مصر قلقة من تعثر مفاوضات «النهضة» وإثيوبيا تماطل

• أديس أبابا تحيل مقترح إشراك البنك الدولي إلى لجنة ثلاثية
• تكليف عباس كامل بتسيير أعمال «المخابرات»

نشر في 19-01-2018
آخر تحديث 19-01-2018 | 00:00
لافتة مؤيدة لترشح السيسي لولاية ثانية في القاهرة أمس (أ ف ب)
لافتة مؤيدة لترشح السيسي لولاية ثانية في القاهرة أمس (أ ف ب)
أعربت مصر رسمياً عن قلقها من تعثر مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي اجتمع برئيس الحكومة الإثيوبي هايلي ديسالين في القاهرة، أمس، بينما بدا أن أديس أبابا تراوغ في الاستجابة للطلب المصري بإشراك البنك الدولي في المفاوضات، في حين كلف السيسي مدير مكتبه اللواء عباس كامل بتسيير أعمال رئيس المخابرات العامة.
رغم حفاوة الاستقبال ومحاولات ترطيب الأجواء، إلا أنه لا جديد في أزمة سد النهضة الإثيوبي، فأديس أبابا تماطل لكسب الوقت، والقاهرة تتمسك بالحوار... هكذا جاءت خلاصة المؤتمر الصحافي بين الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الحكومة الإثيوبي هايلي ديسالين، الذي عقد في قصر الاتحادية الرئاسي بالقاهرة، أمس، بعد جلسة مباحثات مغلقة أعقبها المشاركة في توقيع اتفاقيات بين حكومتي البلدين في عدد من مجالات التعاون، لكن ملف مفاوضات سد النهضة ظل معلقًا.

وطرح الرئيس السيسي على ضيفه خلال المؤتمر الصحافي المشترك، الطلب المصري بإشراك البنك الدولي في مفاوضات سد النهضة المتعثرة، بسبب ما تراه القاهرة تعنتا من قبل أديس أبابا والخرطوم، إلا أن ديسالين فضل عدم إجابة مضيفه مباشرة، وأعلن عن إحالة الأمر إلى لجنة ثلاثية بين دول حوض النيل الشرقي «مصر والسودان وإثيوبيا»، وهو ما عد عودة من أديس أبابا إلى استخدام سلاح المماطلة لكسب مزيد من الوقت كي تنتهي من بناء السد وتفرض الأمر الواقع.

واعترف وزير الري المصري محمد عبدالعاطي في نوفمبر الماضي، بتعثر مفاوضات السد بسبب التعنت الإثيوبي-السوداني، ما أدى إلى توتر غير مسبوق بين القاهرة ودولتي الجنوب، ثم توجه وزير الخارجية سامح شكري إلى أديس أبابا ديسمبر الماضي، لتقديم طلب مصري بإشراك البنك الدولي كطرف في المفاوضات، إلا أن أثيوبيا والسودان أبديا عدم ترحيبهما، ما تسبب في تعظيم مخاوف القاهرة من السد الذي يهدد بضياع حقوق مصر التاريخية في مياه النيل والمقدرة بـ 55.5 مليار متر مكعب.

وأعلن السيسي، خلال المؤتمر الصحافي أمس، رسمياً قلق بلاده البالغ من الجمود الذي يعتري المسار الفني للمفاوضات حول سد النهضة الإثيوبي، وأضاف: «اقترحت مشاركة البنك الدولي كطرف فني محايد في المفاوضات الثلاثية حول سد النهضة»، وأكد بحثه مع الجانب الإثيوبى فرص زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين في ضوء اهتمام القطاع الخاصة المصري بزيادة استثماراته في السوق الأثيوبي، مشيراً إلى التعاون لإقامة منطقة صناعية مصرية في إثيوبيا.

في المقابل، قال رئيس الحكومة الإثيوبي، إن مقترح مصر بإشراك البنك الدولي، سيتم مناقشته عبر اللجنة الثلاثية لمصر والسودان وإثيوبيا، وأشار إلى أنه تم قطع شوط كبير في قضية سد النهضة بين البلدين على مدار السنوات الثلاث الماضية، لكنه أضاف: «هناك بعض الخلافات البسيطة سيتم الاتفاق عليها»، دون الإفصاح عن نوعية هذه الخلافات، واكتفى ديسالين بترديد الوعود غير المكتوبة، بالزعم أنه «لن يعرض مصلحة الشعب المصري للخطر بأي شكل من الأشكال»، مضيفا: «يجب أن نتناول الجفاف الذي نعاني منه في إثيوبيا الوقت الحالي وما يرتبط به من مجاعة».

