إعادة هيكلة الاقتصاد الكويتي

نشر في 14-05-2016
آخر تحديث 14-05-2016 | 00:00
 أحمد قبازرد وثيقة الإصلاح الاقتصادي المقدمة من الحكومة لا تركز على الخلل الاقتصادي الهيكلي، ولا تقدم استراتيجية توصلنا إلى اقتصاد كويتي منتج، فهي تتناول الإصلاح الإداري وتحسين بيئة العمل بكلام عام غير محدد لا وضوح في كيفية تطبيقه، في حين تحدد الوثيقة بالأرقام زيادة الرسوم وفرض الضرائب على المواطنين والقطاع الخاص، وأخشى أن تكون المحصلة النهائية توفير الموارد للصرف على الجهاز الحكومي المتضخم واستمرار الوضع القائم فقط.

المشكلة في الاقتصاد الكويتي أن الحكومة تقوم بتشغيل 90 في المئة من الكويتيين بوظائف قليلة الإنتاجية، خالقة إحدى أسوأ البيروقراطيات في العالم حسب البنك الدولي بجهاز حكومي يحتاج إلى إعادة بنائه على أسس الكفاءة والإنتاجية، فتضخم البيروقراطية الحكومية لا يشكل عبئاً على ميزانية الدولة فحسب، إنما على التوسع في التوظيف، سواءً كبطالة مقنعة أو لكسب الولاء السياسي، وهذا التوسع يؤدي إلى استحداث إدارات وهيئات حكومية جديدة تقوم بدورها في خلق متطلبات وإجراءات بيروقراطية إضافية يجب أن يخضع لها القطاع الخاص الذي يُخنَق نموه لأنها أخطبوط جاثم على أنفاسه.

الخصخصة من أهم ركائز إعادة هيكلة أي اقتصاد ولو طـُـبِقتْ بالشكل الصحيح لأدت إلى تحسن في الخدمات المقدمة مع زيادة الإنتاجية ونمو الاقتصاد الوطني وإيرادات الدولة، وهي ليست ظاهرة جديدة، حيث إن دولاً كثيرة حققت طفرة اقتصادية نتيجة لعمليات الخصخصة، يمكننا الاستفادة من تجاربها الناجحة، ولكن للأسف هناك دول شاب عملية الخصخصة فيها الفساد، وتم بيع أملاك الدولة للمقربين بجزء من الثمن الحقيقي من غير أن يسبق ذلك أي عملية تأهيل للمشتري أو وضع شروط أو التزامات عليه، وتدل التجارب على أنه لا يمكن إجراء إصلاحات اقتصادية مهمة بنجاح إلا في ظل بيئة سياسية خالية من الفساد، وإلا تحولت الخصخصة إلى وسيلة لإثراء المتنفذين.

البطالة المقنعة لا تشمل فقط الوزارات بل جميع الهيئات الحكومية وشركات القطاع العام، لذلك نجد نقابات العمال تطالب بعدم خصخصة أي جزء من القطاع العام خوفا من خسارة الموظفين الكويتيين الفائضين على حاجة العمل لوظائفهم، وهذه المشكلة تعد من أهم العوائق التي منعت خصخصة الخطوط الجوية الكويتية، ولاستيعاب الموظفين الفائضين على الحاجة الحقيقية للجهاز الحكومي والقطاع العام وإيجاد وظائف للآلاف من الكويتيين المقبلين بشكل متسارع على العمل في السنوات القادمة لابد من التفكير خارج القالب الذي انصبت العقلية الحكومية فيه لوضع استراتيجية تنمية اقتصادية حقيقية، كما فعلت اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة، استراتيجية تقوم بناءً على نقاط القوة في مواردنا وإمكاناتنا وبناءً على الفرص المتاحة، مع الأخذ بعين الاعتبار نقاط ضعفنا والمخاطر المحيطة بنا.

قابلت مجلة الإيكونوميست العديد من مديري شركات النفط الصخري الذين صرحوا بأن عمليات إنتاج النفط الصخري ستكون مجدية لشركاتهم مع سعر برميل نفط فوق الـ40 دولاراً، ويتوقع مع زيادة أسعار النفط أن تقوم هذه الشركات بزيادة إنتاجها لتضع سقفاً أعلى لارتفاع أسعار النفط في السنوات القادمة. على المدى الأبعد ستأتي المنافسة من مصادر الطاقة المتجددة، فعلى سبيل المثال ارتفع إجمالي إنتاج العالم من الطاقة الشمسية خلال العام الماضي 26 في المئة وبفضل تحقيق الصين النجاح بتخفيض تكلفة إنتاج الألواح الشمسية بنسبة 80 في المئة يتوقع بحلول عام 2020 أن تصبح تكلفة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية أقل من إنتاجها بحرق الفحم أو الغاز، ومع تقدم التكنولوجيا سيصبح مصير النفط مستقبلاً كالفحم اليوم، حتى إن الدول التي لديها مخزون كبير تتحول عنه، حيث ألغت الصين 90 في المئة من خططها لمشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية من الفحم، وأكبر شركة إنتاج فحم في العالم بيبدي إنرجي مع خمس شركات فحم أميركية كبيرة أعلنت إفلاسها خلال العام الماضي.

تعودنا سابقاً أن يتلو انخفاض أسعار النفط ارتفاع إلى مستويات أعلى، لكن يجب علينا أن ندرك حقيقة هذه المرة، وهي أن ضعف سوق النفط الحالي يعكس تغييرات هيكلية أكثر من أنه اتجاه مؤقت.

back to top