ماذا نتوقع من رئاسة الاتحاد الأوروبي البلغارية؟

نشر في 30-01-2018
آخر تحديث 30-01-2018 | 00:07
 أوبزيرفر تنافس جان-كلود يونكر ودونالد تاسك في صوفيا قبل أيام على إغداق الثناء على بلغاريا، التي ترأست مجلس الاتحاد الأوروبي لأول مرة في الأول من يناير، فتحدث يونكر مازحاً عن أن مصير انضمام بلغاريا إلى الاتحاد الأوروبي كان ذات يوم بين يديه، لكنه وعد بأن صوفيا ستعثر على مكانها في منطقة اليورو ومنطقة شنغن الخالية من الحدود.

هل يونكر وتاسك محقان في اعتقادهما أن بلغاريا ستحقق النجاح؟ للإجابة عن هذا السؤال، يجب أن نتأمل أولويات بلغاريا الأربع، التي حددتها مع الدولة التي سبقتها في رئاسة المجلس، إستونيا، والتي ستليها، النمسا.

لا نبالغ إذا قلنا إن بلغاريا تشكّل رمزاً مثيراً للجدل للاندماج الاقتصادي والاجتماعي، ولا شك أن هذا البلد يستوفي تقنياً كل معايير الانضمام إلى منطقة اليورو، ومن الواضح أنه يحظى بدعم يونكر لترشحه، لكن بلغاريا تبقى الدولة الأكثر فقراً في الاتحاد الأوروبي مع ناتج وطني إجمالي للفرد لا يتخطى 47% من معدل الاتحاد الأوروبي، ويصطدم التقدم الاقتصادي بالفساد المتفشي الذي لا تبذل الحكومة جهداً جدياً لمعالجته.

وتتجلى هذه المشكلة أينما كان: تضم البلدات الصغيرة عشرات الكازينوهات والمتاجر الفاخرة الفارغة، ويقود المستفيدون من النشاطات غير المشروعة سيارات باهظة الثمن، في حين يُضطر المواطنون العاديون إلى مواجهة مشاكل النظام الصحي المتداعي، كذلك لا يخشى المسؤولون الرفيعو الشأن المتهمون بالفساد أي عقاب.

فساد متفشٍّ

يدرك الاتحاد الأوروبي هذا الفساد المتفشي، لذلك تُخضع بروكسل منذ نحو عقد بلغاريا لإشراف خاص عبر آلية تعاون وتحقق، لكن الاقتصاد ما زال أسير الجريمة المنظمة، فهل تحقق بلغاريا نجاحاً أكبر في صون الأمن الأوروبي؟

بما أنها أمة سلافية أرثوذكسية تشكّل بلغاريا هدفاً رئيساً للدعاية الروسية، وتشكّل الحركة الوطنية البلغارية "شيبكا" منظمة برلمانية بارزة تملك روابط عميقة مع موسكو، وترسل هذه المنظمة مجموعات ميليشياوية لمطاردة اللاجئين على طول الحدود مع تركيا، كذلك دخلت حركة "الوطنيون الموحدون" الوطنية الموالية لروسية الحكومة كجزء من الائتلاف الحاكم، ونتيجة لذلك سيرأس بعض وزرائها لجان الاتحاد الأوروبي خلال رئاسة بلغاريا ليُستبدلوا بعد سنة باليمين النمساوي المتطرف.

مصالح روسيا في مجال الطاقة

ترسخت مصالح روسيا في مجال الغاز، والطاقة النووية، وتوزيع الوقود بالجملة والتجزئة بضمان حصصها في قطاع الطاقة البلغاري من خلال روابطها القوية مع أصحاب النفوذ الأثرياء والسياسيين المحليين، أما في مجال الدفاع فتشكّل بلغاريا عضواً ملتزماً في حلف شمال الأطلسي يحاول التفلت من هيمنة روسيا على قطاع الطاقة من خلال تنويع مصادرها.

كي تحقق بلغاريا النجاح يجب أن يعرب الاتحاد الأوروبي عن تصميم راسخ على وضع سياسة أمن حقيقية في مجال الطاقة تتصدى لموسكو وتقدّم بدائل فاعلة، وقد أصاب يونكر عندما شدد على أن عضوية الاتحاد الأوروبي كانت القرار الصائب.

فضلاً عن الفوائد التي يجنيها المواطنون البلغاريون تساهم عضويتَا الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي معاً في إدراج صوفيا ضمن مصالح أوروبا الأمنية، ورغم كل مشاكلها تساعد الرئاسة بلغاريا في محاكاة التفاعلات الاقتصادية التي نجحت دول أخرى انضمت حديثاً إلى الاتحاد الأوروبي في تطبيقها.

صحيح أن مبادرة "الاقتصاد الرقمي" أُعدت لإستونيا خاصة، إلا أنها تسلّط الضوء أيضاً على عدم استعداد بلغاريا للمستقبل، والحق يُقال أن بلغاريا قد لا تكون الدولة الأكثر إثارة للمشاكل بالنسبة إلى بروكسل، بما أنها تفادت انتهاكات بولندا بحكم القانون واستفزازات هنغاريا بشأن تحديد نسب اللاجئين في الاتحاد الأوروبي. وقد تبرهن رئاسة بلغاريا في النهاية مدى التزامها بالتقدم والإجماع الأوروبي البناء، ولكن يجب ألا نستخف بالعقبات التي ستُضطر إلى تخطيها لتبلغ نجاحاً مماثلاً.

* نيكولاس تنزر

*«إي يو أوبزورفر»

back to top