رقابة القضاء على الكتب الممنوعة

نشر في 13-11-2017
آخر تحديث 13-11-2017 | 19:00
المحامي أحمد الهندال
المحامي أحمد الهندال
بعد أيام قليلة سيحل علينا ضيف سنوي ننتظر وصوله بشغف، لما يحمله لنا من ثراء فكري وأدبي وقانوني، ألا وهو معرض الكويت للكتاب الدولي، وما إن يأتي المعرض حتى ترافقه في رحلته موجة من الاعتراض على المنع الذي يطال الكتب، ويقلص مساحة الحرية الفكرية، تارة لسبب واضح، وتارة أخرى لأسباب مجهولة، أو لأن أحد الكتاب ناله انتقاد الرأي العام لبعض محتوياته.

واتجه عدد من الكتّاب والناشرين، في الآونة الأخيرة، إلى الطعن على قرارات لجنة الرقابة أمام المحاكم الإدارية، لما يشوبها من انحراف في استخدام السلطة أو خطأ في تطبيق القانون، وبالتالي بدأت محاكم أول درجة والاستئناف إصدار أحكام مختلفة من قبول للطعن أو رفضه، لما تراه المحكمة من اتفاق القرار أو مخالفته لأحكام قانون المطبوعات والنشر رقم 3/2006.

وبالتالي ذهبت المحاكم إلى محاولة التوفيق بين الأصل الدستوري في حرية النشر، والذي ورد في المادة 36، ونص على «أن حرية التعبير والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون»، والمحظورات الواردة في نص المادة 21 من قانون 3/2006، ورغم تلك الأحكام ومحاولات التوفيق بين عدم التفريط في الحق الدستوري والحرية، وبين عدم الإفراط في المحظورات والمنع، ويضع معها الحق، إلا أن كل ذلك من باب الاجتهاد.

إلا أن محكمة التمييز عام 2008 أصدرت حكماً وضعت به شرطاً مهماً للمحاكم الإدارية، عند تناولها مثل تلك الطعون، وهو الأخذ برأي الخبرة الفنية في هذا المجال.

وذهبت محكمة التمييز الادارية، برئاسة المستشار محمد خيري الجندي، التي نظرت الطعن المقام على منع فيلم سينمائي، ملغية حكم محكمة الاستئناف واكدت ان التعبير الفني عن الأفكار بالكتابة أو التمثيل أو الصور، وغيرها من وسائل التعبير التي كفلها الدستور تختلف حولها وجهات النظر، مما يوجب على المحكمة، عند رقابتها مدى مشروعية القرارات الإدارية، أن تستعين برأي الخبرة الفنية، التي يتوافر لها الرأي المحايد فيما يبتغى نشره أو التصريح به، وأنه لا يمكن أن يتجلى الأمر فيها على وجهه الصحيح إلا بعد استدعاء الرأي الفني، وبحضور أطراف النزاع، ومناقشتهم في الجوانب السلوكية وارتباطها بالغاية من الأحداث.

وبذلك وضعت محكمة التمييز خطاً عريضاً لمحاكم أول درجة والاستئناف، عند نظرها لما يمنع من وسائل التعبير التي كفلها الدستور في نص المادة 36، أن تستعين بالخبرة الفنية ومناقشة أطراف الخصومة، وإلا كان الحكم معيباً، وبالتالي يجب على المحاكم الإدارية ألا تنفرد في الرأي بالتصريح أو المنع دون وجود رأي فني يساندها، وهو ما يتعين عليها قبل التصدي لموضوع الدعوى أن تستطلع الرأي الفني من أهل الخبرة.

back to top