«خالتي لاطيرين!»

نشر في 22-02-2014
آخر تحديث 22-02-2014 | 00:01
 نوال أحمد الصالح في إحدى الليالي الباردة كان الهواء يندفع بشكل يعيق الحركة، كنت خارجة من أحد المجمعات التجارية مع ابني متباطئة الخطوات، وكان هناك أطفال لم يبلغوا سن العاشرة يتراكضون في مواقف السيارات، ويعلقون على كل من يمر بجانبهم وللأسف، كنت أحد تلك المارة، فما إن رآني الصبي حتى نظر إلي وقال "خالتي لاطيرين"، استغربت كيف لطفل العاشرة المشاغب أن يستخدم لقب خالتي كدليل لاحترام الكبير ويربطه مع تعليق مازح بأنني سوف أطير بسبب الرياح، فالجملة بحد ذاتها تحمل معنيين متضادين من الاحترام وعدم الاحترام.

 وهذا ما حدث معي وأنا أجلس على مكتبي أحاول أن أجد موضوعاً شيقاً أكتب فيه، فإذا بطالب وصديقه يمر بمكتبي، فقرر الطالب تحيتي معربا عن أنه أحب أن يلقي السلام، وكانت لفتة جميلة منه فما كان من صاحبه بعد أن ابتعدا في الممر خارج المكتب، إلا أنه علق بصوت عال على تحيته بالعامية: أستاذة لا تصدقينه تراه ما يعرف شي! ومصدق عمره! فرديت عليه: جزاه الله خير إنه سلم يعرف الأصول فرد علي مبتعدا مازحا بكلمات لم أسمعها جيداً، ولكن بما يعني أن صاحبه يحاول أن يؤدي دورا ليس له.

لقد استغربت ما حدث واسترجعت حادثة الطفل المشاغب بالمجمع، لماذا أصبح الاحترام شيئاً مصطنعاً؟ لماذا أصبحت الضحكة والتعليق باستهزاء على كل فعل جميل أمراً مستحباً بين أبنائنا؟ في السابق كنا بين ابن خجول يتنحى من أمام من هو أكبر منه سناً، ويتحاشى أي حديث معه، وبين ابن جريء أقصى درجات جرأته معارضة من هو أكبر منه سناً بعد الاستئذان منه بالحديث وختام جملته وأنت أعلم يا عمي!!

أين هذه العادات الجميلة؟ هل نحن من وأدناها من نفوس أبنائنا، أم أن كثرة المدارس الأجنبية هي من أدخلت العادات الدخيلة علينا؟ أم هو التفتح الحضاري الزائد على الحدود الأخلاقية جعل أبناءنا يتشكلون على هيئة أناس مستهترين في حديثهم وغير ملمين بلهجتهم وعاداتهم، حتى احتفالات العيد الوطني طغى عليها هذا الجانب وأصبح غناء أبنائنا في العيد الوطني يأخذ منحى الأغاني الأجنبية بأنواعها، فأين الإحساس بولاء أبنائنا لهذا الوطن إذا كان تغنيهم بأعياد وطنهم يأخذ الجانب الغربي، ورقصهم بإشارات لا يعلمون حتى ماذا تعني؟

هناك فرق بين أن تكون الأغنية جميلة وأداؤها جديد وفيه إبداع، وبين أن تكون الأغنية هادفة وتعبر عن حب الوطن، منذ متى كان الغناء في الشارع يدل على شيء غير الشارع، أعني عندما تغنى الأجانب تعبيرا عن مشاعرهم في الشارع كان هذا بسبب أنهم كانوا فقراء وجاؤوا من الشارع، وعبروا عن مأساتهم وآلامهم من الشارع.

 ولكن عندما يتغنى أبناؤنا بكلمات قصيرة في الشارع ما هو المفروض أن نفهمه من هذه الأغنية، إنها علامات خطيرة يجب الوقوف عليها، فالغناء جميل ولا اعتراض عليه، والأداء جميل لمن في أعمارهم ولكن يضل هناك الهدف والمضمون، وهذا ما يجب علينا الالتفات إليه وتحليله.

back to top