العمالة الإثيوبية ... لنصارح أنفسنا أولاً

نشر في 27-03-2014
آخر تحديث 27-03-2014 | 00:01
 حسن مصطفى الموسوي استيقظت الكويت قبل أسبوع على جريمة جديدة مروعة راحت ضحيتها إحدى المواطنات على يد عاملة منزلية إثيوبية، ومعها بدأت موجة من حملة الغضب على العمالة المنزلية الإثيوبية والمطالبة بمنع استقدامها، وهو المطلب الذي استجابت له وزارة الداخلية بشكل سريع معلنة إنهاء إعطاء أذونات العمل لهذه الجنسية أو تجديدها. لكن أعتقد أن مثل هذه القرارات كان يجب أن تتخذ بروية بعيداً عن ردة الفعل الشعبية التي غالبا ما تكون انفعالية وغير موضوعية.   

إن منع استقدام جنسية معينة ليس حلا لأن هناك عمالة منزلية من جنسيات أخرى ارتكبت جرائم قتل من قبل. نعم قد تكون بعض الجنسيات مثل الجنسيات المنتمية إلى القارة الإفريقية أكثر شراسة من غيرها لطبيعة الحروب الأهلية في تلك القارة، لكن ذلك لا يفسر أساس قيام بعض العمالة المنزلية بمثل هذه الجرائم، وأعتقد أن أساس المشكلة تكمن في نظرتنا المتعالية كمجتمع على هذه الفئة، والتي تؤدي إلى سوء معاملتها وعدم تقدير ظروفهم النفسية والمعيشية، وكأنهم ليسوا بشراً أساساً. لست أتحدث عن الجريمة الأخيرة، ولا أعتقد أن القتل مبرر كردة فعل لأي سوء معاملة إن وجدت، بل حديثي هو بشكل عام لأنه أعتقد أننا يجب أن نعالج مشاكلنا ونظرتنا إلى هذه الفئة قبل أن نصب جام غضبنا على جرائم بعض أفرادها.

إن سوء معاملة العمالة المنزلية منتشر وبشكل كبير في المجتمع، وخاصة من المواطنين نتيجة الثقافة الريعية وحياة الترف التي جعلتهم لا يعملون سوى في أعمال معينة، بينما تركوا كثيرا من الأعمال الشاقة مثل إزالة القمامة والمهن الفنية وبناء المنازل وغيرها للوافدين، وهذه الحالة هي التي تولد نظرة الاستعلاء واحتقار الآخرين واعتبارهم مجرد عبيد لخدمة شعب الله المختار المترف. فهناك كثير من الأسر تجعل العمالة المنزلية تعمل من الصباح الباكر إلى آخر الليل دون راحة، وهناك أسر تقدم فضلات طعامها للعمالة وكأنهم مجرد متسولين في الشارع، بل إن هناك حالات كثيرة لتعذيب هذه العمالة والتعدي عليها لفظيا وجسديا، وبعضها أدى إلى موت الخدم، ومع ذلك لم يطالب أحد بإنزال عقوبة جماعية على المواطنين مثلما يطالب اليوم بإنزال عقوبة جماعية على العمالة الإثيوبية!

إن مفتاح الحل الجذري للمشكلة هو إدراكنا أننا نتعامل مع بشر أحرار لديهم أحاسيس ومشاعر واحتياجات مثل باقي البشر، فمنا من يرسل ابنته للدراسة في الخارج وحيدة لكنها معززة ومكرمة ومع ذلك يظل قلقا عليها طوال الوقت، فما بالك بمن يرسل ابنته أو زوجته تاركة أبناءها إلى بيت غرباء لا يعرف عنهم ولا عن أخلاقهم شيئا لتعمل لديهم خادمة؟ ومثلما تحب النساء اللباس الأنيق عند الخروج من البيت فإن الخادمات أيضا يحببن لبس نفس اللباس الخارجي لا لباس البيت كما نرى في الأسواق، ويجب علينا تلبية هذه الحاجات الأساسية لهم، ولنكن صرحاء أكثر ونعترف بأن أغلبنا متورط في تجارة البشر لأن مجرد التنازل عن خادمة لمصلحة كفيل آخر دون أخذ موافقتها هو نوع من أنواع العبودية، وهناك الكثير والكثير من الملاحظات على هذا الملف الشائك، لكن حله لن يكون في إنزال عقوبة جماعية على جنسية معينة كما رأينا.

back to top