الإعلامي والمخرج عبدالله المحيلان ودّع الدنيا في ذكرى ميلاده

سكتة قلبية دهمته في المستشفى وشيّع جثمانه

نشر في 16-05-2018
آخر تحديث 16-05-2018 | 00:04
يبقى الإعلامي والمخرج السينمائي والمصور الفوتوغرافي المبدع عبدالله المحيلان حياً في ذاكرتنا وإن ترجل عن صهوة الحياة وغادر الدنيا، فإنجازاته باقية لتخلد ذكراه، سواء تلك التي أبدع فيها سينمائياً أو إذاعياً أو تلفزيونياً.
ومن البصمات التي وضعها الراحل «استراحة الخميس» الإذاعي، بتقديمه الشائق وقفشاته الجميلة، وبنبرة صوته الساحرة، التي دخلت قلوب الكثير من عشاقه في الكويت والوطن العربي عبر أثير إذاعة البرنامج العام في ثمانينيات القرن الماضي.
أحب السينما التي كانت شغفه الأكبر، لكن تأخره في التسجيل بمعهد السينما في القاهرة، حيث جاء بعد ثلاثة أشهر من بدء الدراسة فيه، جعله يدرس في معهد الفنون المسرحية، وبعد تخرجه عمل في التلفزيون ليتعلم التصوير والإخراج السينمائي، ليحقق ما كان يحلم به.
أنجز المحيلان العديد من الأفلام الوثائقية، لعل أهمها «إريتريا وطني» (ديسمبر 1977)، عن الشعب الإريتري الذي سعى نحو تحرير بلده من الاحتلال، وكان التعليق بصوت الراحل، وتم عرضه في الولايات المتحدة الأميركية، وقد تأثر الجمهور الأميركي بهذا الفيلم.
فقدت الكويت أحد أعلامها البارزين إبان العصر الذهبي في مجالي الإعلام والسينما، الإعلامي والمخرج السينمائي الكبير عبدالله المحيلان، بعد صراع طويل مع المرض، حيث دخل مستشفى مبارك منذ 14 أبريل الماضي، إثر سكتة قلبية دهمته في المستشفى، صباح أمس، ليودع الدنيا في ذكرى ميلاده، وقد ووري جثمانه الثرى عصر أمس في مقبرة الصليبيخات.

الراحل عبدالله صالح عبدالله المحيلان، إعلامي كويتي قدير له من الأعمال السينمائية الوثائقية والبرامج التلفزيونية والإذاعية الجميلة والقيمة مثل: "إريتريا وطني" (ديسمبر 1977)، و"سلاح الطيران"، و"المرور"، و"القلب المفتوح"، و"للمشاهد مع التحية"، و"استراحة الخميس"، و"رسائل من الزمن الجميل"، و"أيام حلوة"، و"يا غزال يتبعطز"، و"يا طايره وديني عمان"، و"السندريلا"، و"فن من المغرب العربي"، و"أنا وخالد"، و"رسالة". كما عمل مع جريدتي السياسة والقبس في الصفحات الأخيرة.

التقديم الإذاعي

تحوّل مصادفة إلى التقديم الإذاعي، في برنامج "استراحة الخميس"، كما عرف أيضاً باسم "استراحة المحيلان"، الذي انطلق من خلاله إلى خارج الكويت، عبر أثير إذاعة البرنامج العام، وكانت البداية قبل أسبوعين من نهاية ديسمبر 1982، ثم مطلع عام 1983، واستمر 6 أشهر، إلى حلول شهر رمضان ذلك العام، واستمر في تقديمه حتى عام 1984، وموعده كان ثابتا من الساعة 10:30 صباحاً إلى أذان الظهر كل يوم خميس، ووقتذاك كان العمل نصف دوام.

وكان يقدم برنامجه المنوع في تلك الدورة البرامجية دون تخطيط مسبق، فما يريده هو مجرد سوالف وإثارة الضحك و"الغشمرة" وبث الأغنيات الجميلة، لأنها مجرد استراحة، دون أي هدف آخر، وكان يريد من المستمع المجهد المتعب من عمله اليومي أن "يوسع صدره" أثناء ذهابه إلى الشاليه أو أي مكان آخر أو عودته إلى البيت.

