«الحدث» أصلح للمتهم من «الطفل»

نشر في 13-12-2016
آخر تحديث 13-12-2016 | 00:00
 أحمد عبدالله المطوع كثرة القوانين التي أصدرها مجلس الأمة في الفترة الماضية، لا سيما في مجلس 2013 المنحل، وإن كانت تشكل ثورة تشريعية، إلا أنها قد تترتب عليها أمور يتعذر تداركها، وخاصة في تنازع القوانين، فيما يتعلق بالجرائم المتنوعة التي تتشابه أركانها، وبالتالي فإننا سندخل في نطاق أي قانون واجب التطبيق، وأي قانون يكون تطبيقه أصلح للمتهم، في النصوص التجريمية على وجه الخصوص.

سبق أن بينا في بعض مقالاتنا السابقة أوجه التعارض بين بعض القوانين التي أصدرها المجلس أخيرا، وفي هذا الشأن يعالج الكاتب إشكالية تعارض القانون الذي تميَّز بالسقطات التشريعية، وهو القانون رقم 111/ 2015، بإصدار قانون الأحداث، والذي يدخل حيِّز التنفيذ في يناير 2017، بشأن إهمال والديّ الحدث، أو من يتولى رعايته، في تربيته وتعرضه للانحراف، مع النصوص التي تقابلها في القانون رقم 21/ 2015 بشأن حقوق الطفل، حيث نصت المادة رقم 23/2 من قانون الأحداث «يعاقب بالحبس الذي لا يجاوز سنة وبالغرامة التي لا تقل عن مئتي دينار، ولا تزيد على ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من 1-... 2- سلم إليه الحدث وأهمل في أداء أحد واجباته قِبله إذا ترتب على ذلك ارتكاب الحدث جريمة أو تعرض للانحراف بإحدى الحالات المبينة في المادة الأولى من هذا القانون». وسطرت المادة الأولى منه حالات الحدث المعرض للانحراف، على سبيل الحصر، وهي مخالطة المنحرفين وانضمامه لجماعات إرهابية أو متطرفة والتشبه بالجنس الآخر، وإذا كان سيئ السلوك.

وبالنظر في نصوص مواد القانون رقم 21/ 2015 بشأن حقوق الطفل، نجد نص المادة 90 منه تقرر».. يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنة، وبغرامة مالية لا تتجاوز ألفي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من مارس ضد طفل أي شكل من أشكال العنف والإساءة النفسية والإهمال والقسوة والاستغلال».

والمادة 76 من القانون الأخير سطَّرت الحالات التي يكون فيها تعرض الطفل للخطر وحالات الإهمال على سبيل الحصر «يعد الطفل معرضا للخطر لأي شكل من أشكال الأذى الجسدي أو النفسي أو العاطفي أو الجنسي أو الإهمال، أو إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، وهي بتعرض أمنه أو أخلاقه أو صحته أو حياته للخطر... وكذلك إذا تعرض داخل الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية للتحريض على العنف أو الأعمال المنافية للآداب أو الأعمال الإباحية أو التحرش...»، ويتضح مدى التشابه في أركان الجريمتين، وبالتالي ندخل في نطاق البحث في القانون الأصلح للمتهم.

قررت المادة 93 من قانون الطفل بحرمان الأب أو متولي رعاية الطفل من جميع المزايا العينية التي تمنحها الدولة إذا صدر ضده حكم نهائي بإدانته بجريمة من جرائم الطفل، فضلا عما قررته المادة 94 من ذات القانون، بمضاعفة العقوبة المقررة لأي جريمة إذا وقعت على طفل إذا ارتكبها أحد والديه أو من له الولاية أو الوصاية أو المسؤول عن ملاحظته وتربيته، أو من له سلطة عليه...، وبالتالي اتجه المشرِّع إلى تشديد العقوبة على كل من يُدان من والدي الطفل، أو من يتولى رعايته، بخلاف قانون الأحداث.

لما كان ما تقدم، وكان نص المادة 23/2 من قانون الأحداث بات تطبيقها أصلح للمتهم من قانون الطفل، على اعتبار أنه ضاعف العقوبة وشددها بالحرمان من المزايا العينية الممنوحة من الدولة على والدي الطفل أو من يتولى رعايته إذا صدر ضد أحدهم حكم نهائي بإدانته بجريمة من جرائم الطفل، والتي قابلتها الجرائم والأفعال التي ورد في قانون الأحداث، وبالتالي يكون وجوب تطبيق قانون الأحداث على من يرتكب الجرائم المنصوص عليها في القانونين إذا كان الحدث- المجني عليه - عمره لا يتجاوز 16 سنة، وذلك لما قررته محكمة التمييز، أنه - لاعتبار قانون ما أصلح للمتهم أن يتحد مع القانون الذي أسس الاتهام أو العقاب عليه في الفعل المنصوص عليه في كل منهما وحدة تشمل كل عناصر هذا الفعل وأركانه- (طعن رقم 241/1980 جزائي جلسة 29/ 12/ 1980).

خلاف ذلك، يكون تطبيق نصوص قانون الطفل - الأشد على المتهم - على الوالدين أو من يتولى رعايته إذا كان عمر الطفل يتجاوز 16 سنة إلى 18، لأن قانون الطفل اعتبر في المادة الثانية منه أن عمر الطفل يكون إلى سن 18 سنة.

back to top