المهندس ألبرت سبير: من حقّ العالم العربي تنظيم كأس العالم!

نشر في 14-01-2015 | 00:02
آخر تحديث 14-01-2015 | 00:02
هل من المنطقي أن تستضيف قطر كأس العالم عام 2022؟ يجيب المهندس الألماني ألبرت سبير، الذي يتولى الإشراف على المشروع، بنعم، وهو يبذل قصارى جهده ليضمن الديمومة في قطر. وقد أوضح في مقابلة مع مايك غروسكاثوفر وخوان مورينو من {شبيغل} السبيل إلى ذلك.

بذل ألبرت سبير جهوداً جبارة لتغيير مظهر العالم. فقد صمم هذا المهندس البالغ من العمر 80 سنة مدينة فرعية قرب القاهرة لثلاثة ملايين شخص، مدينة السيارات الصينية في أنتينغ، عاصمة جديدة في نيجيريا، وإكسبو 2000 في هانوفر. وتشكل تصاميم سبير للملاعب السبب الرئيس الذي ساعد قطر في الفوز باستضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022.

سبير رجل محافظ وخجول بعض الشيء. وقد تردد كثيراً قبل الموافقة على إجراء مقابلة. وفي غرفة المؤتمرات حيث دار حوارنا معه، اتكأ سبير إلى الخلف في كرسيه وأمامه طاولة بيضاء طويلة. قال: {تجعل المناسبات المهمة مثل الألعاب الأولمبية وكأس العالم غير المعقول معقولاً. ما من حواجز}.

كان والد سبير يُدعى ألبرت. وخلال ذروة نفوذه، كان وزير السلاح وإنتاج الحرب للرايخ الثالث. وبصفته مهندس أدولف هتلر المفضل، حوَّل أحلام هذا الحاكم الذي عانى جنون العظمة إلى صروح ضخمة. تعلم ألبرت سبير الابن النجارة ودرس في جامعة ميونخ التقنية. في عام 1984، أسس شركة ألبرت سبير وشريكه في فرانكفورت التي تضم راهناً 160 موظفاً.

أوضح سبير: {لسنا مؤسسة دكتاتورية. لا أملك الكلمة الفصل في المسائل كافة ولا يقف الجميع عندما يمرّ السيد سبير عبر الأروقة}. ولهذا السبب، اصطحب معه ثلاثة زملاء في العمل إلى المقابلة: ألبرت غريف، شريك في الإدارة ومخطط مدني، أكسل بينهوس، المسؤول عن الهندسة وخطط البناء، وستيفان كلوس، مدير المشروع.

أين يقع أجمل ملعب في العالم؟

لم نبنِه بعد، إلا أنني أعتقد أن ملعب كرة القدم الأجمل راهناً يقع في حلبة أليانز في ميونخ.

لا يُعتبر هذا جواباً موضوعياً.

صحيح، فقد شاركنا في المشروع. عثرنا على موقع في ميونخ وساهمنا في اختيار المهندسين. كذلك أقنعنا نادي بايرن ميونخ بالمشروع. صدموا عندما رأوا المشروع للمرة الأولى. قال يولي هونس وفرانز باكنباور، مسؤولان بارزان في هذا النادي: «هذا ليس ملعباً، بل طوف قابل للنفخ». لكنهما فخوران جداً به اليوم، مع أن الوضع كان مختلفاً في البداية.

يشعر الكثير من محبي كرة القدم وهم في الملاعب العصرية بأنهم داخل مراكز تجارية راقية. فكل شيء نظيف، معد بإتقان، ومنظم. ولكن ألا تشعر أن الملاعب بدأت تتشابه؟

لم أختبر هذا الشعور. ولا ينطبق هذا الأمر على الملاعب فحسب. تأمل في بناء المجمعات السكنية في الصين مثلاً. لا تختلف المطالب في ذاك البلد عن هنا. طغت العولمة على العالم، فترى المتاجر والمباني السكنية ذاتها في كل مكان. ولكن ثمة استثناءات، من بينها ملعب أرينا فونتي نوفا في سالفادور في البرازيل. بُني الملعب ليكون واجهة المدينة، وهو يمتاز بدعاماته القليلة العرض، ما يتيح لك تأمل المدينة.

تشتهر شركة gmp المنافسة في هامبورغ باعتبارها ملاعب كرة القدم {كاتدرائيات عصرية}. أما أنتم، فدعيتم الملاعب الأولمبية {صروحاً هندسية}.

