أخطاء الإعلاميين في مصر... زلات لسان أم اختلاط أدوار؟

نشر في 06-03-2018
آخر تحديث 06-03-2018 | 00:04
لم تكن الأزمة التي عصفت بمستقبل الإعلامية أماني الخياط حينما وصفت عمان بـ«الإمارة» الخليجية الصغيرة، وتسببت في أزمة دبلوماسية بين مصر والسلطنة، أول خطأ سواء لخياط أو غيرها من إعلاميين لا يخرجون عن النص فحسب بل يبوحون بقناعاتهم الشخصية ولا يتوخون زلات اللسان. المؤكد أن تلك السقطات ليست الأولى وإن كنا نتمنّى أن تصبح الأخيرة، ليبقى السؤال حول كيفية ضبط الأداء الإعلامي وتحجيم هذه الأخطاء.
في يوليو عام 2014 شنّت الإعلامية المصرية أماني الخياط حرباً على دولة المغرب، خلال برنامجها «صباح أون» الذي كان يذاع على فضائية «أون تي في». قالت آنذاك إن «المغرب تحتلّ ترتيباً متقدماً في الإصابة بمرض الإيدز، والدعارة أحد أهم اقتصادياتها»، وفي أعقاب تلك التصريحات تعرّضت لهجوم عنيف من كبرى الصحف المغربية، وطالب كثير من المواطنين المغاربة باتخاذ إجراءات ضدها.

في حلقة لاحقة اعتذرت الخياط عن تصريحاتها قائلة: «أقدم اعتذاراً واجباً، ولا أخجل بذلك، وأعتذر للشعب المغربي فرداً فرداً، ولجلالة الملك، عن عدم توفيقي في إيصال اعتراضي على من يتاجرون بالدين».

عام بعد أزمة المغرب، لم يدفع أماني إلى تدقيق معلوماتها، إذ كادت أن تفجِّر خلافاً بين مصر والسعودية بسبب تصريحات غير صحيحة في برنامجها «من القاهرة» على قناة «القاهرة والناس».

وهي وصفت أيضاً عمان بـ«الإمارة» الخليجية الصغيرة، وتسببت في أزمة دبلوماسية بين مصر والسلطنة.

في هذا السياق، قال الخبير الإعلامي ياسر عبد العزيز إن هذه الأزمات ستتكرر كثيراً في الإعلام المصري، والسبب الرئيس اختلاط الأدوار. بمعنى أن ثمة خللاً جذرياً في الإعلام راهناً، فبدلاً من أن يكون المذيع صحافياً يُصبح قائداً أو فيلسوفاً أو سياسياً، من ثم يخلط الرأي بالخبر ويُقدم إلى الجمهور وجهات نظره على أنها حقائق. أما علاج هذه الأخطاء فيتحقق عن طريق الالتزام بالقواعد المهنية والضوابط التي تحددها السياسات المهنية الإعلامية.

وأكّد د. صفوت العالم، أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، أن هذه أخطاء بشعة، لأن تناول الإعلاميين العلاقات بين مصر وأي بلد يجب أن يكون بطريقة إيجابية تتركز مثلاً حول التاريخ الذي يجمع بين البلدين، لافتاً إلى أن ثمة خللاً في المنظومة الإعلامية بأكملها يجعل مثل أماني الخياط تظهر على الشاشة.

د. العالم أشار إلى عدم توافر فريق إعداد قوي ذي ثقافة ومعلومات تاريخية، بالإضافة إلى غياب التنسيق بين الإعداد ومقدم البرنامج الذي يُدلي بكلام لا يستند إلى الدقة والحقيقة.

وتساءل د. العالم في تصريحاته لـ«الجريدة»: كيف تختار المحطة مقدمي البرامج وإلى أي معايير تستند، وهل يكون مقدم البرنامج ملماً بموضوع الحلقة أم أنه يفتعل مثل هذه الأزمات؟

وأوضح أن مقدم البرنامج يجب أن يكون لبقاً في الحديث، وملماً في الموضوع من جوانبه كافة، وأن يُقدم المعلومة إلى الجمهور من دون إضافة وجهة نظر خاصة به أو كلام مرسل، مؤكداً أن الأخطاء يتم تداركها بأن يحترم المذيع ثقافة ومشاعر الجمهور وعقله، وأن يبقى الارتجال في أضيق الحدود.

أداة اتصال

أشار سكرتير عام نقابة الإعلاميين، محجوب سعدة، إلى أن الإعلامي أداة اتصال بين المحطة والجمهور ويجب أن يكون دارساً جيداً للرسالة الإعلامية، وبعيداً عن ذلك سيفتعل أزمات دبلوماسية نحن بغنى عنها، خصوصاً أن مشكلة أماني الخياط تأتي في وقت حرج، من ثم لا يجب أن تتكرر لأنها تسبب أزمات سياسية بين الدول.

ولفت سعدة إلى أن الأخطاء يتم تداركها بالصواب عن طريق ضبط الأداء المهني بمواثيق الشرف الإعلامية والالتزام بها والتي تحتوي على شروط الرسالة الإعلامية وكيفية تقديم إعلام تثقيفي وتنويري بعيداً عن إقحام المذيع بإدلاء رأيه ووجهة نظره في الموضوع إلى الجمهور.

كذلك أشار إلى قانون الإعلام ومدونة السلوك المهني اللذين يكفلان الأداء المهني لأصحاب المؤسسات الإعلامية قبل الإعلامي نفسه.

أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، ليلى عبد المجيد، أوضحت أن الاهتمام بالأداء المهني لا يحتاج إلى نقابة فالمؤسسة الإعلامية هي التي تضع ذلك وفقاً للضوابط المهنية التي تحكم العمل الإعلامي إلى أن تكتمل الهيئات الإعلامية وتمتلك أدواتها كاملة. وقالت: «نحن نحتاج في النهاية إلى إعلام محايد يعرض الحقائق ويُقدم وجهات النظر المختلفة من دون استرسال مبالغ فيه».

back to top