عبدالله النيباري... وقيمة «التسامح» عند المقدرة

نشر في 19-11-2014 | 00:01
آخر تحديث 19-11-2014 | 00:01
 يوسف ناصر الشايجي كيف لإنسان كاد يدفع حياته وحياة أسرته مقابل موقف سياسي فرضه عليه واجبه الوطني والأخلاقي أن يتسامح ويعفو عمن تسبب في ذلك؟ ولكن هذا السلوك الإنساني الحضاري لا نستغربه على النيباري، الذي آمن بمجموعة قيم ومبادئ التزم بها، ورسَّخها فعلياً خلال مشوار حياته ومنها قيمة «التسامح»، التي نأمل أن تشيع بيننا.

قد يكون من غير المناسب أن أكتب في هذا الموضوع بحكم أن شهادتي مجروحة (كما يقال)، حيث إن الأخ عبدالله النيباري بمنزلة أخٍ كبيرٍ لي، فضلاً عن أنه قدوة سياسية وطنية، إذ تعلمت منه الكثير وما أزال... إضافة إلى انتسابنا إلى نفس التنظيم السياسي، وهذا ما جعلني أتردد في البداية، ولكنني وتحت إلحاح الجانبين الأدبي والأخلاقي، ومن منطلق الواجب الوطني رأيت لزاماً عليَّ أن أكتب وأشير إلى أهمية "التسامح" في حياتنا، كقيمة إنسانية وسياسية، جسدها الأخ عبدالله النيباري خلال ندوته الأربعاء الماضي، والتي كانت حول "انخفاض أسعار النفط"، حيث أشار في بدايتها، خلال ردٍّ مقتضب على الاستفسارات، إلى قبوله "العفو"، عن الشخص الذي كان وراء محاولة اغتياله، ليسقط حقه في عدم استكمال فترة سجنه.

كنت حاضراً لهذه الندوة، فتذكرت حينئذٍ تلك الليلة المنكوبة في صيف ١٩٩٧ واللحظة المفزعة التي علمت فيها باغتياله هو وزوجته (كما وصل إليَّ حينئذٍ)، وأنه تم نقلهما إلى مستشفى العدان، فسارعت إلى هناك، ولقيت الأصحاب الذين هوَّنوا علي هول الصدمة، بأنه يرقد في "العناية المركزة"، فدخلت عليه حيث هو، فرأيته ممدداً دون حراك، ولاإرادياً أمسكت بيده وضغطت على أحد أصابعه بقوة، حتى أرى ردة فعله، لأتأكد من سلامته، وقد كان، حيث بدا على وجهه شعوره بالألم، فاطمأننت عليه، كما علمت أن زوجته الكريمة بخير، وأنها تحت الملاحظة نتيجة لإصابتها ببعض الشظايا، فحمدت الله الذي لا يُحمَد على مكروه سواه.

ذكرى هذه الحادثة الأليمة أثارت عندي تساؤلاً: كيف لإنسان كاد يدفع حياته وحياة أسرته مقابل موقف سياسي فرضه عليه واجبه الوطني والأخلاقي أن يتسامح ويعفو عمن تسبب في ذلك؟ ولكن هذا السلوك الإنساني الحضاري لا نستغربه على الأخ عبدالله النيباري، الذي آمن بمجموعة قيم ومبادئ التزم بها، ورسَّخها فعلياً خلال مشوار حياته (ولا يتسع المجال لذكرها)، منها قيمة "التسامح"، التي نأمل أن تشيع بيننا، خاصة في هذه الظروف الحرجة التي تهب فيها على الكويت والمنطقة أجواء سياسية وأمنية مقلقة ومتوترة ومثيرة للكثير من الفتن والصراعات الدينية والطائفية والقبلية والفئوية وعلى كل الصُّعُد، والتي لا نملك حيالها سوى إشاعة المزيد من مبادرات التسامح والإخاء بين الأفراد والجماعات، وعلى المستويين الاجتماعي والسياسي وكل المستويات... حفظنا الله جميعاً من شر الفتن، ما بدا منها وما بطن.

back to top