استشراف المستقبل من منظور إسلامي

نشر في 09-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 09-11-2015 | 00:01
No Image Caption
«استشراف المستقبل من منظور إسلامي» عنوان أحدث إصدارات سلسلة «أوراق» في القاهرة، للكاتب السوداني عاصم محمد حسن، المتخصص في علم الاجتماع الديني وفلسفة الدين، والمهتم بالتداخلات القيميّة للاستشراف والاستراتيجيات.
يبحث كتاب «استشراف المستقبل من منظور إسلامي» في الثقافة الإسلامية عن علاقة الدين باستشراف المستقبل، ذلك أن شمولية الإسلام ونظامه الفقهي واستيعابه لفطرة الإنسان يجعله ديناً ذا رؤية شاملة وواضحة للمستقبل.

حرص الكتاب على تأكيد الصلة بين الدين الإسلامي وتأسيس المستقبل والتعامل معه والحكم عليه استناداً للقرآن والسنة النبوية، كذلك حرص على الإجابة عن أحد التساؤلات الكبيرة وهو «هل يعد فهم الدين على وجهه الصحيح أحد الأولويات المستقبلية؟»، ولم يتطرق الكتاب في سبيل الرد على هذا التساؤل إلى أية فتاوى دينية، بل حاول أن يسهم في تكوين الرابطة الضرورية بين فكرة الإيمان والتسليم والعمل بالدين فعلياً في واقع الحياة.

يرتكز الكتاب على المنطلقات الأساسية لمفهوم الاستشراف من منظوره الإسلامي بمنهجيه وصفيه فيعرض الباحث في بداية كتابه المفهوم العلمي والمنهجي لاستشراف المستقبل، فالاستشراف هو المهارة العلمية التي تهدف لاستقراء التوجهات العامة في حياة البشرية، إن المستقبل هو مجال الفعل الحاضر لدى المسلم واستشرافه لما يرغب في أن يكون عليه مستقبله، ثم يناقش مفهوم الزمن، خصوصاً في الإسلام: فارتباط معظم أركان الإسلام بمواقيت محددة يعطي دلالة على مركزية هذا المفهوم في السلوك التعبدي، فإن الاهتمام بالمستقبل البعيد جداً يعتبر أحد أكثر الأمور الحاضرة في مفهوم الزمن لدى المسلم، على عكس مفهوم الزمن لدى الباحثين في المستقبليات الذين يجمعون على استحالة إعطاء صورة مستقبلية لأكثر من خمسة عقود، نسبة غلى التسارع الكبير في معادلة الحدث مقابل الزمن، فيأتي المفهوم الإسلامي ليوجه البشر إلى بعد زمني متطاول لا حد لآخره.

استشراف المستقبل

وتناول الكتاب مسألة استشراف المستقبل انطلاقاً من صائغات الوعي والفكر الأساسية للمسلم وأصول تكوينه الفكري، من خلال ثلاثة مداخل يعتبرها أساساً رئيساً في تشكيل نظرة المسلم إلى الكون والحياة والمستقبل، والتي تعد أحد المداخل المرتبطة بالقدر ومنها المدخل العقدي بما يطرحه من مُسلمات ذات أبعاد عميقة في تكوين الشخصية المسلمة، والمدخل السُنني بما يفرضه من تفاعل بين الفرد وحركة الكون من جهة وحركة التفاعل بين الماضي والحاضر من جهة أخرى، والمدخل الفقهي الذي يغذي القرار الذي يتخذه المسلم باستصحاب الثابت والمتغير الذي يتداوله المدخلان الأول والثاني.

يستخلص الكتاب أن مسألة المستقبل حاضرة في التكوين الثقافي للمسلم بتشكيل عميق، إذ إن مسألة الدين نفسها تقوم على مبدأ مستقبلي يرتكز على توقع صورة مثالية للخلود، ومن ثم إجراء إسقاط تراجعي لما يجب فعله لتحصيل هذه الصورة المثالية، الأمر الذي يترجمها إلى مواقف اعتقادية، وأعمال، وأن الإسلام بما له من طابع عالميّ خالد في رسالته للبشر جميعاً، وللأزمنة كلها من بعده، ولما لبنيته الفقهية من تجدّد ومرونة فإنه يستوعب كل التغيرات في إطار من الشرع، دون أن ينزوي بعيداً عن حركة الحياة.

back to top