هل نجحنا في اختبار الإنسانية؟! (البدون نموذجاً)

نشر في 27-08-2016
آخر تحديث 27-08-2016 | 00:03
 هيفاء بهبهاني جمع الشعب الأميركي بدعوة من الممثل إدوارد نورتن ما يزيد على 400 ألف دولار لأحد العلماء السوريين اللاجئين، الذي اشتهرت صورته على حساب Humans of New York، بعد أن قتلت الحرب أحلامه يأمل الرجل الآن إيجاد أرض تنبت فيها أحلام أبنائه، لقد فرّ هو وغيره من اللاجئين السوريين من ظروف غير مستقرة حيث الحرب والمجاعة، وفي ظل أزمة رفض دول العالم استقبالهم، خاطب الإنسان السوري أخاه الإنسان في كل مكان، فتجاوبت له دمعة سقطت من عين الفنان الأميركي، فقرر مؤمناً بأن لأخيه الإنسان حقا عليه، وأنهض غيره معه بقوله: دعونا ننقلب على الأصوات اللا إنسانية التي تدعونا للخوف من اللاجئين ونري الرجل معدن الأميركيين!

لقد أثار ذلك الممثل الشعب، وأثّر في الرأي العام فشكّل ضغطاً على بلاده لتتبنى موقفاً رسمياً يصرح به أعلى رجل فيها، وهو الرئيس أوباما، حيث كتب ترحيباً شخصياً تحت صورته على «فيسبوك» خاتماً إياه بعبارة: ما زال بإمكانك إحداث التغيير في العالم، مرحباً بك في بيتك الجديد، أنت جزء مما سيجعل أميركا عظيمة!

اختبار صعب تخوضه الإنسانية اليوم، اختبار أعدته الإنسانية ذاتها، وستقيّمه جميع الأجيال القادمة في المستقبل، تلك الحادثة جعلتني أتساءل ملياً: لماذا لم يتمكن الإنسان الكويتي- المعروف بنشاطه في القضايا الإنسانية- من الاشتعال مواساةً مع أخيه الإنسان «غير محدد الجنسية»؟ لماذا اكتفى بالصمت، والتناسي، وقرر بدلاً من النهوض، أن يركن إلى تصريحات حكومية مماطلة في شأنهم منذ عقود؟ أسماء كثيرة منهم تزاحم ذاكرة الكويتيين في كل عام دراسي: سعد الفضلي، أحلام العنزي، عايشة الفضلي، العنود العنزي، وغيرهم من النابغين، لم يحصلوا حتى الآن على فرصة لخدمة الأرض التي نبت فيها عودهم! لم يتمكنوا من الحصول على أبسط حقوق الإنسان، ولم تتفاعل معهم النخب في مجتمعنا إلا على خجل، وقد كان المأمول منهم أن يكونوا أول المبادرين، يُذكرون على استحياء في الحملات الانتخابية، وقد كان المتوقع من مرشحين وناخبيهم أن يضعوا ملف البدون على رأس قضاياهم، ويغيبون بطبيعة الحال عن حديث أصحاب القرار إلا إذا انتفض الشارع لأجلهم، وهذا لا يحصل إلا نادراً.

سؤال مستحق يطرحه كثير من المغردين في وسائل التواصل الاجتماعي مع تفاقم المشاكل الاقتصادية في الكويت: لماذا لا يتم تأهيل واستثمار الطاقات الموجودة على هذه الأرض من فئة غير محددي الجنسية للمساهمة في سد جزء لا بأس به من الشواغر بدلاً من الاستمرار في جلب جميع العاملين من الدول الأخرى؟ في الآونة الأخيرة أصبحنا نتابع في الصحافة المحلية كل يوم إجراءات حكومية جديدة هدفها تلافي العجز في ميزانية الدولة، وبلا شك الاستفادة من هذه الطاقات البشرية يعدّ استثماراً يسهم في تنويع مصادر الدخل، إن تعليم الطلبة من غير محددي الجنسية وتوظيفهم سيؤثر إيجاباً في دوائر العمل في الدولة ويدفعها نحو إنجاز أفضل، بل قد يخلق قطاعات جديدة تساهم في دفع عجلة الاقتصاد، إضافة إلى أن تحسين أوضاعهم المعيشية ينعمهم بحياة كريمة لطالما تمنتها الكويت للشعوب المستغيثة من حولها، فبادرت بمد يد المساعدة لهم على الدوام، فهل ستبخل بها على من يسكن أرضها؟ الإجابة ستحدد مصيرها في اختبار الإنسانية.

back to top