحان، وحسين رياض، وفاخر فاخر، وزوزو نبيل، وفردوس محمد، وشريفة ماهر، الذي حقق نجاحاً كبيراً عند عرضه، ما أسعدها كثيرا. لكن زاد من سعادتها وسعادة زوجها المخرج عز الدين ذو الفقار وصول مولودهما الأول، وكانت أنثى، لتوفي فاتن بالوعد الذي اتخذته على نفسها منذ أن قدمت «أشكي لمين» وتطلق عليها اسم «نادية»، ولم يمانع عز الدين في ذلك، بل زاد من سعادته، خصوصاً أنه أصبح أباً لطفلة تفوقت على والدتها في الجمال.

وكانت «نادية» بمنزلة «الشمس» التي أشاعت دفئاً في البيت الذي انتابته «البرودة» فأعادت إليه الحياة، وبدلاً من أن تتراجع أسهم فاتن بسبب الحمل والولادة، زاد إقبال المنتجين والمخرجين عليها، حتى إنها في مطلع عام 1952 تعاقدت على بطولة 10 أفلام دفعة واحدة، بدأتها بخوض تجربة جديدة عليها تماماً، إذ قررت أن تتجه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لتقدم شكلاً درامياً مختلفاً.

البقية في الحلقة المقبلة

فاتن تكتشف أن صاحب أول خطاب غرامي لها هو الشقيق الأصغر لعز الدين

أزمة فنية كبيرة في كواليس «ابن النيل» بسبب «قبلة» بين فاتن وشكري سرحان

الزوجان فاتن وعز الدين يستقبلان أول مولودة لهما ويطلقان عليها اسم «نادية»

«جاري كوبر» يثني على فاتن حمامة بسبب استقبال جمهور مهرجان برلين لها
back to top