وحينما جاءت الدورة الجديدة، تغير وضع البرنامج، خاصة أن القاعدة الجماهيرية أصبحت عريضة، والاتصالات أقوى وأسرع، ليستوعب قضايا ومشكلات أيتام وأمراض، فكان المحيلان همزة الوصل وجسر المحبة للآخرين، من الإنسان الذي لا يستطيع إيصال صوته إلى من بيده الحل من المسؤولين لتلك المشكلات، بل تعدى ذلك ليصبح همزة الوصل على مستوى شبه الجزيرة العربية. وقام بتخفيف هذه المآسي بعودته إلى السوالف ورسم الضحك على محيا مستمعيه.

وفي هذا البرنامج كان يطرح مشكلات الناس ويعري مشكلات المجتمع، ويضرب على أوتار حساسة، ولم يسئ لأحد فهو يتطرق إلى السلوكيات التي تضر أو تسيء إلى البلد عبر مشاهداته الخاصة أو من اتصالات الناس، مثل التصرفات المعيبة من قبل شخص يفتح باب سيارته ليبصق أو يرمي مخلفاته من السجائر في الشارع وغيرها.

كما تعرض إلى المؤسسات الحكومية والوزارات، حيث طالها الانتقاد وكشف السلبيات، وفي بعض الأحيان كان يوجه حديثه بشكل مباشر لأناس معينين.

إذاعي شعبي شهير

قال عنه الأستاذ حمد السعيدان تحت عنوان "المحيلان": "عبدالله المحيلان إذاعي شعبي شهير، يترقب برنامجه كل مواطن ضحى يوم الخميس من كل أسبوع، يحكي فيه هموم المواطنين ويسخر فيه من سلبياتهم وهم يستمعون إلى عيوبهم باستمتاع كبير ويصغون إلى عباراته اللاذعة وهم يبتسمون، لأنها حقائق يطلقها على شكل قصص ينسجها بمهارة، وهي حكايات وطرائف سطحية وعفوية ترضي وتناسب الحريم والعجائز والشباب، وكذلك له جمهور كبير من المتثقفين الذين يعلقون ومع ذلك ينتظرون برنامجه بشوق زائد، فهو محدث ساحر وقد ساعده صوته الدافئ في دخول كلماته الى القلب وإلى كسب الإصغاء".

وأضاف أنه "شاعر شفاف، لشعره جاذبية... تستشف من شعره المعاناة ومن صوته الكداحة ومن أفكاره البساطة والعمق وأحيانا التطرف و(اللي يتطرف يطيح!) وهو لإخلاصه وتفانيه ينسى نفسه... فنان يهوى ويجيد التقاط الصور، وله صالة عرض محيلان غاليري... فنان دافع عن فن وتراث".

«الفنون المسرحية»

الراحل المحيلان، لم يتمكن من الدراسة في معهد السينما بالقاهرة، حيث مضى 3 أشهر على بدء الدراسة به، وكان في تلك الفترة سفير الكويت لدى القاهرة الفنان الشامل الراحل حمد الرجيب الذي تحدث بدوره إلى صديقه وزير الثقافة المصري ثروت عكاشة، ولم يكن أمامه غير معهد الفنون المسرحية، فانتسب إليه، لصقل موهبته، وتعلم القواعد الأساسية، مدركاً أنه سيعمل في مجال السينما بعد أن يكتسب الخبرة بالمراس، وهذا ما حدث تماماً، وأثناء وجوده في القاهرة قدم أكثر من معرض فوتوغرافي هناك، لأنه يعي تماماً أن الفوتوغرافيا أخت السينما، فالكادر في الأولى ثابت، وفي الأخرى متحرك، وثمة تقارب في العدسة، وفي الإضاءة.

وبعد تخرجه عمل في التلفزيون، الذي تتوافر فيه الكاميرات، ومعمل التحميض، فبدأ منذ اللونين الأسود والأبيض، ومحبته للعمل السينمائي جعلته يحترف التصوير والإخراج، لينجز الأفلام الوثائقية.

