إلا التعصب

نشر في 17-05-2014
آخر تحديث 17-05-2014 | 00:01
 د. نادية القناعي رؤية مواقف تدل على تعصب أصحابها تكون دائماً مبعث ضيق، كالتعصب لفكرة أو رأي أو لطائفة أو قبيلة أو فريق رياضي أو أي شكل من أشكال التعصب.

فالشخص المتعصب لا تفيد معه طريقة أخذ النفس العميق لتجنب ردود الأفعال السريعة، فهو ينفعل حتى لو كان الدليل على بُطلان ما يتفوه به ظاهراً، فتجده يستقتل في الدفاع عمّا ينحو إليه تعصبه، فيبدأ التعسف والصراع، والمشكلة أنه صراع من أجل أشياء فارغة، جوفها مليء بالترهات.

التعصب هو الفتيل الذي يشعل المعارك والخلافات والذبذبات والاختلال، لنتخيل أنه لا يوجد تعصب ولا متعصبون ولا وجوه متجهمة نتيجة الميل العميق لما يتعصبون من أجله، لرأيت الناس لا تزدرِي بعضها بعضا ولا تستهزئ بمن يخالفهم في المعتقد أو الميول، وستجد وجوهاً مبتسمة دائماً تدافع عمّا تؤمن به لكن مع احترام ما تؤمن به عقول غيرها. وأيضاً ما كنا سنسمع صخباً ولا ضوضاء ولا هتافات لا فائدة منها، وما كنا سنشاهد دماء مراقة ولا دموعا منهمرة. غاليليو عندما استقتل في الدفاع عن النظرية التي تقول إن الأرض تدور حول الشمس، تكالبوا عليه واتهموه بأن ما يقوله بدعة، فوقف على منصة المحاكمة ليعلنوا حكم حبسه ومنع ما كتب من النشر، لكن بعد ذلك اعترفوا بأنهم كانوا مخطئين، فاعتذرت له الكنيسة وهو في قبره! فلو لم يكن هناك تعصب لما حُبس ولما اضطرت الكنيسة للاعتذار بعد سنين.

شيء جميل أن يدافع الإنسان عن مبدئه وعن رؤيته لكن دون غلو، فلك أن تؤمن بفكرتك، وأن تُقنع غيرك بها، لكن ليس لدرجة أن تشن حرباً كلامية أو حرباً بالسيوف لإيصال الفكرة.

back to top