الرسوم ليست عدواً للمستثمرين بل سلوكهم في التعامل

نشر في 07-10-2017
آخر تحديث 07-10-2017 | 00:00
استحوذت فكرة الرسوم بشدة على تفكيرنا على حساب الجوانب الأخرى مثل بناء محافظ استثمارية، لذا علينا أن نعلن الانتصار على مسألة الرسوم وأن نحاول تقديم المساعدة للمستثمرين لدفعهم إلى التفكير في كيفية بناء محفظة تستطيع الصمود في وجه كل التقلبات والعواصف وتتمتع بالقدرة على النجاح سنوات عديدة مقبلة.
 بلومبرغ • يوجد مئة من صناديق تبادل العملات ذات نسب مكلفة من 10 نقاط أساس أو أقل – ويفرض مؤشر «فانغارد 500» أربع نقاط أساس أو 0.04 في المئة، كما أن العمولات على تجارة الأسهم يمكن أن تصل الى مستويات منخفضة تصل الى 4.95 دولارات أو حتى صفر في بعض الحالات. وقد وصلنا الى مرحلة نستطيع معها الاستثمار بشكل مجاني وهو شيء غريب ولم يتسم الاستثمار بأنه باهظ الثمن الا في الآونة الأخيرة.

وقد بدأت عملية الاستثمار في أواخر التسعينيات من القرن الماضي وبعد قراءة كتابين عن صناديق الاستثمار المشترك قررت الاستثمار في صناديق تخلو من الأعباء بدلاً من تلك التي تشتمل على رسوم مبيعات، والسؤال هو لماذا تدفع لقاء شيء اذا لم تكن مضطراً الى القيام بذلك؟ ثم تعلمت بعد العديد من السنين أن ثمة أسباب ربما تدفعك الى الدفع على الرغم من عدم وجود ما يفرض عليك ذلك.

تعتبر رسوم المبيعات طريقة مذهلة تماماً للسلوك والتصرف، والرسوم العالية تثبط همة المتداول النشيط، ومعظم الناس هم من فئة المتداولين الفظيعين النشطين، ووجود أعباء كبيرة يشجع الناس على الاستثمار بحيث تستمر العوائد في التراكم. وقد صدر العديد من الدراسات التي تظهر كيف تلتهم الرسوم تلك العوائد بمرور الوقت، وهذه عملية حسابية بسيطة، ومع تساوي كل شيء آخر اذا كانت نسبة الانفاق على صندوق الاستثمار المشترك هي 1 في المئة فسوف يكون لديك كمية أقل من المال عند نقطة ما في المستقبل تكون أدنى مما كنت قد دفعت من مال عندما استثمرت في صندوق نسبته 0،1 في المئة.

وأنا أستمر في ترقب رؤية الآراء التي تتحدث عن هبوط نفقات الاستثمار الى مستويات يمكن تجاهلها ولكن يبدو أن الناس لا يزالون يشتكون من تلك الرسوم، والسؤال ما هو الشيء الذي يثير انزعاجهم وتذمرهم؟ والجواب هو الى حد كبير أنهم غير سعداء ازاء أدائهم في خضم موجة هي الأطول في تاريخ العمليات الاستثمارية. واولئك الذين عمدوا الى الشراء في سنة 2009 وحافظوا على موجوداتهم حتى يومنا هذا سوف يكونون سعداء للغاية، ولكني حصلت على انطباع يشير الى أن قلة من الناس فقط قامت بهذا العمل ولم تقدم على خطوة من نوع ما بهدف التغيير. ويرجع السبب الى أنهم إما قاموا بالشراء في وقت متأخر ثم عمدوا الى البيع في وقت مبكر جداً خشية حدوث ما هو أسوأ أو أنهم حرصوا على اتباع مسار واتجاه آخر في العمل. والنتيجة هي تراجع أدائهم في ما يتعلق بالأسهم والسندات التي كانت سوف تدر حوالي 10.4 في المئة على شكل عوائد منذ بداية سنة 2009.

ولكن الناس يندر أن يكونوا راضين عن الحصيلة التي توصلوا اليها، وكانت نظرتي منذ زمن طويل أن أسوأ أعداء المستثمرين ليس الرسوم بل سلوكهم في التعامل والذي لا يتحسن على الاطلاق. وحتى مؤشر فانغارد يعلم أن العوائد التي يتم الاعلان عنها في صناديقه ليست هي العوائد التي تحققت عن طريق مستثمريه لأن الرسوم المتدنية تفضي الى ربح أعلى وهو شيء يفضي الى عوائد أقل – في العادة.

