نهاية بريطانيا المؤيدة للخروج من الاتحاد الأوروبي

نشر في 12-06-2017
آخر تحديث 12-06-2017 | 00:11
 سبكتاتور قد يكون "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني خروجها من الاتحاد الأوروبي" الشعار الأكثر غباء الذي تفوه به سياسي بريطاني، وخصوصاً أنه لم يشتهر بغبائه من قبل.

لكننا نعرف ما عنته تيريزا ماي جيداً، إذ تنبع الشرعية في بريطانيا من الاستفتاء الذي أُجري حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فلا يستطيع البرلمان التشكيك فيه، واعتُبر القضاة "أعداء الشعب" عند مناقشتهم هذا الاستفتاء. يمكنك أن تقول إن حملة "الخروج" فازت بنشر أكاذيب مشينة، وتستطيع أن تدعي أن الخروج من السوق الموحدة سيسبب ضرراً لا طائل منه في الوظائف ومستوى المعيشة، ولكن مهما قلت تبقى نتائج الاستفتاء راسخة ولا يمكن معارضتها.

عمد اليمين المحافظ خصوصاً إلى تجاهل كل الاعتراضات، فصوّت سبعة ملايين ضد الهجرة، لذلك كان لا بد من التخلي عن السوق الموحدة وحرية الحركة، ومهما حاولنا لم يتمكن مَن اعتقدوا منا أن البلد يوشك أن يقدِم على عمل يؤذي فيه نفسه بلا مبرر من العثور على مخرج. فخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يعني خروجها من الاتحاد الأوروبي، وتتحكم تيريزا ماي بالمعاني.

لكن الوضع تبدل إذ تنبع شرعية الديمقراطيين اليوم من الانتخابات العامة لعام 2017 لا من استفتاء عام 2016، وبررت تيريزا ماي إقبالها على صناديق الاقتراع بقولها إن هذه انتخاباتُ الخروج من الاتحاد الأوروبي.

أدوّن هذا المقال في الثانية بعد منتصف الليل وقد تتبدل النتائج، ولكن بدا جلياً أن تيريزا ماي خسرت الانتخابات، مع أنه لم يفز أحد فيها، وحتى لو تمكن المحافظون من الحصول على الأكثرية بصعوبة، تظل خاسرة، فقد أقبلت على الانتخابات وكلها ثقة بأنها ستحقق انتصاراً كبيراً، وأدارت حملة سيئة على نحو مهين، وكادت ألا تنجو، وهكذا تحطمت سلطتها، وتعلو ابتسامة المذنب شفتي بوريس جونسون. صحيح أن البرلمان الجديد لن يرجع عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أنني لا أعتقد أن نواب حزب العمال، الليبرالين الديمقراطيين في الحزب الوطني الاسكتلندي، والخضر، وحتى المحافظين المعتدلين قد يقبلون بخروج عنيف يعرضنا لحواجز جمركية، وصفوف انتظار طويلة في منطقة دوفر، وضرر لا طائل منه في قطاع التصنيع، والزراعة، والخدمات المالية، وصناعات تكنولوجيا المعلومات. ببسيط العبارة، بخلاف المحافظين اليمينيين، لا يعتبر جيراننا الأوروبيون أعداء بل حلفاء، وبصراحة لا أظن أنهم قد يتقبلون ماي أو مَن قد يستلم زمام الأمور نيابة عنها، مهددين حتى استعمال الخروج العنيف كورقة تفاوض. ستميل الدفة نحو التسوية.

صحيح أنني من منتقدي جيريمي كوربين واليمين المتطرف، ولكن علي أن أقرّ أنه نجح، بخلاف ماي، في إدارة حملة ممتازة وحرّك الشباب، إلا أن من الضروري أن نشير أيضاً إلى أن الشباب تحمسوا على نحو مماثل لاستفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي بدد مستقبلهم، وهكذا انتقموا الليلة من الرجال والنساء المسنين الذين قلما يشاركون أولادهم وأحفادهم في مخاوفهم هذه.

نستشف ثلاث نقاط من هذه الانتخابات:

أولاً، إذا نجح المحافظون في الصمود فسيكونون في موقف أكثر ضعفاً بكثير خلال مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، ومن الممكن أن يتلهوا أيضاً بمعركة أخرى على قيادة حزبهم، فيعجزون عن المشاركة فيها.

ثانياً، ثار نواب حزب العمال ضد كوربين لأنه لم يقد حملة متقنة كفاية لإبقائنا في الاتحاد الأوروبي، ولا شك أن شريحة كبيرة من اليسار العمالي لطالما كانت مناهضة للاتحاد الأوروبي، إلا أنه لا أهمية لذلك اليوم، فلن يسمح له نوابه أو داعموه بتأييد خروج عنيف من الاتحاد الأوروبي.

أخيراً وأعرف أنني أرجو الكثير، لعل أفضل ما يمكننا فعله، بعدما أدخلت تيريزا ماي ائتلاف الفوضى الذي تمثله إلى السياسة البريطانية، أن نسحب إخطارنا بتفعيل المادة خمسين وألا نعيد إرساله إلى أن نملك أدنى فكرة عما نقوم به وإلى أين نتجه.

* «ذي سبيكتاتور»

back to top