رحيل ابن الكويت البار الرائد الإعلامي رضا الفيلي تاركاً كنوزاً تعبق بالأصالة

نشر في 25-11-2014 | 00:02
آخر تحديث 25-11-2014 | 00:02
تتلمذ وزوجته أمل جعفر على يد زكي طليمات وأصبحا أول مذيعين في تلفزيون الكويت

يعتبر ابن الكويت البار الراحل رضا الفيلي، من الرواد البارزين الذين أسهموا في وضع اللبنة الأولى من الإعلام الكويتي الذي نعتز ونفتخر به، بعد أن واصل دراسته المتخصصة في الخارج، ثم تبوأ أهم المناصب الإدارية والإشرافية في التلفزيون، وإن غيّبه الموت فستبقى أعماله وبصماته وسيرته الطيبة خالدة في ذاكرة الوطن. بدأ الراحل عمله في الإذاعة عام 1959، وكانت مرحلة البداية مقتصرة على تقديم فقرات الربط والأحاديث مباشرة في الفترة المسائية، ثم تطوّر الأمر في مطلع ستينيات القرن الماضي من الناحية المهنية في نوعية البرامج والأخبار. وفي عام 1961 انطلق إلى التقديم التلفزيوني الذي تفرغ له، وتدرج في المناصب الإدارية إلى أن تقلد منصب الوكيل المساعد لشؤون التلفزيون.
ترجل الإعلامي الكبير رضا الفيلي عن صهوة الدنيا، بعدما خطفه الموت إثر صراع مع المرض، تاركاً للإعلام الكويتي كنوزاً من الأعمال البرامجية في مكتبة الإذاعة والتلفزيون، التي أصبحت تراثاً عبقاً بالأصالة وحنين الماضي والزمن الجميل.

يعتبر الراحل رضا الفيلي من أوائل رواد الإعلام الكويتي، واسمه الكامل عبد الرضا عبدالله يوسف الفيلي، كان متزوجا من الإعلامية الرائدة الراحلة أمل جعفر، تم عقد قرانهما عام 1964 في منزل صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، حين كان يشغل منصب وزير الخارجية، وكان سموه الشاهد الأول على عقد الزواج.

وشجع الراحل زوجته حين كانت في الثامنة عشرة من العمر على العمل الإعلامي لتكون أول مذيعة في التلفزيون وساندها في مسيرتها قبل أن تبتعد عن العمل الاعلامي وهي في أوج عطائها عام 1993. لديه من الأبناء خالد والزميلة خلود (عضو مجلس إدارة وكالة الأنباء الكويتية- كونا).

بدايته الإذاعية

عُيِّن الراحل الفيلي بوظيفة مذيع في وزارة الإرشاد والأنباء – دار الإذاعة والتلفزيون في 20 سبتمبر 1959، حينها كان عمره لم يتجاوز الثمانية عشر ربيعا، وهو لم يزل على مقاعد الدراسة آنذاك. كان يدرس في النهار ويتوجه إلى الإذاعة ليلا، واستطاع خلال فترة قصيرة أن يتجاوز البداية، ويصبح مؤهلا للمزيد من العمل الجاد.

وكان قبل ذلك شغوفاً ومنجذباً نحو العمل الإعلامي، ففي معسكر الكشافة على مستوى الكويت والذي يقام كل عطلة ربيعية على ساحل الفنيطيس، أخذ فرصته مذيعاً وصحافياً في إذاعة المعسكر والصحيفة اليومية... وكان إبراهيم الشطي مشرفاً عليهم. وقبل هذه التجربة تولى مهمة إدارة الإذاعة الطلابية في مدرسة الصديق عام 1955.

وفي عام 1959 تم قبوله مذيعاً في إذاعة الكويت التي كانت في مرحلة البداية، ولم تتعد بث الأغاني على الاسطوانات الحجرية، وتقديم فقرات الربط والأحاديث على الهواء مباشرة في الفترة المسائية.

وخلال عامي 1960 1961 تم انتقال مقر الإذاعة من قصر نايف إلى مبنى الورشة العسكرية وموقعها حالياً الجانب المواجه لقصر نايف من مبنى مجمع وزارة الإعلام... وشهدت الإذاعة بالفعل خلال تلك الفترة تطوراً مهنياً وتوسعاً ملحوظاً في البث ونوعية البرامج وإذاعة الأخبار والتعليقات... وكان الفيلي مع الرعيل الأول في تلك الفترة حمد المؤمن وعبدالرزاق السيد، ثم فاطمة حسين، ونورية السداني، وحمد السعيدان وعبدالله خلف وغيرهم.

تلفزيون الكويت

يعتبر البث المرئي لتلفزيون الكويت هو الأول والسباق في المنطقة، واستدعي الفيلي من الإذاعة من قبل سعدون الجاسم الذي كان آنذاك مراقباً لشؤون الصحافة في وزارة الإرشاد والأنباء بقيادة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، والذي كان أول رئيس لدائرة المطبوعات والنشر عام 1954، ثم أول وزير للإرشاد والأنباء في أول وزارة بعد الاستقلال عام 1961، وبتوجيهات الشيخ صباح الأحمد بدأ البث التجريبي.

وتدرب الفيلي مع أمل جعفر التي أصبحت زوجته لاحقاً على يد الفنان والرائد زكي طليمات، ليصبحا أول مذيعين على شاشة تلفزيون الكويت.

