لمَ يعني موت زعيم «داعش» المتاعب؟

نشر في 21-06-2017
آخر تحديث 21-06-2017 | 00:06
 ماكلينز لا شك أن احتمال موت زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي ملأ معظم الناس بإحساس بالراحة.

لكن راحتنا الجماعية هذه قد تكون سابقة لأوانها، إذ يشير وزير الدفاع الروسي إلى أن البغدادي ربما قُتل خلال غارة جوية روسية استهدفت اجتماعاً لكبار قادة "داعش" جنوب الرقة، عاصمة خلافة هذا التنظيم المزعومة، نحو نهاية شهر مايو، وتفيد التقارير إلى أنه مات مع 30 آخرين من قادة "داعش" المتوسطي الشأن و300 مقاتل.

بغض النظر عما إذا كانت هذه المعلومات صحيحة أم لا، يتفق معظم الخبراء على أن البغدادي سيُقتل في مرحلة ما، هذا إذا كان لا يزال على قيد الحياة. جاء آخر تصريح علني أدلى به في شهر نوفمبر من السنة الماضية، حين نشر رسالة صوتية دعا فيها مقاتليه إلى الثبات في مواقعهم ضد قوات الجيش العراقي المتقدمة في الموصل، مع أنه هو نفسه هرب إلى الصحراء.

لكن المفارقة، وفق بعض الخبراء، أن مقتل البغدادي قد يدق المسمار الأخير في نعش "داعش"، إلا أنه سيقوّي في الوقت عينه تنظيم القاعدة ويضاعف على الأرجح مخاطر الإرهاب الدولي.

يكمن الشيطان في هذه الحالة في التفاصيل العملية، عندما قُتل بن لادن عام 2011، لم تكن التأثيرات مدمرة بالنسبة إلى تنظيم القاعدة، وعقب موت بن لادن عانى هذا التنظيم أزمة قيادة بسيطة لم تسبب خضة كبيرة، ويعود ذلك في جزء منه إلى أن بن لادن وضع تنظيمه قبل نفسه، أي الماركة قبل الشخصية إذا جاز التعبير.

نجح هذا النظام، وحتى بعد موت بن لادن استمر اسم القاعدة رمزاً قوياً في عالم الجهاد، وبخلاف "داعش"، لم نشهد أي "خلافة" مركزية استنفدت الموارد وركّزت الانتباه على الاحتفاظ بمساحة جغرافية، وهكذا اختار البغدادي مساراً مختلفاً. فبتنصيب نفسه خليفة وحّد مَن يتبعون العقيدة الدينية ذاتها حول فكرة ملموسة. إذاً فيما دعا تنظيم القاعدة إلى الحذر وفضّل اللعبة الطويلة الأمد وعد البغدادي بتحقيق حلم المجاهدين في الحال، ويعكس نمو "داعش" المذهل خلال الأسابيع والأشهر الأولى بعد تأسيسه خلافته في سورية والعراق مدى قوة وعد البغدادي.

لكن نقطة قوة "داعش" تشكّل أيضاً نقطة ضعفه، فقد طالب البغدادي بالبيعة لنفسه، لذلك أصبحت علة وجوده تقوم على الخلافة، وهو مشروع بُني على رمل وينهار اليوم، ومن دون البغدادي في القمة، يفقد "داعش" تفرّده الذي ميّزه عن القاعدة، ومن دون الخلافة يتحول هذا التنظيم إلى ما يشبه القاعدة إنما باسم مختلف.

يذكر كولين كلارك، عالم سياسة في مؤسسة راند في الولايات المتحدة، متحدثاً عن البغدادي: "تُعتبر مكانته كخليفة بالغة الأهمية في تحفيز عملية التجنيد"، لكن كلارك يحذّر من الاحتفال مبكراً، فلن يختفي تنظيم "داعش" بكل بساطة عقب موت البغدادي.

رغم ذلك سيتراجع اسم "داعش" مع رحيل البغدادي، وإذا واصل تحوّله إلى أسلوب يشبه القاعدة، أي حركة تقوم على اسم، فلن يعود ذلك بالفائدة إلا على القاعدة بحد ذاته، علماً أن تنظيم "داعش" بدأ عملية تحوّله هذه السنة الماضية. يعتقد كلارك وآخرون أن أيمن الظواهري تعمّد سحب القاعدة من عملياته الإرهابية في الدول الغربية كي يترك "داعش" "ليتحمل لهيب المواجهة" في حين يعمل تنظيم القاعدة على ترسيخ شرعيته السياسية في سورية.

لكن أبا الإرهاب الدولي العصري لم ينتهِ من الغرب بعد، كما يحذّر كلارك، فيعبّر هذا العالِم وخبراء آخرون عن قلقهم من أن يمهّد موت البغدادي لتقارب بين "داعش" والقاعدة، وتبدو هذه خطوة طبيعية: فمع نهاية الخلافة وزوال هالة الشخصية التي كانت تدفعها قدماً، يتضح أن مقاربة القاعدة المنهجية إلى الجهاد تبقى الأفضل.

يبدو أن صبر القاعدة يجدي نفعاً، ففي معركة التجاذب هذه بين أقوى تنظيمين إرهابيين في العالم، برز "داعش" مع تراجع القاعدة، وها هو القاعدة يستعد للبروز مجدداً مع سقوط "داعش".

* عدنان ر. خان

* «ماكلينز»

back to top