زبدة الهرج: حذفة حصاة

نشر في 14-10-2017
آخر تحديث 14-10-2017 | 00:07
 حمد الهزاع الاستجواب المقدم من النائبين رياض العدساني وعبدالكريم الكندري لوزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد العبدالله توقيته فيه شيء من الدهاء، وينم عن أن المستجوبين يملكان رؤية ثاقبة في ما يدور خلف الجدران الحكومية، وقبل أن أتطرق للاستجواب أريد أن أعرج بشكل سريع على النائب رياض العدساني، والذي تربطني به علاقة أخوية راسخة بعيدة عن المصالح الشخصية، وشهادتي فيه مجروحة لما يتمتع به من صدق التعامل، والتواضع والأخلاق الراقية، ولا يبحث عن "الشو "الإعلامي أو التكسب الانتخابي في ما يقدمه ويطرحه من قضايا وطنية.

في عام 2014 وقبل أن يقدم العدساني استقالته بفترة وجيزة من مجلس الأمة أجريت معه لقاء صحفياً جميلاً جداً، فكان أحد الأسئلة التي طرحتها عليه، حسب ما أذكر، حول سبب التأزيم المتصاعد بينه وبين السلطة التشريعية، فباح لي بأمور محزنة ومخزية تعرض لها من بعض زملائه في المجلس، وبعد الانتهاء من اللقاء سافرت مباشرة إلى دبي، وما إن وصلت حتى اتصلت به لاستيضاح بعض النقاط قبل النشر، فطلب مني عدم ذكر ما أسره لي في المقابلة، ليس خوفاً من أحد، ولكنه أراد أن يترفع عن صغائر الأمور، فأخلاقه وتربيته أسمى من أن ينشر ما تعرض له.

غير أن الملاحظ في هذا المجلس أن رياض بدأ ينجر خلف الصراعات والمشاحنات الجانبية التي ليس من ورائها طائل، لذا أتمنى منه، كما عهدناه، ألا ينجرف إلى هاوية السجال العقيم الذي لا يخدم مصالح الشعب، ولا نرى من التراشق الإعلامي سوى أنه مضيعة للوقت.

نعود إلى الاستجواب، يدرك تماماً وزير الإعلام أنه لم يمتدح الأداء الحكومي حينما ذكر أن " ثقة المواطن بالحكومة معدومة"، فهو يعلم علم اليقين أن هذا التصريح سيكلفه الكثير، وقد يكون "البيت الذي قتل شاعره " كما يقال، وكما ذكر بعض كهنة السياسة ومحللوها ومشرحوها، فإن تصريح وزير الإعلام ينم عن وجود أزمة "حكومية حكومية" لم يلاحظها أحد، ولم تطفُ على السطح، وأن الوزير لم يعد اللاعب الأساسي في الفريق الحكومي، ولهذا أراد أن ينتقدهم ولو بالشيء اليسير ليبرئ ذمته في القادم من الأيام.

من جانب آخر، بما أن الاستجواب حق شرعي يستخدمه النائب عندما يرى أن الطرق الشرعية الأخرى لم تعد مجدية، لذلك اتجه النائبان إلى التصعيد بعدما قادهما ذكاؤهما إلى أن الفرصة سانحة ومناسبة للانقضاض على الحكومة عن طريق وزير الإعلام، وبعد أن قرآ ما بين السطور بأن وضع الحكومة هشٌّ ويتآكل من الداخل وأن الطريق معبد لهما بالورود للانتقام من خصومهما بطريقة " شرعية ومستحقة " خصوصاً أن النائبين عانيا من سطوة السلطتين ضدهما في المجلس السابق... أما السؤال: فهل سيعبر الوزير إلى بر الأمان وينجو في ظل وجود بعض التحالفات النيابية الحكومية أم أنه سيختصر الطريق ويقدم استقالته ويصبح الاستجواب "ذهب مع الريح"؟ وإن كانت الشواهد السابقة تقول إن مكتب وزير الإعلام تسكنه أرواح شريرة، ما إن يتربع وزير على الكرسي إلا ويجد نفس خارج الوزارة، لذا يجب على الحكومة أن تستدعي "ملا بلال" يقرأ على مكتب الوزير ويرش على الكرسي "ماي وملح" قبل دخول الوزير القادم.

ثم أما بعد...

إذا جمعنا الاستجوابات القادمة التي يحضر لها لوزيرة الشؤون ووزير النفط ووزير الإعلام ووزراء آخرين على قائمة الانتظار، أضف إلى ذلك تهديد النائب وليد الطبطبائي للحكومة باستجواب سمو رئيس الوزراء إن لم تنجز القضايا العشر التي طالب بها، فستكون النتيجة أن حل مجلس الأمة قاب قوسين او أدنى، يعني حذفة حصاة.

back to top