بوتين القوي... يتلقى «لكمات اقتصادية» قد تطيحه أرضاً

نشر في 12-11-2013
آخر تحديث 12-11-2013 | 00:01
بدأت وكالات الأنباء تعد رواياتها التمهيدية عن دورة الألعاب الأولمبية المقرر إقاماتها في مدينة سوتشي الروسية، لما قد يتحول في النهاية إلى الإنفاق الأكبر والأكثر إثارة للجدل (50 مليار دولار وأكثر) حتى اليوم.
 وورلد أفيرز جورنال صنفت مجلة "فوربس" فلاديمير بوتين أخيراً الرجل الأقوى في العالم. وهكذا تفوّق الرئيس الروسي على القادة الأميركيين والصينيين. فاحتل باراك أوباما المرتبة الثانية وشي جينبينغ الثالثة في لائحة هذه المجلة الخامسة التي تصدر سنوياً.

تهانينا للرئيس بوتين! لكن تربعه على القمة قد لا يدوم طويلاً. صحيح أن هذه المجلة تصنف الأشخاص لا الدول، حسب ما أوضح ستيف فوربس، لكن حظوظ بوتين ونفوذه سيتراجعان، بغض النظر عن قوة شخصيته، بينما يواصل اقتصاد بلاده انحداره المتسارع ويفقد أهميته. ويبدو هذا الانهيار محتماً اليوم.

ستتجلى هذه المشاكل بوضوح أكبر مع اقترابنا من موعد حفل افتتاح الألعاب الأولمبية الشتوية الكثيرة الاضطرابات في سوتشي في شهر فبراير المقبل. فقد بدأت وكالات الأنباء تعد رواياتها التمهيدية لما قد يتحول في النهاية إلى الإنفاق الأكبر والأكثر إثارة للجدل (50 مليار دولار وأكثر) على هذه الألعاب حتى اليوم.

تمكن بوتين من تقديم عرض مذهل بسبب ما تنعم به البلاد من نفط وغاز، فهما منتجان يُعتبران إلى حد ما (إذا استثنينا ربما الفودكا والكافيار) الوحيدين اللذين تستطيع روسيا بيعهما إلى الخارج.

رغم ذلك، قد تغدو سوتشي ذروة الترف والبذخ الروسيين، نظراً إلى المستقبل القاتم الذي يلوح في أفق الاقتصاد الروسي. ألقى المحللون اللوم على الطقس الماطر على نحو غير مألوف ليبرروا النمو المنخفض للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث من هذه السنة (1.2% مقارنة بالسنة الماضية). لكن المطر ليس سبب الفشل البنيوي الاقتصادي الروسي. تعود المشكلة الرئيسة إلى أن بوتين أخفق في تنويع اقتصاد روسيا خلال ولاياته الثلاث كرئيس، فضلاً عن ولاية واحدة كرئيس وزراء، ما جعل البلاد تعتمد إلى حد كبير على عائدات صادرات النفط والغاز. لكن أسعار الغاز العالمية بدأت تتراجع، ولاشك في أن أسعار النفط ستحذو حذوها. وبدأت روسيا تشعر بتأثير ذلك.

وعد بوتين بتحقيق نمو نسبته 5.0 في المئة هذه السنة، إلا أن هذا الرقم يبدو اليوم بعيد المنال. فتشير التوقعات الرسمية راهناً إلى توسع بنسبة 1.8 في المئة، إلا أن هذه النسبة تُعتبر أيضاً أعلى من المرتقب. على سبيل المثال، يتوقع صندوق النقد الدولي نمواً روسياً بنسبة 1.5 في المئة. وتشير التوقعات البعيدة الأمد إلى استمرار الركود. فتؤكد شركة Renaissance Capital (مقرها في موسكو) أن النمو السنوي الروسي لن يتخطى 2 في المئة خلال العقد المقبل.

لاشك في أن الإخفاق في تحقيق ما اعتُبر سابقاً هدفاً يمكن تحقيقه سيؤدي إلى تداعيات محلية وجيو-سياسية. فقد أعلن بوتين أن على روسيا أن تنمو بمقدار المعدل الذي حدده أو تقترب منه، إن كانت تريد أن تضمن مكانتها الملائمة في العالم.

في الوقت الراهن، "بدأ الاقتصاد الروسي يتراجع وراء الستار الحديدي السابق"، وفق ما كتبه دانيال غرايبر من موقع Oilprice.com. فتعثر أوروبا على مصادر جديدة للغاز الطبيعي، وتتحول آسيا نحو مصادر أميركا الشمالية والجنوبية. ويتوقع البعض أن تصبح الولايات المتحدة "المملكة العربية السعودية" المقبلة في مجال إنتاج الطاقة.

دفعت كل هذه النزعات غير المواتية شركات الطاقة الكبيرة في روسيا، التي تحتاج إلى عائدات، إلى الاتفاق مع بكين خلال الأشهر الأخيرة. ففي شهر أكتوبر، وقعت شركة Rosneft التابعة للدولة صفقة "مميزة" مع مؤسسة البترول الوطنية الصينية، موافقة على منح الصين حصة في حقل نفط مربح في شرق سيبيريا. وأتى اتفاق الشراكة هذا بعد إعلان صدر خلال لقاء بوتين الرئيس الصيني في شهر سبتمبر عن توقيع عقد بين شركة الطاقة الروسية "غازبروم" التابعة للدولة ومؤسسة البترول الوطنية الصينية ستقوم بموجبه "غازبروم" بتزويد الصين بالغاز الطبيعي.

ستساعد هذه الصفقة بوتين على الخروج من الأزمة. إلا أن الرئيس الروسي يعتبر رغم ذلك بعض الإشارات الاقتصادية "مقلقة"، كلمة تُردد كثيراً في موسكو هذه الأيام. فإذا لم تتعافَ أسعار الطاقة قريباً (وهذا مستبعد نظراً إلى طفرة الغاز الصخري (الأردواز) في الولايات المتحدة، ما قد يبقي الأسعار منخفضة لعقود)، فقد يواجه بوتين مشاكل انتخابية رغم قدرة حكومته على التلاعب بالانتخابات. فقد يخسر دعم جزء كبير من قاعدته الانتخابية الرئيسة، إذا لم يكن الاقتصاد قوياً كفاية لدعم خطط هباته وإنفاقه السخي. وستُعقد انتخابات مجلس الدوما في موسكو عام 2014، ومجلس الدوما الوطني عام 2016، والانتخابات الرئاسية عام 2018.

عندما يصف الناس روسيا أنها قد تكون "دولة اليونان المقبلة"، نتوقع أن يخسر بوتين مكانته بسرعة. ولا نقصد بذلك مكانته في لائحة "فوربس" فحسب.

Gordon Chang

back to top