قلت أيضاً إن من الممكن تحقيق ذلك لألعاب أولمبية. إلا أن هذا العمل يشكل هدراً كبيراً للموارد. على سبيل المثال، كان الفولاذ الذي استُخدم في بناء الملعب في بكين، كافياً لتشييد ثلاثة ملاعب.

مذهلة السرعة التي يُعلَن فيها أن هذه الملاعب «رموز»، مثل عش الطائر في بكين وملعب جبل الطاولة في كايب تاون.

لا تتسرع. انتظر سنوات قليلة. لا علاقة لملاعب كرة القدم الشبيهة بالكاتدرائيات بجمال الملاعب. تأمل في آنفيلد في ليفربول أو دورتموند. يمكنك اعتبارها حقاً قمماً في جودة البناء، إلا أنها تفتقر إلى ما يميزها عن الملاعب الأخرى.

هل للملعب الجديد في مانوس نظير؟

بُنيت نسخة مطابقة تقريباً له في بولندا. قد لا تكفيك هذه الحجة. لكن الأسوأ من ذلك استخدامه لاحقاً. يقع هذا الملعب في منتصف الأدغال البرازيلية في مكان لا حاجة إلى أحد به. وها هو اليوم يقف فارغاً.

على غرار ملعب جبل الطاولة في كايب تاون...

نعم، كان معلب غرين بوينت الأجمل خلال كأس العالم لعام 2010. لكنهم يدرسون اليوم، للأسف، احتمال تفكيكه لأسباب اقتصادية. فهذا أقل كلفة من دفع الملايين كل سنة لتسديد نفقاته. ففي جنوب أفريقيا، لا يحضر أكثر من 7 آلاف مشجع المباريات الكبرى.

يجب ألا يُفاجئنا واقع أن الملعبين في مانوس وكايب تاون فارغان تقريباً. بلغت كلفة ملعب مانوس 250 مليون دولار. وكي يُستخدم اليوم، تُنقل المباريات من ريو إليه.

أعتقد أن هذا أمر مشين أكثر من السؤال عما إذا كان الملعب جميلاً من الناحية الهندسية. ما زال مجال عملنا يضم شركات ضخمة قديمة ناشطة تبني راهناً الملاعب لبطولات العالم المقبلة في أي مكان حول العالم. لكن هذا ليس عصرياً. لا يقتصر مكتبنا على المهندسين. فنصفنا على الأقل مخططون إقليميون ومدنيون، كذلك نتعاون مع مستشارين سياسيين. لا نريد أن نُصنَّف مع المهندسين الذين يعتبرون أبنيتهم أعمالاً فاخرة، ليتضح لاحقاً أنها أشبه بفيل أبيض وسط الصحراء. ولعل أسوأ ما قد نواجهه إدراجنا ضمن الخانة عينها مع أفيلة مماثلة.

هل كانت شركة الهندسة العريقة ألبرت سبير وشريكه سترفض عقد بناء ملعب في مانوس؟

كلا، لا تسير المسائل على هذا النحو. لو طلب منا أحد بناء ملعب هناك، لسرَّنا ذلك. لكننا كنا بذلنا قصارى جهدنا لنبي شيئاً بالإمكان استخدامه بعد انتهاء كأس العالم. ما كنا لنكتفي بطرح هذا السؤال، بل كنا سنناضل لأجله أيضاً.

وضع مكتبكم الخطط الرئيسة لكأس العالم عام 2022 في قطر. يشمل هذا المفهوم بناء 12 ملعباً في الصحراء، يطل بعضها أحده على الآخر. يجب أيضاً تبريد كل ملعب ومن الضروري أن تكون الحرارة في وسط الملعب 20 درجة مئوية، مع أنها في الخارج تصل إلى 50 درجة. وعليكم بناء كل هذا في بلد لا يتخطى عدد سكانه عدد سكان أغسبرغ بألمانيا (276542 نسمة). ألا يجب أن نتطرَّق هنا إلى مسألة الديمومة؟

هذا أمر ضروري بالتأكيد. فهنا أيضاً شكَّلت الديمومة أولوية منذ البداية.

لا يبدو الإصرار على كأس عالم قابل للحياة من الناحية البيئية ممكناً في شبه الجزيرة العربية. يكفي أن تتأمل في أبوظبي التي أعلنت نيتها بناء مدينة جديدة خالية من الكربون قرب حلبة سباق فورمولا-1.

