دويلات الخليج!

نشر في 08-03-2014
آخر تحديث 08-03-2014 | 00:01
 ناصر حضرم السهلي    الفكرة الطموحة التي تحوم داخل عقول المفكرين والساسة وأهل الرأي في الخليج العربي تجعلنا نتفاخر ونتباهى أمام الشعوب أن لدينا مثل هذه العقول الراقية جداً. في الفترة السابقة تم طرح قضية كبيرة هي "الكونفدرالية الخليجية"، وهي اتحاد دول الخليج في الشؤون الخارجية والدفاع والعملة المشتركة، وبقاء لكل دولة سيادتها، وهذا معنى من معاني مصطلح الكونفدرالية!

لاشك أن ذلك كلام رائع وأحلام رائعة لكل مواطن خليجي يتمنى أن تكون واقعاً ملموساً، لكن هناك إحباطات في واقعنا الحالي... لهذا دعونا نتكلم عن كيفية تحقيق هذه الأحلام والقفز فوق كل الإحباطات الحالية. يجب قبل أي شيء أن نتدبّر ونفكر لماذا واقعنا مليء بالإحباطات ولا يبشر بأن يكون هناك اتحاد وانسجام بين دول الخليج؟!

قبل مدة كان هناك طموح بأن تكون هناك عملة خليجية موحدة تجمع بين كل دول الخليج مثلما الحال مع الأوروبيين، لكن المحبط أننا لم نر هذه العملة إلى وقتنا الحالي، وقد تكون أحلام يقظة!

وسبب الإحباط الآخر هو الحدود بين دول الخليج من تفتيش وجمارك وجوازات، وأسلاك شائكة، وشباك حديدية، وحوائط أسمنتية، ورجال أمن، وإنفاق هائل من الحكومات الخليجية على الحدود، كأننا لسنا في خليج واحد، عاداتنا وتقاليدنا متقاربة، وعقيدتنا واحدة، ومصيرنا واحد! ألا يكفي أن تكون هناك عبارة "مرحباً بكم" أو مركز صغير مثل دول أوروبا؟!

في بعض الأحيان أشعر بالملل من هذه الإجراءات الروتينية المملة، وأتمنى أن أكون سمكة لأدخل أي بلد خليجي وأخرج منه من دون أن يسألني أحد أين جوازك أو إلى أين أنت ذاهب؟ وعلى حد علمي أن الأسماك لا تحمل جوازات سفر وهويات!

أحد مثيرات الإحباط الأخرى أن مسؤولي الخليج ليس بينهم انسجام فكري، الكل يسير حسب آرائه وأهوائه، ليس هناك استراتيجية معينة ولا خطة سير واضحة، ولا تفكير واحد، فالكل يقول نفس الكلام، لكن الأفعال تختلف من مسؤول إلى آخر! مثلما حدث أخيراً من سحب سفراء بعض الدول من قطر، وهذا أمر آخر يثير الإحباط، وليس بسيطاً أو سهلاً، وقد تكون له أبعاد وتداعيات مستقبلية تزيد من التوتر النفسي الذي يسبب حساسيات بين مواطني الخليج وفقدان هوية وتشتت مفهوم الانتماء الخليجي!

في نهاية الأمر، أعود إلى حلمي بأن يسهم الاتحاد العسكري والسياسي والاقتصادي، الحقيقي والفعلي، في زيادة قوة دول الخليج، وأن يكون حائط صد منيع بيننا وبين المنطقة الساخنة التي حولنا، ورادعاً أمام مساعي الأعداء الذين يحاولون إضعافنا وتفكيكنا إلى دويلات مشتتة، وحديقة خلفية للدول الكبرى!

back to top