6/6 : سمو الرئيس مع التحية

نشر في 16-03-2018
آخر تحديث 16-03-2018 | 00:19
 يوسف الجاسم سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء الموقر:

اسمح لي بمخاطبتك، عبر هذه الزاوية المتواضعة، مخاطبة العقل للعقل، ومصارحتك كمواطن مهموم بأوجاع وطنه يصارح رئيساً للحكومة لا يقل هماً واهتماماً بذات الأوجاع، ولكن الفارق بيننا أنني وغيري نقول رأينا ونمضي، بينما سموك تملك بين يديك السلطة والقرار ومسارات التنفيذ في كل شأن من شؤون حياتنا، باعتبارك رئيساً لمجلس الوزراء الذي أقرت له المادة (١٢٣) من الدستور الكويتي بالهيمنة على مصالح الدولة.

يا سمو الرئيس:

بشّرتنا الصحف يوم الثلاثاء الماضي بأن "الحكومة مستاءة من تراجع الكويت في مدركات الفساد"، وأنكم وجّهتم بتشكيل لجنة حكومية برئاسة "نزاهة"، لمراجعة المؤشرات العالمية الخاصة بمدركات الفساد في الكويت، والارتقاء إلى المكانة المستحقة لها. ولكني وغيري نستغرب تشكيل مجلس الوزراء لجنة من ممثلين عن بعض الجهات الحكومية، لتحسين مركز الكويت في مقاييس مدركات الفساد العالمية، مع العلم بأن التخلف الإداري والبيروقراطية وتعثر التطوير وشيوع الرِّشا وتعطيل مصالح الناس هي حالات تكمن أصلاً في عدد من الجهات الحكومية وبأثقال "ما تشيلها البعارين"! وتلك خلاصة يا سمو الرئيس، يتفق عليها غالبية الناس في دواوينهم ومجالسهم، وقد ينقلها أو لا ينقلها لك مستشاروك ومن هم حولك من كبار الموظفين.

إن انتفاضتكم كرئيس للحكومة أثلجت صدورنا، بعد أن كان استياء الناس متوالياً ومستمراً منذ زمن طويل، وعبّروا عنه بشتى الوسائل، ودفع الكثيرون منهم أثماناً باهظة للتعبير عن استيائهم، الذي انصب في غالبه على مختلف أشكال الفساد في الهيئات والدوائر الحكومية تحديداً، التي أتت حكومتكم الموقرة اليوم لتكلّف بعضها، من خلال لجنة جديدة لن تبحث القضاء على الفساد بكل أشكاله وبتره كداء ينخر في مفاصل البلاد ويؤخر نموها ويفتك بثرواتها ويُمعن في إحباط شعبها، ولكنها ستكتفي بتحسين ترتيب الكويت في مدارج الفساد، بما يعني معايشتنا له والتدرج في القضاء عليه إلى آماد لا يعلم مداها إلا الله!

يا سمو الرئيس:

إن مئات المقالات والدراسات والمؤتمرات والخطط، تم تدبيجها وعقدها، وعشرات اللجان تم تشكيلها وأوصت واقترحت، ولكنها ذهبت جميعها أدراج الرياح، وظل المواطن يعاني توطن وتفاقم الفساد بأنواعه حتى يومنا هذا.

فاقد الشيء، يا سمو الرئيس، لن يعطيك ما تصبو إليه من حلول، واللجنة التي ستشكلونها، مع كامل الاحترام لأعضائها الذين لا نعرفهم حتى الآن، ستكون كسابقاتها مقبرة جديدة لأدوات وتوجهات القضاء على الفساد. هذا مع تساؤل محيّر للأذهان حول إقحام "هيئة مكافحة الفساد" لترؤس تلك اللجنة الحكومية، وهي المفترض بها الاستقلالية عن الحكومة؛ تراقب وتحاسب المسؤولين فيها عن كل أشكال الفساد، ولا ينبغي أن تشاركها في لجنة تنفيذية!

لعل الانتفاضة الصادرة عنكم، يا سمو الرئيس، تؤتي أُكُلها حين تكلّفون هيئة موثوقة من دول الصف الأول في النزاهة العالمية، مثل الدول الإسكندنافية، لتتعاون معكم بوضع خريطة طريق لمحاربة الفساد، كما تمت وتتم في بلدانها المتقدمة حضارياً، والبدء بكنس سلالمه من الأعلى، كما فعل كبار المصلحين في العالم، وإلا فسنجد أنفسنا نكرر الاستياء والمراوحة في مواقعنا الخلفية، مع كل تقرير سنوي يصدر عن هيئات الشفافية العالمية.

يا سمو الرئيس:

نتمنى كل التوفيق لوقفتكم من أجل الإصلاح، ونأمل أن تحققوها في الاتجاه الصحيح الذي ليس من ضمنه تشكيل اللجان الحكومية.

واقبلوا خالص التقدير.

back to top