انتهاء نمو سوق النفط سنة 2030

نشر في 26-11-2016
آخر تحديث 26-11-2016 | 00:06
 أحمد قبازرد أعلن مجلس الطاقة العالمي في تقريره لسنة 2016 أنه مع استمرار التقدم السريع في تطوير مصادر الطاقة البديلة والمركبات الكهربائية، إلى جانب التطورات التكنولوجية الأخرى مثل السيارات الذاتية القيادة وتطبيقات الهواتف الذكية التي تسهل الحصول على خدمة المواصلات، فإن إجمالي الطلب العالمي على النفط سوف يبلغ ذروته سنة 2030، ويبدأ في التراجع بعد ذلك.

ومن أهم معوقات انتشار السيارات الكهربائية ارتفاع تكلفة البطاريات، لكن هذه التكلفة آخذة في الانخفاض بمعدل سنوي يزيد على 16% نتيجة لتطور التكنولوجيا، وهذه النسبة آخذة في الارتفاع.

كما تخطط شركة «تسلا» للسيارات الكهربائية لاستثمار 5 مليارات دولار لإنشاء مصنع متكامل لمعالجة المادة الخام وتصنيع بطاريات بخطوط إنتاج أعلى كفاءة لتحقيق خفض إضافي في تكاليف التصنيع يبلغ 30% إلى 50%. وهناك عدة شركات أخرى مثل سامسونغ، وشركات صناعة السيارات تخطط لاستثمارات مشابهة.

احتلت سيارة «تسلا إس» الكهربائية والبالغ سعرها حوالي مئة ألف دولار المرتبة الأولى لأحسن سيارة لسنة 2013، وشكلت مبيعاتها في الولايات المتحدة الأميركية ثلث مبيعات السيارات الفخمة في الربع الثالث من هذا العام. ويتوقع أن تنخفض تكلفة السيارة الكهربائية لتعادل متوسط سعر باقي السيارات بحلول سنة 2020، حيث تخطط شركة شفروليه لطرح سيارة كهربائية سنة 2017 بسعر 37500 دولار، وكذلك تخطط شركة فورد لاستثمار 4.5 مليارات دولار لإنتاج عدة أنوع من السيارات الكهربائية، حتى سنة 2020، كما تعمل أغلب شركات التكنولوجيا مثل غوغل وأبل وأوبر على صنع سيارات كهربائية ذاتية القيادة.

الجدير بالذكر أن كفاءة محرك البترول في استهلاك الوقود تتراوح بين 17% و21% فقط، بينما تصل كفاءة محرك الكهرباء إلى أكثر من 90%، وتبلغ تكلفة شحن السيارة الكهربائية 10% من تكلفة تعبئة السيارة بالوقود لكل كيلومتر، بالإضافة إلى أن السيارة الاعتيادية تحتوي على حوالي 2000 قطعة متحركة، بينما سيارة تسلا إس على سبيل المثال تحتوي على 18 قطعة متحركة فقط، مما يخفض مصاريف الصيانة بما يزيد على 90%. وفوق ذلك يعادل عزم محرك السيارة الكهربائية عزم محركات أسرع السيارات الرياضية، لذا بانخفاض سعر السيارة الكهربائية من غير المعقول أن يشتري أحد سيارة اعتيادية، ويدفع 10 أضعاف التكلفة للتزود بالوقود ويدفع أكثر من 10 أضعاف تكاليف الصيانة.

لقدانخفضت تكلفة إنتاج الطاقة الشمسية 65% منذ سنة 2009، ومن المتوقع أن تنخفض 25% أخرى خلال السنوات الخمس القادمة، وبناء على ذلك فإن إنتاج العالم للكهرباء من الطاقة الشمسية ينمو بمعدل تراكمي 40% سنويا، أي يتضاعف الإنتاج كل سنتين، وباستمرار هذا النمو 14 سنة أخرى يمكن للطاقة الشمسية توفير 100% من احتياج العالم للكهرباء في سنة 2030.