ننوي القيام بعملنا بشكل أفضل. ولا نريد أن نرتبط بمشاريع أخرى مثل سوتشي. وضعنا الخطط في قطر بطريقة تتيح لنا تفكيك كل شيء تقريباً في النهاية. ولا شك في أن هذه الخطوة تُلائم بلداً مماثلاً. تتبع الطبقات العلوية المقاييس التقليدية ومن الممكن تفكيكها لإعداد 22 ملعب كرة قدم أصغر حجماً. وستُقدم هذه الملاعب لعدد من الدول النامية بعد كأس العالم. كذلك من الممكن استعمال النماذج الفردية في ملاعب لألعاب القوى والمضمار تتسع لنحو 5 آلاف شخص. ولمعالجة مسألة التبريد، طوَّرنا مفهوماً يستند إلى الطاقة الشمسية.

في الدوحة اليوم ملعب مبرد.

نعم، ولكن من المؤسف أنك ترى إلى جانب الملعب مبنى غريباً يضاهيه حجماً. داخل المبنى تجد محطة الطاقة التي تشغل نظام التبريد. لا يمكنك اعتماد الأسلوب ذاته خلال كأس العالم بالتأكيد.

هل طرحت أنت فكرة أن تقيم الفرق كافة وتتدرب في مجمع واحد؟

نعم، أردنا أن نبتكر قرية أولمبية في كأس العالم. لكن طورنا هذا المفهوم بشكل متوازٍ لأن اتحاد كرة القدم الدولي (الفيفا) يفرضل قوانين صارمة جداً.

مثلاً؟

يفرض الفيفا من بين أمور كثيرة تأمين 12 ملعباً، فضلاً عن 112 موقع تدريب يقع 64 منها في مكان إقامة الفرق و48 أخرى في موقع الألعاب. كذلك من الضروري تأمين 88 فندقاً.

قطر والتحضيرات

أمن المفترض أن تضم قطر 112 موقع تدريب تتلاءم مع معايير الفيفا؟ هذا جنون.

أخبرني القطريون أنهم مراقبون عن كثب. لذلك حرصنا على وضع خطتين لكل فصل من المتطلبات. في الأول، اتبعنا بدقة المسائل المطلوبة كافة. إما في الثاني، فقدمنا اقتراحات بدت منطقية من وجهة نظرنا. إذاً، واحد للفيفا وواحدة...

وأخرى للمنطق السليم. ماذا لو أرادت إلمانيا منتجعاً آخر مثل كامبو باهيا في البرازيل؟

كلوس: يمكنها الحصول عليه. وفي هذا الصدد، أود أن أشير إلى أن أماكن إقامة الفرق لن تبقى فارغةً أيضاً بعد انتهاء كأس العالم، بل ستُفكك جزئياً وتُستخدم كشقق سكنية.

كيف فزتم بعقد كأس العالم في قطر في المقام الأول؟ وهل عرف الناس في قطر مَن تكونون؟

سبير: كلا، ما كانوا يملكون أدنى فكرة. حدث أول اتصال لنا بهم خلال مؤتمر SportAccord في دنفر عام 2009.

كلوس: اقترب منا عدد من القطريين الشبان. لا أتذكر ما كان قسمنا حينذاك. ولكن أظن أننا علقنا فيه صورة ملعب كبير. فقالوا لنا: نريد كأس العالم. فهل يمكنكم أن تبنوا لنا ملعباً؟ سألناهم: ملعب واحد؟ واحد من 12؟ ومَن سيبني الملاعب الأخرى؟ أجابونا: لا نعلم، أحد عشر مهندساً آخرون. وأين ستضعون هذه الملاعب؟ الجواب: لا نعلم، على المهندسين أن يحددوا لنا المواقع. وكيف تتوقعون أن يصل الناس إلى هذه الملاعب؟ كيف تخططون للتحكم في المرور؟ كانوا يبدأون من الصفر. وكان هذا أول اتصال بيننا.

إذاً، أراد القطريون أفضل 12 مهندساً يمكنهم الحصول عليهم بمالهم وكان على كل واحد منهم أن يبني ملعباً. هل كان هدف هذه الفكرة أن يحظى البلد بأفضل 12 ملعباً ممكناً بعد انتهاء كأس العالم؟

صحيح. أجبناهم أن علينا التفكير في هذه المسألة أولاً. فما كانوا يملكون أدنى فكرة حول ما يريدونه بالتحديد. وهكذا سافرنا إلى الدوحة.

هناك التقيت الشيخ محمد، ابن الأمير. كم كان عمره حينذاك؟

كلوس: كان في الحادية والعشرين، حسبما أعتقد. لكنه شاب يتحلى بآداب راقية ويجيد أربع لغات، ما مثَّل النقيض تماماً للفكرة السائدة عن العائلات الملكية العربية. لم يكن من النوع الذي يقول: {أملك المال، وأنا سأملي عليكم الطريقة التي يجب اتباعها خلال العمل}. على العكس، كان شخصاً يجيد الإصغاء.