«إريتريا وطني»

ومن أشهر أعماله الوثائقية السينمائية، "إريتريا وطني"، عن الشعب الإريتري الذي سعى نحو تحرير بلده من الاحتلال، في كفاح لأكثر من 30 سنة، وكان التعليق بصوته، وسافر إلى لندن لإجراء عملية التحميض لأنه لا توجد معامل تحميض للأفلام الملونة في الكويت خلال تلك الفترة. وتم عرض العمل في أميركا، ومعه من المخرجين هناك مارون بغدادي الذي عرض فيلم عم جنوب لبنان، وقد تأثر الجمهور الأميركي بفيلم المحيلان.

خالد الشيخ

تعرف الراحل المحيلان بواسطة صديق له إلى الفنان خالد الشيخ في مملكة البحرين، التي كان يتردد عليها مرات عديدة وله علاقات صداقة وطيدة مع شعراء بحرينيين، وقد استمع إليه المحيلان في الفندق، مع مجموعة من الأصدقاء، حيث غنى حينذاك "شويّخ من أرض مكناس"، وقد آمن بموهبته كفنان، صاحب صوت جميل، وملحن من الدرجة الأولى، فقام بدعمه من خلال برنامج "استراحة الخميس"، بوابة عبور إلى قلوب الجمهور الكويتي والخليجي، حيث غنى في أول لقاء معه: "شويخ من أرض مكناس... وسط الاسواق يغني/ شعلي أنا من الناس... وشعلا الناس مني"، التي لاقت صدى كبيراً لدى المستمعين، خاصة لأداء خالد الشيخ المتميز وعزفه الاحترافي على آلة العود، ومشاركة المحيلان في بعض اللزمات الكلامية.

أما أغنية "يا عبيد" الشهيرة، فهي من ديوان الشاعر البحريني علي عبدالله خليفة، التي سجلها خالد الشيخ في الكويت مع فرقة التلفزيون، تقول كلماتها: "لأنك عظيم وقوي شديت بك راسي يا عبيد/ يا عبيد أصلك وفي للضيق متراسي/ يا عبيد وأنت شراع خطف حط في القلب راسي/ زرّاع بذره أمل والماي من داره/ يا عبيد بحّار كفّه صبرت للريح وأقداره/ يا عبيد مهما أشوفك خلي في قيود غدّاره والله ما قول شمسك طفت لو شيّبوا راسي يا عبيد".

وأثناء وجود خالد الشيخ مع المحيلان في الإذاعة، أعطى منفذ الهواء المخرج أزور ياسين بكرة شريط الأغنية، الذي كان ينتقي الأغنيات على ذوقه الخاص، ففوجئ بها المحيلان على الهواء.

«للمشاهد مع التحية»

يعد "للمشاهد مع التحية" من أنجح البرامج التلفزيونية للمحيلان، وقابل من خلاله العديد من الشخصيات الفنية، مثل عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وعودة المهنا.

وكانت كاميرا التصوير تبقى عند المحيلان عاما أو عامين، حيث يبدأ عمله منذ السادسة صباحاً، ويجلب العاملون معه الأفلام الخام من التلفزيون، وبعد الانتهاء من التصوير يذهب مدير التصوير إلى معمل التحميض، أما المحيلان فيدخل استوديو المونتاج حتى الثالثة فجراً.

وأجرى الراحل المحيلان، العديد من المقابلات مع النجوم الكبار على مستوى المسرح والسينما والموسيقى والغناء والفن التشكيلي في مصر إضافة إلى الأدباء، من بينهم محمود المليجي وصلاح قابيل وسعاد حسني، وذلك في عام 1974، من إنتاج تلفزيون الكويت، حيث سافر إلى القاهرة ومعه كاميرا والمصوّر الأول، وساعدته في مهاتفة وتنسيق المواعيد مع الضيوف، المذيعة الأولى في مصر نبيلة ياسين، وتم منح هؤلاء النجوم كتب شكر من السفارة الكويتية لدى القاهرة، إضافة إلى مكافأة مادية.

«استراحة الخميس» كان الجميع يترقبه ليستمتع بسوالفه الشائقة وقفشاته الطريفة

أجرى مقابلات مع كبار نجوم المسرح والسينما والغناء في مصر

من أعماله «للمشاهد مع التحية» و«المرور» و«سلاح الطيران» و«القلب المفتوح»

برنامجه الإذاعي دعم إبراز موهبة الفنان البحريني خالد الشيخ
back to top