وحسب وكالة الطاقة الدولية في سنة 2015 تم بناء محطات لإنتاج 153 مليون كيلووات كهرباء من الطاقة الشمسية، مما شكل 55% من إجمالي الزيادة في انتاج الطاقة الكهربائية بالعالم، ويتوقع في سنة 2020 أن تكون تكلفة انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ارخص من انتاج الكهرباء في المحطات التقليدية بكل انحاء العالم.

يستهلك حوالي 6% فقط من الإنتاج العالمي للنفط في إنتاج الكهرباء، وحوالي 42% في المواصلات على الطرق، لكن دراسات حديثة تتوقع أن تتحول كل السيارات الجديدة لتعمل بالكهرباء، وأن يتم بناء جميع محطات الكهرباء الجديدة لتعمل على الطاقة المتجددة بحلول 2030. وبالرغم من النمو المتوقع للطلب من قبل المستهلكين الآخرين للنفط مثل الطيران والنقل البحري والصناعات البتروكيماوية، إذا انتشرت السيارات الكهربائية بالسرعة التي تشير إليها هذه الدراسات فسوف يشكل ذلك عامل ضغط يحد ارتفاع أسعار البترول في العقد القادم.

لتقديم مثال على السرعة التي يمكن أن تحول بها التكنولوجيا حياتنا، في سنة 1904 عندما تم اختراع محرك الاحتراق الداخلي كانت شوارع مدن العالم تملأها العربات التي تجرها الخيول، وفي خلال 10 سنوات فقط ملأت السيارات الشوارع وقضت على العربة التي خدمت البشرية آلاف السنين. وهناك أمثلة أخرى رأيناها في حياتنا كأشرطة تسجيل الكاسيت وأشرطة الفيديو وكاميرات أفلام التصوير الضوئية وأخيرا هواتف GSM كلها اختراعات انتشرت بالعالم وانقرضت بسرعة عندما توفر البديل الجيد.

وقلل خبراء النفط قبل سنوات قليلة من شأن النفط الصخري لارتفاع تكاليفه واعتقدوا أن استخراج النفط الصخري غير مجد تحت سعر 80 دولاراً للبرميل، أما اليوم فاستخراج النفط الصخري يكون مجدياً ابتداء من سعر 40 دولاراً للبرميل، وإذا وصل إلى 50 فسيكون السعر مجدياً لزيادة الإنتاج من قبل أغلب المنتجين. والآن نفس خبراء النفط يقللون من تهديد السيارة الكهربائية للطلب على النفط، وذلك لارتفاع تكلفة البطاريات ويتوقعون أن يحصل التغيير على مدى زمني أطول، ومن المؤكد أنه مع التقدم التكنولوجي السريع في شتى الاتجاهات لا يمكن الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل في المستقبل مدة طويلة، ونحتاج من الآن العمل على بدائل لتنمية الدخل القومي للكويت.

الإجراءات التي تتخذها الحكومة حاليا من زيادة رسوم وتخفيض للدعم والتفكير في الضرائب هي فقط حلول لسد العجز في ميزانية الدولة، لكنها لا تشمل إصلاحات لتنمية الدخل القومي، بل على العكس تودي مثل هذه الإجراءات إلى انكماش إجمالي الدخل القومي. وأبسط مثال على برنامج إصلاح اقتصادي، استراتيجية حكومة سنغافورة المبنية على ثلاث ركائز، أولاً: القضاء على الفساد، ثانياً: توفير أحسن تعليم للشعب، ثالثا: إنشاء بنية تحتية قوية، وبتنفيذ هذه الاستراتيجية البسيطة بنجاح استطاعت سنغافورة زيادة الدخل القومي من 500 دولار للشخص عند استقلالها من بريطانيا في سنة 1963 إلى 65000 دولار للشخص، مع زيادة 14% سنوياً، وأصبحت سنغافورة مثالاً يحتذى في القضاء على الفساد، وطلابها هم الاوئل على العالم في العلوم والرياضيات، وباتت موانيها ومطاراتها من الأكبر في العالم.

back to top