سبير: تأثرت بقوة وذكاء هذا الشاب وبرغبته في معرفة التفاصيل كافة. حتى إننا أعدنا مترجمنا للغة الإنكليزية إلى الوطن، علماً أن قليلين في العالم يجيدون ترجمة خطط مماثلة. فلم يكن هذا المترجم بقدر مهارة الشيخ.

لكن مَن يدفع الثمن يقرر ما سيختار.

كلوس: لا، لم تسر الأمور على هذا النحو. كانوا يصغون إلينا. أتعرف ما جاء في الصورة الأولى من عرضنا؟ {حارة جداً، صغيرة جداً، ومملة جداً}. أخبرناهم أننا نرى بلدهم بهذه الطريقة، وأن هذه نظرة سائر العالم إليهم. لذلك صارت مهمتنا تبديل هذه الصورة.

لماذا؟ فهذا وصف دقيق.

كان علينا إعداد أجوبة لأسئلة ستُطرح على عملائنا. وهكذا أرادت قطر أن تحول وجهها السلبي، صغر مساحتها، إلى وجه إيجابي. ففي كأس العالم هذا، لن يُضطر الناس واللاعبون إلى قطع مسافات كبيرة. خلال كأس العالم في ألمانيا، تمكن فرانز باكنباور من حضور مباريات منتصف النهار والمباريات المسائية على حد سواء لأنه استخدم طائرة مروحية. ولكن في قطر، ستتسنى هذه الفرصة أمام الجميع.

لكن الصيف لن يكون أقل حراً في الصحراء نتيجة ذلك.

غريف: كلا بالتأكيد، إلا أن الحرارة ستكون بالنسبة إلى اللاعبين أفضل خلال كأس العالم هذا، مقارنة بما اختبروه أخيراً في البرازيل. وما كنا بحاجة إلى إقناع القطريين. فهم مَن أتوا إلينا حاملين طموحات كبيرة. لم نقصد هذا البلد كمهندسين، بل كمخططين مدنيين. ولم نبالغ في حماستنا لأننا نعمل مع عميل يستطيع تحقيق الأمور كافة نظرياً. على العكس، ركزنا على مسائل مثل: علينا أن ننتقل من النقطة أ إلى النقطة ب، ما يعني أننا لا نستطيع أن نبني ثلاثة ملاعب مجاورة لأن ذلك سيشكل أزمة سير. جاءت المسائل الهندسية في النهاية.

رغم ذلك، لا يسعنا إلا أن نتساءل عما إذا كان من المنطقي إقامة كأس العالم في بلد صحراوي صغير مثل قطر.

غريف: ما هذا السؤال؟ من حق بلد مثل قطر والعالم العربي بأسره أن ينظم كأس العالم. فمن الكبرياء التفكير في أن كرة القدم ملك الأوروبيين. علاوة على ذلك، لا أعتقد أن ما ينفذه الروس (ملاحظة: سيُقام كأس العالم في روسيا عام 2018) أكثر فاعلية. فيبعد بعض المنشآت نحو 2400 كيلومتر إحداها عن الأخرى. ولا شك في أن حجم الموارد والطاقة التي تُهدر لنقل المشاهدين من النقطة أ إلى ب كبير جداً. وهكذا تكون روسيا في هذا المجال النقيض تماماً.

ديمقراطيات ودول دكتاتورية

هل ترغب في العمل في بلد يكثر فيه السجناء السياسيون ويطبق عقوبة الإعدام؟

كلوس: هل تقصد بسؤالك الولايات المتحدة وغوانتانامو؟

لا، لا أقصد الولايات المتحدة.

ننظر إلى كل بلد على حدة وندرس كل وضع بدقة. يجب أن نشعر بأن المشروع منطقي.

بالنسبة إلى مَن؟

إلى البلد بالتأكيد. يجب أن يكون منطقياً ومستداماً.

أعطنا مثالاً عن مشروع تخليت عنه بسبب مخاوف مماثلة.

سبير: {النخلة} في دبي. المشروع غير منطقي بكل بساطة. كان بإمكاننا جني مبالغ طائلة منه. ولكن من وجهة النظر الاستمرارية أو بالأحرى من وجهات النظر كافة، يبدو خاطئاً. ظننا أن من الغباء وضع أمر مماثل في الماء، علماً أن هذا العمل عُرض علينا في مرحلة كنا فيها بأمس الحاجة إلى مشروع مماثل.

