اليمين المتوحش والدول العربية
ما لم تبدأ الأنظمة العربية بإصلاح الداخل والتحول إلى أنظمة مدنية-ديمقراطية والتصالح مع شعوبها واحترام إرادتها وحفظ كرامتها، ثم تشكيل إطار سياسي إقليمي يقوم على أساس المصالح الاقتصادية المشتركة وحسن الجوار، بحيث تصبح هناك قوة سياسية-اقتصادية يحسب لها حساب ضمن موازين القوى في المنطقة، فإن دولنا ستظل ضعيفة ومشتتة.

ومن الواضح أن كلام ترامب يخص الدول الخليجية دون غيرها من الدول العربية، فالثروة المقصودة هي ثروة دولنا النفطية الغنية التي تستنزفها مصانع الأسلحة الأميركية والأوروبية وشركاتها المالية العملاقة، وتهديد الوجود الذي أشار إليه ترامب عندما قال "بعض الدول في الشرق الأوسط لن تصمد أسبوعاً من دون الحماية الأميركية"، هو التهديد الإيراني الذي من المفترض مواجهته بالطرق السياسية والدبلوماسية من خلال التركيز على المصالح الاقتصادية المشتركة، والتعايش السلمي وضرورة استتباب الأمن الإقليمي لمصلحة دولنا وشعوبنا، خصوصاً أنه من المستحيل تغيير الجغرافيا والتاريخ، ولكن الإدارة الأميركية الحالية تستخدم البعد الطائفي والاستفزازات الإيرانية لدول المنطقة وسيلة لابتزازها واستنزاف مواردها وخيراتها، ويبدو أنها، أي أميركا، تعدّ العدّة هذه الأيام لحرب جديدة في المنطقة طرفاها الرئيسان هما إيران وإسرائيل، مما سيزيد من تدمير المنطقة ويعاظم معاناة شعوبنا.وما لم تبدأ الأنظمة العربية بإصلاح الداخل والتحول إلى لأنظمة مدنية-ديمقراطية والتصالح مع شعوبها واحترام إرادتها وحفظ كرامتها، ثم تشكيل إطار سياسي إقليمي يقوم على أساس المصالح الاقتصادية المشتركة وحسن الجوار لا العواطف القومية والنعرات الشوفينية، بحيث تصبح هناك قوة سياسية-اقتصادية إقليمية على غرار الاتحاد الأوروبي يحسب لها حساب ضمن موازين القوى في المنطقة، فإن دولنا ستظل ضعيفة ومشتتة وتابعة لمراكز الرأسمالية العالمية، وبالتالي من السهولة ابتزازها وتهديدها وشفط ثرواتها.