لمَ زار كيم يونغ أون الصين أخيراً؟

نشر في 02-04-2018
آخر تحديث 02-04-2018 | 00:05
 ذي أتلانتك بدت الصين، طوال أشهر، لاعباً على الهامش مع تحسّن العلاقات بين الكوريتين الشمالية والجنوبية، فقد استهل الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون السنة الجديدة بخطاب احتفل فيه بإتمام ردعه النووي بعدما أمضى أشهراً في التفاخر بتعزيزه قدرته النووية، كذلك أعرب عن اهتمام كوريا الشمالية بالمشاركة في الألعاب الأولمبية الشتوية، مما أتاح أمام مون جيه إن الفرصة الدبلوماسية التي كان يسعى إليها، وشهدنا بعد ذلك تبادل المبادرات التصالحية في الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ، مما مهّد الدرب أمام لقاء في بيونغ يانغ بين كيم وفريق من الموفدين الكوريين الجنوبيين.

أشارت بعض التقارير التخمينية بعد ذلك إلى رؤية قطار مدرّع يتوجه من كوريا الشمالية إلى بكين، وفي النهاية، أكّدت وسائل الإعلام الحكومية في الصين وكوريا الشمالية أن الزائر على متن القطار المدرع الغامض القادِم من كوريا الشمالية إلى بكين ليس سوى كيم يونغ أون.

بعد انتشار أخبار اجتماع شي-كيم، برزت أسئلة بدهية: لمَ جاء هذا اللقاء اليوم؟ يحتاج كيم على الأرجح إلى الوقت. فبعدما أطاح بخصومه، ورسّخ قوته، وحقق ما اعتبره رادعاً نووياً مقبولاً على نحو كافٍ، شعر أخيراً أنه مستعد للمضي قدماً، وتشير التطورات الأخيرة أيضاً إلى أن علاقات بكين-بيونغ يانغ، التي شابها التوتر غالباً، بدأت تتحسّن. ولكن مهما كانت التوترات الراهنة، تُعتبر الصين وكوريا الشمالية مقربتين ومترابطتين مثل "الشفتين والأسنان"، على حد تعبير ماو تسي تونغ، ومهما شابت علاقتهما من عثرات عابرة، تؤمن الصين نحو 90% من تجارة كوريا الشمالية الخارجية، مما يمنحها تأثيراً كبيراً في بيونغ يانغ. ولكن كيف يجب أن تفسّر واشنطن اجتماع بكين؟ أولاً، ينبغي أن تفهم إدارة ترامب بكل وضوح أن كوريا الشمالية وبكين ستواصلان تشاطر أهداف استراتيجية طويلة الأمد مهما حدث، فلا يرغب أي من هذين البلدين في وضع حد لنظام كيم، فضلاً عن أن بكين وبيونغ يانغ تسعيان إلى إخراج الولايات المتحدة من تحالفاتها في شمال شرق آسيا. كذلك من الضروري تذكّر أن تفسير بيونغ يانغ "لنزع الأسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية" لا يشمل تفكيك ترسانتها "على نحو كامل لا رجوع عنه"، كما تود واشنطن، بل يقوم على تخليها عن أسلحتها مقابل سحب الولايات المتحدة درعها النووية من شبه الجزيرة ومغادرتها بالكامل، ولا شك أن هذا يلائم جيداً الأهداف الصينية.

تُعتبر الأشهر القليلة المقبلة غامضة وبالغة الأهمية، فقد قبلَ شي دعوة كيم لزيارة كوريا الشمالية، وفي المقابل ما زال البيت الأبيض يعيش حالة فوضى، منتظراً وصول جون بولتون ليشغل منصب مستشار ترامب للأمن القومي، لكن بولتون، الذي يشتهر في كوريا الشمالية بعدم اهتمامه بدبلوماسية النوايا الحسنة ومحادثات نزعة الأسلحة، قد يسبب تعطل القمة قبل انطلاقها، مما يضع الرئيس على الأرجح على درب خطر نحو الصراع.

في هذه الأثناء، ذكر ترامب في تغريدة على موقع "تويتر" أنه يعتقد أن "ثمة احتمالاً كبيراً" أن ينزع كيم أسلحته ويمنحه نصراً في مجال السياسة الخارجية لم يبلغه أسلافه، ويعزو الرئيس الأميركي استعداد كيم للتحاور إلى حملة "الضغط الأقصى" التي شنها، إلا أن انفتاح كيم بعد بداية السنة الجديدة وُلد من موقع قوة لا ضعف، وهذه نقطة مهمة يجب أن يدركها البيت الأبيض، فعندما يقول كيم لترامب إنه مستعد لنزع أسلحته النووية، سيضيف إلى ذلك على الأرجح أثماناً لا يُفترض أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لدفعها.

وسيعتمد الكثير على نجاح القمة بين مون وكيم في أواخر شهر أبريل، فإذا أسفر هذا اللقاء عن بيان حقيقي لنزع الأسلحة النووية مع شروط مسبقة مقبولة، يؤكد ذلك لإدارة ترامب أن أمامها على الأرجح درباً مثمراً للمضي قدماً في تحاورها مع كوريا الشمالية، ولكن إلى أين سيقود هذا الدرب؟ إلى وجهة تقع في مكان ما بين "عملية نزع كامل، ومثبت، ولا رجوع عنه للأسلحة النووية" وحرب نووية كارثية.

* أنكيت باندا

*«أتلانتيك»

back to top