لا يسهل العمل في دول ديمقراطية تعتبر حرية التعبير أمراً مسلماً به، حتى إنها تجري أحياناً استطلاعات للرأي تعارض حوادث مهمة. فلا تريد ميونخ الألعاب الأولمبية. وينطبق الأمر عينه على ستوكهولم، أوسلو، وبلدة غروبندن السويسرية. يقول الناس: خذوا هذا الهراء إلى مكان آخر.  

سبير: أعتقد أن من الضروري طرح أسلئة مهمة. ولكن يجب أن تُطرح دوماً، لا في حالة قطر فحسب. لنتأمل في البطولة الأوروبية لعام 2004 في البرتغال. بُنيت سبعة ملاعب جديدة. ولكن يجب أن تزور هذا البلد اليوم. ثمة ثلاثة فرق في البلد قادرة على ملء المدرجات. ويبلغ متوسط عدد المشجعين 9500. أما في فرنسا، حيث ستُقام بطولة أوروبا لعام 2016، فيعمل المسؤولون على توسيع قدراتهم الإضافية بسبب تنامي عدد المشاركين.

أليس أسهل العمل في مجال البناء في دولة دكتاتورية حيث تؤخذ القرارات بسرعة أكبر، وما من تنظيمات معقدة أو استطلاعات للرأي...؟

سبير: كلا، ليس الوضع كذلك.

غريف: تختلف المشاكل عما نواجهه في ألمانيا. هناك، لا تتعلَّق المسألة بالألعاب الأولمبية فحسب، بل تجعل هذه المسألة الأمور أكثر وضوحاً. تُتخذ القرارات الوطنية المهمة على مستوى محلي ضيق. هناك، تؤدي مصالح الأفراد الشخصية، الذين سيشعرون بالانزعاج طوال ثلاثة أسابيع، دوراً مهماً. ولا تقصتر أعمالنا على مشاريع مماثلة. فنخطط مثلاً لخطوط طاقة عالية الفلكية لشركة Energiewende (ملاحظة: تنتقل ألمانيا للاعتماد على الطاقة المتجددة). يدعم الناس عملية الانتقال هذه، إلا أنهم يستاؤون إن كان الخط يمر أمام باب منزلهم. يعيش كثيرون حياة رخاء في ألمانيا.

يشارك مكتبكم في بناء الملاعب منذ بعض الوقت. كيف ستشعرون عندما تزورون ملعباً في المرة المقبلة؟

بيانهوس: من الصعب تحديد ذلك. حطم الاتحاد الألماني لكرة القدمة في الآونة الأخيرة الرقم القياسي تلو الآخر في أعداد الحضور. ولكن لا أحد يعلم ما إذا كان هذا الوضع سيستمر في المستقبل.

لمَ لا؟ في الماضي، كان الناس مجرد معجبين. أما اليوم، فنشارك في الحدث. ويبدو أن المستقبل يسير في هذا الاتجاه.

بيانهوس: لا نعلم ما إذا كان أولادنا سيواصلون التوجه إلى الملاعب. لكن نعلم أن من المهم استغلال الملعب قدر المستطاع. على سبيل المثال، تبقى حلبة ألاينز في ميونخ، التي يشغلها فريقان، مفتوحة الأبواب طوال 360 يوماً من السنة وتستضيف نحو 1200 حدث. هذا استثنائي بالتأكيد. في الأحوال العادية، يُستخدم ملعب مماثل طوال 90 دقيقة كل 14 يوماً. لكن هذا جنون بالتأكيد. في الوقت عينه، تشكل هذه الملاعب مكاناً ممتازاً للمناسبات التي تشمل حشوداً كبيرة. نتيجة لذلك، يجب التفكير في ما إذا كنا نستطيع زيادة استغلالنا لها بالسماح للمعجبين بمشاهدة الفريق وهو يتدرب خارج المباريات في ملعبه ربما باعتماد تقنية الأطياف الرقمية، علماً أن هذه التقنية متوافرة اليوم.

إلى أي حد يتعرض المهندسون للاستغلال ممن في السلطة، ممن يريدون أن يبنوا صرحاً لأنفسهم لا البنية أو المنشأة بحد ذاتها؟

سبير: لطالما كان الوضع كذلك، علماً أنه لا يقتصر على العالم العربي. لا شك في أن المطار الجديد في دبي مبالغ فيه. وينطبق الأمر عينه على ما يقوم به الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في مطار اسطنبول. ولكن هل تعتقد حقاً أن مكتب الحاكم البافاري في ميونخ الذي أمر بإنجازه الحاكم السابق فرانز جوزف ستراوس كان ضرورياً؟ إذاً، لا يبدو الفارق بين الناس في الدول العربية وبيننا كبيراً.

back to top