المواطنة الرقمية

نشر في 09-03-2018
آخر تحديث 09-03-2018 | 00:10
إن مفهوم المواطنة الرقمية مسؤولية تفرض على كل مؤسسة وفرد في المجتمع، فالأسرة لها دور والمدرسة ومؤسسات الدولة ذات الصلة أيضا لها دور في صقل المواطن الصالح والحد من سلبيات التقنية وكبح مساوئها من أجل المساهمة في نشر وتطبيق مفاهيم المواطنة الرقمية للارتقاء نحو مجتمع واع ومثقف.
 د. صفاء زمان مع الطفرات التكنولوجية التي نعيشها، تغيرت الكثير من سلوكياتنا في المعاملات حيث أصبحت التكنولوجيا جزءا مهما في نسيج حياتنا، ففرضت علينا طباعا وأجبرتنا على الخضوع لقوانينها وخطوط منحنياتها، فاستسلم البعض لها دون وعي أو إدراك لمحاذيرها، فأوقعتهم في عوالم افتراضية، تمرد فيها الكثير واستعلت الأصوات أكانت حقا أم باطلا لكنها تسببت في خلق حالة من الضوضاء التكنولوجي خصوصا في الشبكات الاجتماعية، الأمر الذي عرى الكثير وأخرج أسوأ ما في النفوس من أمراض نفسية وعقد سلوكية، وللأسف ربما تنعت بها المجتمعات، فخرجت أفكار شاذة وادعاءات غريبة ضربت بالقيم عرض الحائط، واتهمت الديانات بالخرافات والإرهاب، فلا احترمت دولة أو عرقا أو دينا وكل ذلك كان باسم الحرية العرجاء.

لذا كان من الواجب تعزيز القيم وتهذيب النفوس بأسلوب يوافق التغيرات التكنولوجية السريعة، وهذا ما يطلق عليه المواطنة الرقمية، فهي مجموع القواعد والضوابط والمعايير والأعراف والأفكار والمبادئ المتبعة في الاستخدام الأمثل والقويم للتكنولوجيا، وهو ما ينعت بالتعامل الذكي مع التكنولوجيا في مجالات مختلفة مثل الوصول الرقمي والتجارة الرقمية والاتصالات الرقمية (التبادل الإلكتروني للمعلومات) واللياقة الرقمية (المعايير الرقمية للسلوك والإجراءات) والقوانين الرقمية (المسؤولية الرقمية على الأعمال والأفعال) والحقوق والمسؤوليات الرقمية (الحريات التي يتمتع بها الجميع في العالم الرقمي) وغيرها الكثير.

وهي المسؤولية الذاتية مع النفس ومراقبة تصرفاتك في فضاء تستطيع الوصول إلى كل ما تريد، وتستطيع التحدث بالكلمات التي تستهويك والتعرف على الأشخاص الذين يماثلونك بالطباع من دون قانون أو رقابة تحد من حريتك غير ذاتك وإرادتك، فالأصول والقيم لا تتغير ولا تتبدل أو تؤثر فيها التكنولوجيا أو تلونها بألوان ما كانت لنا مهما كانت الظروف، ومن واجبنا كأفراد ومستخدمين للتقنية أن نسعى ونتعاون لتوظيف التقنية في الطرق الصحيحة ووفقا لقواعد أخلاقياتنا التي تربينا عليها ومراعاة الضوابط الدينية والقانونية.

فالإحساس بالمواطنة والمسؤولية بالرغم من وجود مساحات من الحرية إحساس يجعل من الحجر ألماسا ومن النفس إنسانا يتعامل بكل أدب ورقي يحترم فيه النفس والآخر، ويقدر كيان الوطن وروحانية الدين، إن مفهوم المواطنة الرقمية مسؤولية تفرض على كل مؤسسة وفرد في المجتمع، فالأسرة لها دور والمدرسة ومؤسسات الدولة ذات الصلة أيضا لها دور في صقل المواطن الصالح والحد من سلبيات التقنية وكبح مساوئها من أجل المساهمة في نشر وتطبيق مفاهيم المواطنة الرقمية للارتقاء نحو مجتمع واع ومثقف.

* عضوة هيئة تدريس في جامعة الكويت

back to top