«حريم الديك» للجلاهمة رصدت الزمن وعبّرت عن العصر

• رواية غنية بالإسقاطات والرسائل والغمزات واللمزات

نشر في 05-10-2017
آخر تحديث 05-10-2017 | 00:00
سرد يوسف الجلاهمة في روايته «حريم الديك»، على لسان الطيور، وخاصة الديوك والدجاج، المواقف العاصفة التي مرت وتمر بها منطقتنا، بصورة مبكية لواقع مر.
قدم يوسف الجلاهمة نفسه للساحة الثقافية والأدبية الكويتية، من خلال روايته الجديدة "حريم الديك"، كأديب وقاص متمكن من أدواته وضبط إيقاع أفكاره، بسرد واع لم يحِد خلاله عن المضمون، ولم يشرد عن المأمول توصيله من رسائل واسقاطات وغمزات ولمزات عن الاحداث التي نعيشها وتعيشنا، خلال السنوات الخمس الأخيرة، بأسلوبه السهل الممتنع من خلال اللهجة الكويتية التي أعاد الحياة لبعض مفرداتها التي كادت أن تلتهما الحداثة.

والجلاهمة القاص أو الراوي او الاديب هو جديده، أو الوجه الاخر غير المعروف عنه كإعلامي مرموق شغل في فترة ما منصب رئيس تحرير جريدة الراي، والذي يشغل حاليا في مجموعتها الإعلامية منصب نائب رئيس مجلس إدارتها، أو رقيب لا يشق له غبار في فترات كان هو نجمها ومرجعها وصاحب القول الفصل في موادها.

التصوير البديعي

ورواية "حريم الديك" التي صدرت خلال الايام القليلة الماضية تعد لوناً جديداً من ألوان التصوير البديعي، بالكلمة القائم على فكرة عالجها بكل صورها سواء البسيطة، او المركبة، من ناحية بنائها الفني، أو من ناحية وظيفتها الإيحائية، ليلفت نظرنا إلى شيء يريد إبرازه، أو فكرة يُريد توضيحها بأسلوب تفريغ الذروة، وخرق المتوقع، بمواقف في حظيرة الدواجن التي بها كل امراض البشر السياسية ونوازعهم النفسية المريضة بحب التآمر تارة، والجاه مرات، ومحاولات القفز على السلطة على طول الخط، من خلال احداث نسجها على لسان وحركة ومواقف شخوص روايته التي رسم ملامحها بعناية فائقة، وكأنه فنان تشكيلي استعمل الريشة بدلا من القلم للحظات، سواء الديك السلطان "ذي العرف المايل" او الدجاجات اللواتي يعيشن تحت جناحه، وأبرزهن والدته السلطانة، وزوجته "ريحانة"، وشقيقته "روح الورد"، وابنته "كسر الخواطر"، والداية والخادمة "أم طوق"، وغيرها من ذوات تاء التأنيث او الديوك الاقل في المرتبة والمكانة من السلطان، ومنهم زوج شقيقته "ديك البراري"، وابن شقيقته "ديك البراري الابن"، والحاجب ورئيس الوزراء والوزراء، ومنهم الابرز الصحة والدفاع والداخلية من "الماك جكن" أحد افرازات ربيع مزرعة الدواجن، وديوك الاحباش المتمردين من اصحاب النزعات الانفصالية، والديك الفصيح ناقل اخبار المعارك.

تخفيف وطأة

وإذا كان لجوء الرواة في اعمالهم الى الحيونات او الطيور، كما في حالة "حريم الديك" كشخوص ليس من اجل الهروب بحالة بعيدا عن ابداء الراي، ولكن لتخفيف وطأة الحدث من خلال مواقف ترطب حرارة الاحداث العاصفة التي مرت بها المنطقة او العالم، سواء كخريف مكفهر او ربيع عاصف او حركات متمردة او نزعات انفصالية او مواقف متذمرة بسبب تكنولوجيا العصر، كالبصمة، وهي احداث ليست طرفة، وإن كانت تضحك المتلقي، في بعض الأحيان، فإن هذا الضحك يكون في كثير من الأحيان مؤلماً إلى حد البكاء.

واعتمد الجلاهمة في طرحه من البداية على النهاية في روايته ذات القطع الصغير المكونة من 148 صفحة على عناصر العمل، بحبكة من شخصيات مزرعة الدواجن بديوكها ودجاجها، وأحداث عاشوها بالنيابة عنا في زمان نحن عاصرنا أيامه وسنينه ومكانه، وصولا الى نهاية نسجها من نفس واقعنا، بتكثيف دلالي، وبوعي مستشرف لما هو آت، معتمداً على تقاطع الاحداث القادمة بتدفق من مخزون الذاكرة، ومن قراءة جيدة للغد، فغرف من الواقع الذي نعيشه دراما تنبع من روحه المرحة ورؤيته الثاقبة التي تجاوزت مدى وقت الشروع في كتابتها قبل 3 سنوات.

ورواية "حريم الديك" ليس تأريخا لفترة ما، على الرغم مما تكتسيه من رصد لفترة تعتبر هي الاصعب في مسيرتنا والاكثر التباسا في حياتنا، وإنما جرس انذار ينطلق من النص ليؤسس مجموعة من الأسئلة والافتراضات تقتضي الإنصات لأنفاس شخوصها العميق، بدل الجنوح نحو تاويلات لا طائل يرجى منها.

مستحيل الكتابة

إن هذه الرواية التي رسم غلافها الفنان فيصل الابراهيم تخوض في مستحيل الكتابة في هذا الزمن، بنصوص متخيلة، قادرة على تجديد رؤى وتصورات الفعل الذي نعيشه، وهو ما يريده كاتبه، أن تقرأ ما يكتبه لا أن تقرأه هو، ولذلك قدم نفسه بانه عضو مركز شباب الدعية في ستينيات القرن الماضي، وعضو نادي بنيد القار البحري، قبل تحويله الى نادي ضباط الشرطة، وعضو النادي العربي (فريق كرة الطائرة) وتم شطبه لعدم سداد الرسوم، وعضو سابق في جمعية الجابرية التعاونية، ومشترك سابق في معهد الهلال الاحمر الكويتي، ومعهد بلاتينيوم فرع كيفان، لزوم الريجيم (النتائج السلبية)، وعضو عامل في جمعية القادسية التعاونية ويملك رقم صندوق ومسجل حاليا في التأمينات الاجتماعية كمتقاعد.

الرواية ليست تأريخاً لفترة بل رصد لزمن يعتبر الأكثر التباسا في حياتنا

الجلاهمة اعتمد في طرحه من البداية إلى النهاية على حبكة درامية من شخصيات مزرعة الدواجن بديوكها ودجاجها
back to top