مخاوف المماطلة

من جهته، حذر أستاذ العلوم السياسية بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية، أيمن شبانة، في تصريحات لـ«الجريدة»، من عودة أديس أبابا إلى سياسة المماطلة لكسب الوقت لكي تستكمل بناء السد وفرض الأمر الواقع على القاهرة، وشدد على أن حديث رئيس الوزراء الإثيوبي عن استبدال البنك الدولي بطرف آخر يعني رفض إثيوبيا عمليا للمقترح المصري، وهو ما سينتهي إليه اجتماع اللجنة الثلاثية التي تحدث عنها ديسالين في المؤتمر الصحافي.

بدوره، حلل الكاتب السياسي عبدالله السناوي، تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، قائلا لـ«الجريدة»: «ديسالين مازال يتبع نفس السياسية الإثيوبية في استنزاف مزيد من الوقت، بخصوص إشراك البنك الدولي في المفاوضات، لأن أديس أبابا تدرك جيدا أن للبنك تحفظات على بعض الأمور الفنية الخاصة بالسد»، وأشار إلى أنه مع استمرار النهج الإثيوبي كما هو فلم يعد أمام مصر إلا اللجوء إلى التحكيم الدولي.

حكاية وطن

وفي حين تبدأ الهيئة الوطنية للانتخابات تلقي طلبات الترشح من الراغبين بداية من غد السبت، بدا أن الرئيس السيسي يعرض إنجازاته في فترته الرئاسية الأولى التي بدأت في يونيو 2014، على الشعب المصري، قبيل خطوته المتوقعة بإعلان ترشحه لولاية ثانية وأخيرة، في الانتخابات التي تجرى جولتها الأولى في مارس المقبل، إذ ألقى السيسي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر «حكاية وطن» لعرض إنجازاته.

وقال السيسي إنه لولا الشعب المصري لما تحققت كل الإنجازات خلال السنوات الأربع الماضية، وشدد على أن رد فعل الشعب المصري على عملية الإصلاح الاقتصادي كان مصدر فخر واعتزاز، في إشارة إلى تحمل الشعب المصري لقرارات الحكومة خلال العامين الماضيين التي شملت تعويما للجنيه وتقليصا لدعم المحروقات وزيادة أسعار الكهرباء والمياه.

وأشار إلى أنه يتم العمل على إنشاء شبكة نقل وتحكم في الكهرباء تصل تكلفتها إلى 70 مليار جنيه، وأنه في ظل حجم المشروعات التي تحققت قد يرى البعض أنه أمر مستحيل، وأضاف: «لقد أنجزنا خلال أقل من 4 سنوات، ونكاد ننتهي من إنشاء ما يقرب من 11 ألف مشروع، بمعدل ثلاثة مشروعات يوميا، وهو رقم قياسي غير مسبوق لأية دولة ناهضة، وتبلغ تكلفة هذه المشروعات نحو تريليوني جنيه».

وقال الرئيس المصري إنه نجح في رفع الاحتياطي النقدي «إلى نحو 37 مليار دولار بعدما كانت 16 مليار دولار في 2014»، فضلا عن «انخفاض ميزان العجز التجاري في العامين السابقين، بمقدار 20 مليار دولار»، و»انخفاض معدلات البطالة من 13.4 إلى 11.9 في المئة»، بعد توفير فرص عمل في المشروعات القومية الكبرى بما يصل إلى 3.5 ملايين عامل.

في سياق منفصل، كلف الرئيس السيسي، أمس، مدير مكتبه اللواء عباس كامل، بتسيير أعمال جهاز المخابرات العامة، لحين تعيين رئيس جديد للجهاز، وكانت «الجريدة» انفردت منذ يومين بنبأ بدء عملية تغييرات واسعة في جهاز المخابرات العامة، شملت رئيس الجهاز اللواء خالد فوزي، ضمن عملية لإعادة ترتيب المؤسسات السيادية.

back to top