منظور آخر: المرأة السعودية في عيون الموريتانية

نشر في 05-10-2017
آخر تحديث 05-10-2017 | 00:07
 أروى الوقيان عندما سمعت خبر حصول المرأة السعودية على حق القيادة كنت تحديدا في نواكشوط عاصمة موريتانيا في رحلة نظمتها المفوضية السامية للاجئين لمجموعة من الإعلاميين الخليجيين والعرب لتغطية أوضاع اللاجئين في شمال إفريقيا.

كنا مجتمعين على العشاء حين صرخ أحد الزملاء "مبرووك" ستحصل المرأة في السعودية أخيرا على حقها في القيادة، الأمر الذي أثار استهجان إعلامي سعودي معنا، والذي كان مصراً أنه لا يحق لها القيادة، دار نقاش طويل وعقيم، وكان الأخير متمسكا برأيه المتناقض بأن لها حرية القيادة في أي مكان في العالم، ولكن ليس في السعودية، الأمر الذي أدخلنا في إشكالية أخرى، وهو الازدواجية والمعايير المغلوطة لدى بعض القناعات.

لكن المبهج في الموضوع أنه في اليوم التالي وأثناء وجودنا في مطار نواكشوط متجهين في رحلة داخلية لمنطقة تحتوي على مخيم "باسكنو" للاجئين الماليين الذين يعانون أوضاعا تعيسة هناك، حدث ما لم يكن بالحسبان، وهو إلغاء الرحلة لأسباب جوية، وأثناء انتظارنا للباص الذي سيقلنا للفندق مرة أخرى تبادلنا أطراف الحديث مع أسرة موريتانية كانت في انتظار وصول مسافر.

وكنوع من المداعبة ذكر أحد الزملاء أن معنا زميلا سعوديا ضد قيادة المرأة، وهو الأمر الذي استشاط غضب مجموعة النساء الموريتانيات الموجودات، فانهلن عليه بعبارات الهجوم، مؤكدات أن المرأة نصف المجتمع وعليه أن يحترمها، والقيادة ليست حقاً يتفضل هو به عليها، وأنها حرة بما تختار، وفي كل مرة كان ينطق برأي ضد المرأة كنّ يحاججنه بالمنطق والقوة، وكانت تلك إحدى أهم مشاهداتي طوال الرحلة، والتعرف على مدى قوة المرأة الموريتانية، وهو أمر نادر في إفريقيا، التي زرت غربها وجنوبها وشمالها.

عادة المرأة الإفريقية تتحمل عبء المعيشة، وتتكفل بالعمل والتربية، في حين يقوم زوجها بالراحة في النهار وخيانتها في المساء، غير مكترث بما يحدث لها ولأبنائه، ولكن أحببت الرؤية النسوية الموجودة في المرأة الموريتانية، وحتى اللاجئات الإفريقيات في موريتانيا يحظين بفرصة جيدة ليصبحن مناصرات للمرأة، حيث قابلت إحداهن في مركز التكوين للاجئات في نواكشوط، فكانت تتحدث إحدى اللاجئات وهي من وسط إفريقيا عن أهمية أن تتعلم المرأة، وما هي حقوقها، وعليها أن تنتصر على جميع من يستضعفها، وهو الأمر المذهل حقيقة في بلد فقير اقتصاديا.

حصول المرأة السعودية اليوم على حقها أخيراً في القيادة رغم جميع الشروط خطوة انتظرتها نساء العالم جميعا، ولاقت مباركة حتى في إفريقيا، والمرأة السعودية لم تعقها القيادة عن تحقيق إنجازات كبيرة، رغم تقليص المجتمع كثيرا من حقوقها وتقييدها بالولاية التي حان الوقت لإسقاطها حتى تنطلق المرأة السعودية محلقة في سماء الإبداع غير مقيدة بأمور شكلية ساهمت في تأخر وصولها إلى مكانة تستحقها مبكرا.

وتحية خاصة لجميع المناضلات في حقوق المرأة أينما كنّ لا سيما السعوديات اللاتي قدمن حريتهن لإيصال صوت النساء المقهورات حول العالم، وتحية للجين الهذلول ومنال الشريف وجميع من رفع راية المطالبة بحقوق النساء وحوربن بشراسة.

قفلة:

أثبت بعض المفتين هشاشة قناعاتهم التي أصرت في السابق أن قيادة المرأة غير شرعية، وتحولت اليوم إلى مباركة بهذا القرار الحكيم، وأعتقد أن الوقت حان ليلتزم رجال الدين الصمت في الأمور السياسية والاكتفاء بالتبحر في علوم الدين.

back to top