في المرمى : أول قصيدتكم كفر!

نشر في 16-11-2015
آخر تحديث 16-11-2015 | 00:01
 عبدالكريم الشمالي المبادئ واحدة لا تتجزأ، هذا ما أنا مؤمن به وسأظل أكرره دائماً، وسأعيده هنا للتذكرة باعتبار أن "الذكرى تنفع"، ولأنها كذلك فسنقول: لا يمكن وصف قرار لجنة الشباب والرياضة في مجلس الأمة بالموافقة على اعتماد آلية التصويت في انتخابات الأندية الرياضية وفق نظام الصوت الواحد سوى بـ"الخرابيط والبربسة" المتعمدة.

ما هذا التخبط؟ من قال إن طريق الإصلاح يبدأ بالتخريب؟ ومن قال إن المشكلات والأزمات تحل بردود الفعل الانفعالية؟

نعم نقولها وبأعلى أصواتنا: الموافقة على التصويت بنظام الصوت الواحد هو قرار متخبط انفعالي غير مدروس ولا يمت لواقع الإصلاح وطريقه الوعر بأي صلة، ومن يدعي عكس ذلك فليأتنا بدليل آخر غير الاسطوانة المشروخة أنه يعطي الفرصة للأقليات أو الكفاءات، فهذا قول وكلام مردود عليه وبسهولة، فمثلما هناك كفاءات تنتمي إلى الأقليات أو لنقل في حالة الأندية لا تمتلك القدرة على اختراق القوائم، أو ليس لديها الكم الكافي من المساندين بقوة التسجيل، نقول هناك أيضاً من هم ليسوا بمستوى أقل سوءا من النوعيات الموجودة حالياً في أغلب الأندية، ومن الممكن أن يخدمها النظام سيئ الذكر لتجد فرصتها في الاختراق والدخول لتشكيل مجالس إدارات "سمك... لبن... تمر هندي"، فهل تخلصنا من السيئين؟ وهل ضمنا الكفاءات؟ وهل سنتمكن من القضاء على نظام المحاصصة في مجالس الإدارات؟ بل لنسأل عن الأهم، هل سنتمكن من القضاء على الظاهرة السلبية المتمثلة بالقبلية والطبقية وحتى الطائفية وفق هذا النظام؟

كنت قد حاولت مراراً أن أتجنب التطرق لمجلسكم غير الموقر، "فالوقار له أصوله التي لا يعرفها الكثير منكم"، لكن ما دمتم تريدون فتفضلوا، وليكن هو المثال الحي على ما نرمي إليه، وأقول لمن يبحث عن إجابة واقعية للأسئلة السابقة، فما عليه إلا أن ينظر ويتمعن بمخرجات هذا النظام في مجلس الأمة، أول المؤسسات التي طبق على انتخاباتها بهدف التغيير إلى الأفضل، ليتعرف كيف وأين وصلت حال التشرذم والتفرقة؟

فالطائفية والقبلية والتمصلح الفردي وصلت بفضله، أي "الصوت الواحد"، إلى حدها الأعلى، فتكاد لا تمر عليه جلسة دون أن نشهد فاصلاً من الردح الرخيص تفوح منه رائحة طائفية نتنة أو مذهبية كريهة أو قبلية قبيحة، وبدلاً من أن يكون نظاماً ينشد من ورائه الإصلاح صار يدفع أمامه الخيبات.

لذلك كان على من وافق وقبله من دفع الى الموافقة وبعده من يبحث عنها في قاعة عبدالله السالم أن يعمل على إصلاح الصورة السيئة لنظام مشوه، قبل أن يحاول تعميمه والاستفادة منه في جهات قد تكون هي آخر من بقي ليجمع لا أن يفرق ويفتت بقايا المجتمع بكل فئاته واتجاهاته، لأننا "والله ثم والله موناقصين".

إذا كنتم لم تكتفوا بما سبق وتريدون ما يدلل على تخبطكم وقصر بصركم قبل البصيرة، فنقول لكم إن الحكومة وعدت بحزمة إجراءات وخطوات إصلاحية في المجال الرياضي، وفق ما جاء على لسان وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب، وبدأت أولاها بالإعلان عن تكليف مجلس الوزراء هيئة الاستثمار بدراسة ملف خصخصة الأندية، قبل أن تفاجئونا في اليوم التالي بإعلان موافقة اللجنة على مقترح "الصوت الأعور"، فأين التنسيق والتعاون مع الحكومة؟ وما الذي سيقدمه المقترح لخطوات الحكومة وإجراءاتها الإصلاحية، ولاسيما بعد وصف الوزير له "بالاجتهادات النيابية" التي أكد أن الهدف أكبر منها؟ وله الحق في ذلك فاجتهادكم يا سادة كان خاطئاً ولا معنى له.

وإذا كان البعض يظن أو يحاول أن يروج لفكرة أن الصوت الواحد هو الطريق لتفتيت الكيانات المسيطرة على الأندية في الوقت الحالي، وأنه يعطي المجال للقضاء عليهم فنقول إقصاء الآخرين كما هو مرفوض منهم، فهو مرفوض من غيرهم، ولا بارك الله في الأندية ولا في الرياضة إذا كان القضاء على القيم وتفتيت المجتمع بشكل أكبر مما هو عليه الآن وتكريس تجارب لا تعرف عواقبها هو الطريق إلى ذلك.

إذا كان أول قصيدتكم كفر، فبالتأكيد "ينعاف تاليها"، فهي لن تنتهي بأقل منه، لذلك لا يمكن ولا يجوز بأي حال من الأحوال القبول بالحلول الآنية والترقيعية، وحتى نكون أكثر واقعية، فلنقل غير المنطقية والمؤجلة، باعتبار أن ما تمت الموافقة عليه كان أصلاً مطروحاً ضمن التعديلات التي أقرت في القانون رقم 5 لسنة 2015، لكن تم إرجاء النظر فيه آنذاك وإعادته إلى اللجنة للمزيد من الدراسة "غير الضرورية"، لأن القرار كان متخذا سلفاً بالموافقة من الأغلبية على أقل تقدير، والتي تحولت إلى إجماع بعد تغير بعض الوجوه الرافضة للمقترح في اللجنة السابقة.

بنلتي

فوا عَجَبا كم يدّعي الفضْل ناقصٌ

ووا أسَفاً كم يُظْهِرُ النّقصَ فاضل

لا أدري لماذا تذكرت هذا البيت لأبي العلاء المعري وأنا أقرأ بيان زعيم أندية التكتل والاتحادات المتخاذلة رئيس اللجنة الأولمبية الكويتية والاتحاد الكويتي لكرة القدم سعادة الشيخ الدكتور طلال الفهد، دام ظله الوارف، والله لا يحرمنا من خفة دمه.

back to top