شد الحبل

الآن لا يخفى عليكم دوران إشاعات مصحوبة بفيديوات حول تزوير في الانتخابات، كما كانت فيديوات الفرعيات وإشاعات الشراء تدور إبان العملية الانتخابية، ولا يخفى علينا أنكم ستعاملون إشاعة التزوير كما عاملتم جرائم الفرعيات، بالتعالي واللامبالاة، لأننا شعب السمكة "دوري" ننسى الصفعة والبصقة سريعاً بعد وقوعهما على وجوهنا. لكنني أود أن أقول لكم أن شيئاً ما يختلف هذه المرة عن كل مرة، الصفعة أقوى والبصقة أثقل، الريبة مسيطرة والغضب ينفخ خيط دخانه الرفيع من تحت جمره نصف النائم. وصلنا مرحلة استخفاف، استهزاء، طعن، تشكيك، ومنا نحن الشعب، بممارستنا الديمقراطية التي طالما تشدقنا بها. لربما هذا هو هدفكم، لربما تلك هي الغاية التي بررت كل الوسائل، لكنني أخبركم أن الناتج مؤذ والقادم مرعب وإذا استمرت الحال على هذا المنوال فأنتم تدفعوننا جميعاً في نفق لا ضوء في نهايته. الأجيال تتجدد، الفكر يتجدد، جيل اليوم لم يعد هو جيل السمع والطاعة، حديث اليوم ما عاد هو حديث الأمس، إيمانيات اليوم الديمقراطية ما عادت هي إيمانيات الأمس. انفتح الشباب على العالم، عرفوا كيف تعيش الديمقراطيات الحقيقية، لذا ما عادت الصورة المنمقة الزائفة التي تقدمونها كافية لتحجب أبصارهم عن الحقيقة. لا شيء يدلل على حجم الكارثة أكثر من أن هذا اليأس وذاك الغضب والنفور وانعدام الثقة والكفر بالدستور وبرلمانه أضحت مصاحبة حتى لأقرب المقربين إليكم، ممن كنا نعدهم حكوميين، من هؤلاء الذين كنتم تعتقدونهم صوتكم في الشارع، من تلك الطبقة التي تضاهيكم راحة مادية والتي كانت راحتها واعزاً لها على التلاقي معكم، اليوم حتى هم خطابهم تغير، يأسهم استتب، نفورهم ارتفع. حلفاء اليوم غير حلفاء الأمس، تجار اليوم غير تجار الأمس، شباب اليوم غير شباب الأمس، اللعبة خطيرة وأخطر ما فيها هي تلك اللامبالاة والتعالي والتجاهل التي تعاملون بها شعبكم، آلامه، شكواه، غضبه، شكوكه وريبته. ما عادت قصة "اسكت عنهم كم يوم ينسون" تنفع، فقد تماديتم حتى أصبح الشك واقعنا الدائم واليقين والراحة هما الاستثناء. كلنا، مشاركين ومقاطعين، ليس لدينا الكثير من الإيجابية، ليس لدينا الكثير من الأمل، نملك الكثير من الشكوك والارتياب والتوجس، نملك درجات عليا من الإيمان بالتآمر علينا وبأننا بلا حول أو قوة أمام قواكم وسلطتكم وأموالكم وأقطابكم، لكن عدا ذلك، نحن شعب أصبجنا بلا إيمان.