اليابان تسعى إلى كسب الأصدقاء والتأثير في المنطقة

نشر في 12-11-2017
آخر تحديث 12-11-2017 | 00:07
 ستراتفور . طوال سبعة عقود كانت الولايات المتحدة حليف اليابان الثنائي الأكثر أهمية، وخلال زيارة ترامب إلى اليابان قبل أيام، أكّد هو ورئيس الوزراء شينزو آبي، الذي أُعيد انتخابه أخيراً، الروابط الوثيقة بين بلديهما. رغم ذلك أثار التغيير الذي طرأ على النظام العالمي خلال السنوات القليلة الماضية أسئلة جديدة حول هذه الشراكة، على سبيل المثال أدى بروز الصين دولياً إلى التشكيك في إمكان مواصلة اليابان اعتمادها على الولايات المتحدة لضمان أمنها؛ لذلك تقوم استراتيجية اليابان الفضلى لخوض هذه المرحلة الجديدة في العالم الجيو-سياسي على إبقاء الولايات المتحدة قريبة قدر المستطاع، فضلاً عن عقد اتفاقات جديدة مع دول أخرى تساعدها في حماية مصالحها.

مشاكل قديمة وتحديات جديدة

تعيد اليابان تقييم موقعها، فقد استعادت الصين مكانتها خلال العقود الثلاثة الماضية، سارقةً مكان اليابان في التصنيف الاقتصادي العالمي بفضل مرحلة من النمو غير المسبوق، وفي هذه الأثناء تعمل بكين أيضاً على بناء قوتها العسكرية، بما فيها بحريتها، وتوسيع منطقة نفوذها، وخصوصاً في بحر الصين الجنوبي. نتيجة لذلك يصطدم الضمان الأمني الأميركي بالمزيد من التحديات مع كل سنة جديدة، فيما يواصل نفوذ الصين اتساعه، والأهم من ذلك أن الصين تشكّل واحدة من ثلاث دول فقط حول العالم تستودر كمية من النفط تفوق ما تستورده اليابان، ويأتي الجزء الأكبر منه عبر القنوات ذاتها، مما يهدد على الأرجح ممرات اليابان البحرية.

كسب الأصدقاء

لكن الردع العسكري يمثّل واحداً من حلول كثيرة للتصدي لهذه الأزمة، وتُعتبر الدبلوماسية خياراً أكثر فاعلية بالنسبة إلى اليابان، لطالما استخدم هذا البلد الأصول التي يملكها بوفرة (رؤوس الأموال) لدعم استراتيجياته الجيو-سياسية من خلال الاستثمارات في الخارج، العامة منها والخاصة. على سبيل المثال بعد عقود من الاستثمار في دول تشكّل جزءاً من رابطة دول جنوب شرق آسيا (أسيان)، نجحت اليابان في استمالة أعضاء هذه الكتلة، علماً أن أربعاً من هذه الدول تحد ممراً مائياً بالغ الأهمية: مضيق ملقا الذي يعبره 60% من النفط الياباني المستورد. كذلك سرّعت اليابان خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية جهودها لبناء العلاقات مع هذه الدول. فالتقى آبي، مثلاً، رئيس الفلبين رودريغو دوتيرتي أربع مرات منذ توليه السلطة في مانيلا السنة الماضي في محاولة للتقرّب هو وبلده من هذا القائد الجديد، ووقعت اليابان أيضاً مبادرتها الدفاعية الأولى مع أسيان السنة الماضية ضمن إطار جهود التقرّب هذه.

ضمن إطار الاستراتيجية ذاتها حظيت علاقة اليابان الثنائية المنفتحة مع الهند باهتمام متزايد السنة الماضية. يشكّل هذان البلدان (قوتان طموحتان قلقتان من بروز الصين) ثنائياً مثالياً، ويبدو أن علاقتهما ستزداد تعمّقاً خلال السنوات المقبلة. فقد أيّدت اليابان علانية السياسة "الحرة والمنفتحة في منطقة المحيط الهادئ الهندي" منذ عام 2016. علاوة على ذلك انضمت إلى الولايات المتحدة والهند في تدريباتهما البحرية السنوية في مالابار عام 2015، فضلاً عن أنها تساعد دول جنوب آسيا في تطويرها العسكري لجزر أندمان التي تقع قرب مضيق ملقا.

تشمل المقاربات الأخرى التي تستطيع اليابان تبنيها للحد من المخاطر التي تهدد خطوط إمدادها تنويع مصادر طاقتها، مبتعدةً عن الشرق الأوسط. سبق أن طبقت اليابان هذه الاستراتيجية مع أستراليا، وهي حليف يُعتبر بالغ الأهمية بالنسبة إلى اليابان نظراً إلى قوته البحرية النسبية في منطقة المحيط الهادئ الهندي.

خارج منطقة المحيط الهادئ الآسيوية، تصب اليابان اهتمامها على روسيا كشريك محتمل، فرغم خلافها المستمر مع موسكو بسبب جزر كوريل، فلا شك أن طوكيو ستحقق مكاسب من تعميق علاقاتها مع روسيا. أولاً، يحوّل هذا البلد تركيزه من أسواق الطاقة في الغرب إلى بناء البنية التحتية لخدمة المستوردين في الشرق. وتخطط روسيا لشحن نحو 30% من نفطها شرقاً بحلول السنة المقبلة. علاوة على ذلك سيشكل خط النفط المقترح من جزيرة سخالين الروسية إلى هوكايدو هبة لليابان، مقدماً لها إمداد طاقة لا يعتمد على الطرق البحرية للمرة الأولى في تاريخها المعاصر. ثانياً، يشكّل توطيد العلاقة مع موسكو وسيلة أخرى تتيح لطوكيو التصدي للشراكة المتنامية بين روسيا والصين.

* مارك فليمينغ

* «ستراتفور»

back to top