وأشار الراحل الفيلي (أبو خالد) في حديث إعلامي سابق أن محطة التلفزيون تم شراؤها من مراد بهبهاني وإخوانه لتتبع الدولة، ولم يكن فيها سوى مجموعة أفلام كرتونية قصيرة وكاميرتان في حجرة صغيرة وأجهزة تشغيل أفلام 16 ملم، ولم تكن آنذاك أجهزة تسجيل وبث لأشرطة الفيديو، وكان بث البرامج على الهواء مباشرة من تقديم أفلام سينمائية مصرية، كان يقوم الفيلي بتأجيرها يومياً من الأخوين مخازن مال الله وخالد الشريعان اللذين كانا يؤجران الأفلام ومكائن السينما للمواطنين في تلك الفترة... وتطورت الأمور واتسعت الخدمات والإمكانات لاحقاً فتم تعيين المرحوم خالد المسعود الفهيد أول مدير للتلفزيون والذي استدعى بدوره محمد السنعوسي من القاهرة ليلتحق بنا وكان يدرس في المعهد العالي للفنون المسرحية في القاهرة آنذاك.

سجل الفيلي بكاميرات السينما 16 ملم التي كانت متوافرة لدى دائرة المعارف (ثم وزارة المعارف) وشركة نفط الكويت بعض المقابلات مع الشخصيات المهمة والتي يصعب عليها الحضور لإجراء اللقاءات على الهواء، من بينها مقابلة مع وزير الإرشاد والأنباء آنذاك سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر في مكتبه، إضافة إلى شخصيات كثيرة، ثم التوقف عند عدد من نجوم تلك الفترة، منها لقاء مطول بأسلوب السهرة مع رواد الفنون الشعبية أمثال عودة المهنا وعواد سالم والفنان خالد الزايد.

النجاح الإداري

وخلال انتقاله من الإذاعة الكويتية والتفرغ للعمل في التلفزيون عام 1961 استمر بقراءة الأخبار وتقديم البرامج الإذاعية.

وخلال عمله في هذا الجهاز المرئي حقق الكثير من النجاح على الصعيدين الإداري والوظيفي، فقد تولى منصب رئيس الأخبار في التلفزيون ثم مراقبا للأخبار في عام 1966.

وكان ذلك إيذانا برحلة من الدورات التدريبية التأهيلية خارج الكويت، فقد التحق بدورة تدريبية في بريطانيا مدة ثمانية أشهر، تدرب خلالها في محطة «اندبندنت» و«آي تي في» و«بي بي سي»، ثم أوفدته وزارة الإعلام عام 1969 إلى دورة دراسية في الولايات المتحدة، وخلال الفترة من 1969 إلى 1975 سعى الفيلي، رحمه الله، إلى إثراء مسيرته الأكاديمية حيث حصل على بكالوريوس في الإذاعة والتلفزيون من كلية كولومبيا بمدينة لوس أنجلس الأميركية، وأكمل دراسته العليا بجامعة كاليفورنيا ليحصل على درجة الماجستير في الإعلام التنموي من كلية التربية.

وعقب عودته من رحلة الدراسة الأكاديمية تقلد منصب مراقب عام في التلفزيون عام 1975، ثم عين مديرا لإدارة البرامج في التلفزيون عام 1977، وبعد ذلك مديرا لإدارة العلاقات الخارجية في وزارة الاعلام.

وشغل الفيلي في الفترة بين عامي 1981-1985 منصب مدير إدارة المكتب الفني لوكيل وزارة الإعلام، وعُين وكيلا مساعدا للإعلام الخارجي في الوزارة عام 1988، وكان آخر منصب تقلده الراحل هو وكيل مساعد لشؤون التلفزيون عام 1990 ليتفرغ بعدها لعمله الخاص في مجال البرامج التوثيقية، علاوة على إشرافه على تنفيذ العديد من البرامج الناجحة التي قدمت عبر تلفزيون الكويت، كما شغل منصب نائب رئيس تحرير الزميلة «النهار» الكويتية.

من أقواله

•  بداياتي كانت في عام 1959 وهي السنة التي شهدت انقلابا إذاعيا عن طريق «هاني قدومي» الذي استطاع أن يجلب إذاعة كانت تبث من قبرص، ولكنها أغلقت فجلب معداتها لتعمل من الكويت، وكانت الإمكانيات محدودة للغاية حتى أن كلاً من سعود الراشد وعبدالله فضالة دفع من «جيبه» الخاص لتسجيل بعض الأغاني في مصر وأهداها للإذاعة.

• عندما ادعى عبدالكريم قاسم عبر الإذاعة العراقية ادعاءه المعروف بأن الكويت جزء من العراق لم يكن لدينا شيء ندافع به عن أنفسنا إلا الإذاعة... ودخلت بعد ذلك التعليقات على الأخبار السياسية، وكنا نرسلها إلى المغفور له عبدالله السالم الصباح الذي كان يراجعها ويعتمدها وكان دائما يذيلها ببيتين من شعر المتنبي.

• عندما تولى الشيخ جابر العلي وزارة الإعلام كانت لديه رؤى وأفكار كثيرة ومتعددة واهتم بشكل كبير بالتدريب والتأهيل وأرسل العاملين في التلفزيون والإذاعة في بعثات خارجية إلى لندن ومصر وأميركا.

• استضافة كأس الخليج في عام 1974 كانت نقطة تحول ونقلة كبرى، حيث تقرر أن يكون البث بالألوان، وساعدنا ذلك على اكتساب خبرات مختلفة ومتنوعة، إضافة إلى التركيز على الدراما وتشجيع المنتجين على الإنتاج الفني.

• الكويت سوقت نفسها عربيا وعالميا عن طريق اختيار عدد من كبار الفنانين كأم كلثوم وعبدالوهاب وفريد الأطرش وعبدالحليم ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد الذين غنوا للكويت أغاني مشهورة.

back to top