منظور آخر: انتحار العمالة الوافدة!

نشر في 16-11-2017
آخر تحديث 16-11-2017 | 00:08
يعاني العمال ظلما فاحشا في تأخير استلام رواتبهم المتواضعة، وأحيانا كثيرة تمر شهور دون أن يستلموا شيئا، بالإضافة إلى تكدسهم في غرف لا تحترم آدميتهم، ويتكفلون هم بشراء تذاكر السفر لبلدانهم، مما يشعرهم بالاكتئاب وانعدام الحيلة التي تجعل طريق الموت أسهل عليهم من طريق الحياة.
 أروى الوقيان لا يكاد أسبوع يمر حتى نقرأ عن حالات انتحار للعمالة الوافدة في الكويت، ولربما الموضوع موجود أيضا في دول أخرى، وهو الأمر الذي يقودنا للسؤال الأهم: لماذا تنتحر العمالة الوافدة في الكويت بطريقة مأساوية، فتصل إلى أن يشنقوا أنفسهم وأحيانا ينتحرون بالقفز من طوابق شاهقة؟

هذا دليل على مراحل متقدمة من الاكتئاب، والشعور بانعدام الحيلة التي تجعل طريق الموت أسهل عليه من طريق الحياة، فأغلب العمالة الوافدة التابعة لشركات التنظيف من البنغاليين، وأغلب الوافدين في الكويت من الهنود، والباقي من الجنسيات الآسيوية المختلفة والجنسيات الإفريقية، وكلها شملت حالات انتحار.

تكمن أغلب المشاكل في الديون التي تراكمت عليهم، ليتم استقدامهم للدول الخليجية النفطية الغنية، التي ظنوا أنها ستنقلهم من الفقر إلى وضع مادي مريح، غير مدركين أن الديون ستتراكم وتتضاعف في أحيان كثيرة.

يعاني العمال ظلما فاحشا في تأخير استلام رواتبهم المتواضعة، وأحيانا كثيرة تمر شهور دون أن يستلموا شيئا، بالإضافة إلى تكدسهم في غرف لا تحترم آدميتهم، ويتكفلون هم بشراء تذاكر السفر لبلدانهم.

ومن اجتهد منهم للعمل في الجمعيات التعاونية ليحمل المشتريات فإن عليه أن يدفع ما يشابه الجزية على كل يوم عمل للجمعية نفسها حتى تسمح له بالعمل فيها، ويعيش على البقشيش الذي قد لا يصل إلى ثمن العمولة التي تستلمها الجمعية منه، وقد تصل في بعض الجمعيات إلى سبعة دنانير يوميا!

وكشفت الإحصاءات الرسمية في عام 2016 عن تسجيل 227 حالة انتحار خلال السنوات الثلاث الماضية، من بينها 32 حالة منذ بداية العام الجاري حتى نهاية الشهر الماضي، وأظهرت هذه الإحصاءات أن 14% من إجمالي عدد الحالات المسجلة من الإناث، في حين أن غالبية المنتحرين من فئة الشباب الواقعة أعمارهم بين 19 و35 عاما.

وطبقا للإحصاءات فإن غالبية من أقدموا على الانتحار من فئة العمال والخدم، في حين أن الحالات المسجلة بأسماء المواطنين غالبيتها لمتعاطين لمؤثرات عقلية وبعضها لمن مروا بظروف نفسية وأسرية صعبة.

أما عن انتحار الخادمات في المنازل فهي منتشرة أيضا، وذلك إما بسبب التعذيب الذي يتعرضن له من أرباب العمل، أو إنهاكهن بساعات عمل طويلة دون أيام للراحة، وحرمانهن من ساعات نوم كافية، وكذلك من الطعام في بعض المنازل.

الأرقام لا تبشر بالخير وإهمال مشاكلهم لن يتسبب في اختفاء المشكلة، بل على العكس تماما ستتفاقم وتتحول لجرائم قتل لأرباب العمل وأبنائهم، كما حدث في حوادث متفرقة الأعوام الماضية.

يجب على الدولة أن تعالج مشاكل الإتجار بالبشر في حق العمالة الوافدة في شركات التنظيف، ونبارك خطوة وجود مركز إيواء للخادمات إن تعرضن لسوء المعاملة أو التعذيب.

قفلة:

المركز مخصص لإيواء العمالة النسائية، حيث يستقبل المعنفات أو اللاتي دخلن في نزاع مع أصحاب عملهن، أو من هضم حقهن، ويوفر المركز كل احتياجات العمالة بتعامل إنساني ونفسي أدى إلى تحسين صورة الكويت دوليا، وقد استقبل المركز 4915 عاملة العام الماضي، خرج منهن 4514 عاملة، وتمت تسوية 19 حالة مع صاحب العمل، كما شهد المركز 19 حالة إتجار بالبشر، بعضهن تمت المتاجرة بهن من دولهن، وتم إجراء عمل اللازم لهن*

* من تقرير نشر في جريدة "الراي" الكويتية في 15 يوليو 2016.

back to top