«لاءات» اتحاد عمال البترول وما بعدها

نشر في 28-03-2016
آخر تحديث 28-03-2016 | 00:00
 د. بدر الديحاني رفض عمال البترول وصناعة البتروكيماويات ونقاباتهم الأسبوع الماضي التوجه الاقتصادي النيوليبرالي الذي تتبناه الحكومة حالياً ويستهدف، ضمن أمور أخرى، خصخصة الصناعات النفطية، أي إلغاء تأميم النفط وعودة المستثمر الخاص بكل ما يحمله ذلك من مشاكل ومآس اجتماعية واقتصادية وسياسية كثيرة.

 لقد كانت جميع المؤشرات تدل على أن ردة فعل عمال النفط ستكون قوية، وهو ما تحقق بالفعل خلال التجمع العمالي الحاشد الذي دعا له اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات يوم الثلاثاء الماضي، إذ أتى ردهم على توجه الحكومة مجلجلاً ومباشراً، وتم تلخيصه في "اللاءات الثلاث" التي عبرت عن موقفهم بشكل واضح لا لبس فيه ولا غموض وهي (لا للبديل الاستراتيجي للرواتب، لا لانتقاص الحقوق المكتسبة للعمال، لا للخصخصة).

لقد أدرك عمال البترول وصناعة البتروكيماويات بوعيهم النقابي وحسهم الوطني أن التوجه الاقتصادي النيوليبرالي معاد في جوهره للعدالة الاجتماعية، وأن خصخصة الصناعات النفطية عصب الاقتصاد الوطني سيترتب عليها تداعيات سلبية للغاية على المستوى العام للمعيشة، وعلى مستقبل الصناعات النفطية أيضاً، لذا جاء ردهم مدوياً في الدفاع ليس عن حقوقهم المكتسبة ومصالحهم كعمال في القطاع النفطي فقط، بل أيضاً عن مصالح الوطن، لا سيما أن خصخصة الصناعات النفطية تعني إلغاء لتأميم النفط وسيطرة المستثمر الخاص مثلما ذكرنا في مقال سابق.

وبما أنه قد سبق أن تشكلت قبل مدة قصيرة على الجانب الآخر "اللجنة الشعبية لمناهضة خصخصة الجمعيات التعاونية" برئاسة رئيس مجلس إدارة جمعية الزهراء التعاونية م. سعد العتيبي، والتي تضم (48) جمعية تعاونية من مجموع (55) جمعية، فإننا أمام بداية تشكل رأي عام وحركة شعبية عامة من المتوقع أن تقودها النقابات العمالية وبالذات اتحاد البترول وصناعة البتروكيماويات، ثم تتطور تدريجياً، وذلك للوقوف ضد التوجه الاقتصادي النيوليبرالي المتوحش، ومن ضمنه الخصخصة الشاملة التي يتم تقديمها إعلامياً هذه الأيام بأشكال متعددة وألوان وصيغ مختلفة، يتم من خلالها خلط الأوراق والتلاعب بالمصطلحات العلمية، بغية تسويق التوجه الاقتصادي النيوليبرالي.

 وتكمن أهمية تشكل رأي عام للوقوف في وجه التوجه الاقتصادي النيوليبرالي لأنه توجه منحاز اجتماعياً ضد الفئات الوسطى والطبقة الفقيرة ولمصلحة كبار الأثرياء، لذا يتجاهل الأسباب الرئيسة التي أدت إلى عجز الميزانية العامة للدولة مثل هدر المال العام، واستخدامه في غير أغراضه، وسوء الإدارة العامة، والفساد السياسي المؤسسي، وعدم عدالة توزيع الثروة الوطنية، والدعم الحكومي السخي وغير المُبرر للقطاع الخاص الاحتكاري وغير المنتج، وضعف المشاركة الشعبية في اتخاذ القررات وصياغة السياسات الاقتصادية والمالية، في حين يركز على البحث في جيوب البُسطاء عما يمكن أن يُعظّم من أرباح كبار الأثرياء ويضخّم أرصدتهم على حساب حياة الناس ومستوى معيشتهم،  وهو الأمر الذي عكسته قرارات الحكومة في الآونة الأخيرة التي شملت النية لخصخصة شركات عامة رابحة مثل شركة مطاحن الدقيق والمخابز الكويتية، وشركة النقل العام، وشركة المرافق العمومية وغيرها، فضلاً عن تخفيض مخصصات العلاج في الخارج بدلاً من وقف استخدام المال العام لأغراض سياسية آنية، وإلغاء الدورات الخارجية والبعثات الدراسية، وتخفيض ميزانية البحث العلمي في جامعة الكويت وهيئة "التطبيقي"، وتجميد رواتب موظفي الدولة بالرغم من وجود قانون بمراجعتها كل سنتين وتعديلها بما يتناسب مع التضخم وغلاء الأسعار، بل إن الحكومة قدمت ما يُسمىّ "البديل الاسترتيجي للرواتب" رغم عدم عدالته، كما ألغت مكافأة الأعمال الممتازة بدلاً من إلغاء أو تخفيض مكافآت وبدلات ومزايا كبار المسؤولين في الدولة والدرجات "القيادية" التي مُنحت من دون حاجة تنموية فعلية، ناهيك عن النية لزيادة أسعار البنزين والكهرباء والماء على السكن الخاص، وفرض ضريبة القيمة المضافة بواقع 5%، والتركيز على كيفية خفض المساعدات والإعانات الاجتماعية، فضلاً عن تخفيض الدعم الاجتماعي الضروري، وزيادة الرسوم على الخدمات الحكومية أو فرض رسوم جديدة.

back to top