دروس الماضي

سبق لي أن تعرفت على شريحة واسعة من الأغنياء ومن الأشخاص الذين حققوا ثروات عن طريق الاستثمار بعيداً عن السعي وراء رسوم متدنية، وكان معظمهم من عملاء شركات وساطة وسمسرة تصل نسبة السهم فيها الى 6 أو 10 في المئة. وقد اشتروا مجموعات من الأسهم في صناديق الاستثمار المشترك وحافظوا على موجوداتهم بصورة دائمة لأن تكلفة البيع كانت عالية جداً.

واذا ما حدث ركود في السوق كان هناك من يؤكد لهم أن ذلك لن يستمر وأن عليهم التمسك بما لديهم على شكل خيار أفضل في الاستثمار، وفي محفظة تحتوي على 20 الى 30 سهماً توجد فرصة جيدة في أن ينمو أحد الأسهم بصورة فلكية خلال عشرين سنة.

وسوف يكون النموذج المثالي في تلك الحالة متمثلا في وجود مشرف على توجيه السلوك الاستثماري يطلب منهم الاستمرار في الاستثمار خلال فترة الانكماش، وفي الماضي كانت تعويضات السمسار تشمل دفعة مالية من أجل توزيع صناديق استثمار مشترك معينة، واذا استبعدنا ذلك فسوف يكون من الصعب نجاح الاقتصاد على شكل مستشار مالي. وصناديق المؤشرات هي بشكل رئيسي ظاهرة «اعمل ذلك بنفسك»، ومن الصعوبة بمكان تبرير دفع 100 نقطة أساس الى مستشار من أجل اختيار صناديق فيما تقوم الروبوتات بذلك العمل في مقابل مبالغ أقل كثيراً من ذلك.

ومن جهة اخرى تعتبر الرسوم مجرد عامل واحد فقط يستحق النظر اليه عند اختيار نوعية الصناديق المستهدفة، والعوائد هي عامل واضح آخر، ولكن توجد أيضاً عوامل التقلبات والتفاعل مع الأصول الاخرى، والخطر المتمثل بنوع محدد من الصناديق. وليس في وسعك النظر الى الرسوم من فراغ، كما أن المستثمرين يتخذون في العادة قرارات سيئة ولكن يوجد الكثير من العمل الذي يتم على مستوى الصندوق من أجل التأكد من أن ذلك لن يحدث.

وأخيراً، من الجيد بالنسبة الى المستهلك أن الرسوم قد انخفضت لأن معظم الأشياء سوف تهبط بمرور الوقت في أوقات تنافسية، وادارة الأصول من الميادين التنافسية بامتياز. وشعوري هو أن فكرة الرسوم قد استحوذت بشدة على تفكيرنا على حساب الجوانب الاخرى مثل بناء محافظ استثمارية. ومن هذا المنطلق أقول ان علينا أن نعلن الانتصار على مسألة الرسوم وأن نحاول تقديم المساعدة الى المستثمرين من أجل دفعهم الى التفكير في كيفية بناء محفظة تستطيع الصمود في وجه كل التقلبات والعواصف وتتمتع بالقدرة على النجاح لسنوات عديدة مقبلة.

الرسوم العالية تثبط همة المتداول النشيط، ومعظم الناس هم من هذه الفئة النشيطة

أسوأ أعداء المستثمرين ليس الرسوم بل سلوكهم في التعامل والذي لا يتحسن على الإطلاق

في محفظة تحتوي على 20 إلى 30 سهماً توجد فرصة جيدة لأن ينمو أحد الأسهم بصورة فلكية خلال 20 سنة

تعتبر الرسوم مجرد عامل واحد فقط يستحق النظر إليه عند اختيار نوعية الصناديق المستهدفة

حتى مؤشر «فانغارد» يراعي أن العوائد التي تعلن في صناديقه ليست هي التي تحققت عن طريق مستثمريه لأن الرسوم المتدنية تفضي إلى ربح أعلى وهو شيء يفضي إلى عوائد أقل في العادة
back to top