الكويت في قلب العالم

نشر في 18-10-2012
آخر تحديث 18-10-2012 | 00:01
 أحمد عيسى استطاع حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إعادة الكويت إلى نادي الرواد، بعدما بادر وأحيا مؤتمر حوار التعاون الآسيوي منتصف الأسبوع الجاري، ليكون نواةً لكيان عالمي يعيد توازن القوى على أساس اقتصادي هدفه الأول تعزيز عمق الكويت الاستراتيجي داخل قارة آسيا.

مبادرة سمو الأمير أعادت الذاكرة إلى اللحظات الأولى لتأسيس الكويت الحديثة بعد الاستقلال عام 1961، وإطلاق الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية الذي جاء مكملاً لدور الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي، ومكتب لندن للاستثمار، والاستفادة من دخل النفط في ضمان حياة كريمة لكل من ينتمي إلى هذه الأرض.

للكويت مكانة إقليمية يعرفها جيداً من يجيد قراءة التفاصيل، إذ تموضعت في مفاصل تاريخ العالم الحديث، بدءاً من مساهماتها الإنمائية عالمياً عبر الصندوق الكويتي للتنمية مروراً باحتوائها أزمات عالمية كحرب "أيلول الأسود" عام 1970، أو دعمها لقرار وقف تصدير النفط إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا لمساندتهما إسرائيل في عدوانها على الوطن العربي عام 1967، ووقوفاً على دورها الثقافي وعملها الإنساني الخيري.

بلادنا كان اسمها يوماً ما على الخارطة "الكويت- بلاد العرب"، وسعت إلى تأسيس كيانات عالمية وإقليمية منها منظمة دول عدم الانحياز ومجلس التعاون الخليجي، ورعت قيام منظمة التحرير الفلسطينية على أرضها، وكان قدرها أن تتعرض لاعتداءات سافرة لتقييد دورها العالمي ونفوذها، فتعرضت طائراتها للاختطاف، وشهدت حوادث تفجير إرهابية وختمها الغزو العراقي، إلا أنها لم تنحنِ ولم تتراجع عن دورها، وكانت بعد كل أزمة تخرج أصلب من سابقتها بعزيمة مواطنيها وإيمان قادتها بحجم المسؤولية.

هناك قامات في بلادي لا يمكن أن يتجاوزها التاريخ منهم من رحل ومن لا يزال بيننا، فالكويت عبر الدكتور أحمد الخطيب أسست حركة القوميين العرب، ومن خلال عبدالرحمن السميط ساهمت برعاية مسلمي إفريقيا، وترك أحمد السقاف وعبدالله السريع بصمات وطنهما على إمارات الخليج والبحرين وسواحل عمان واليمن وجنوب السودان، وبث تلفزيون الكويت إرساله من دبي بصوت صالح الشايجي، ولا يمكن تجاوز شهيد الكويت فوزي المجادي، الذي استشهد خلال عملية فدائية في مستوطنة "مسكاف" الإسرائيلية عام 1989 حيث كان أحد كوادر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ومن خلال "مجلة العربي" عرف العرب الكويت والعالم، وأرست مطبوعات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب دعائم الثقافة العربية.

ومن القامات التي استعانت بها الكويت لتضيف لرصيدها الإنساني أحمد بهاء الدين وأحمد زكي وزكي طليمات، وعبدالرزاق السنهوري الذي كان يرزح تحت الإقامة الجبرية خلال عهد جمال عبدالناصر، ولم تسمح له السلطات المصرية بالسفر إلا مرة واحدة تلبية لدعوة أمير الكويت الشيخ عبدالله السالم عام 1960 ليعمل على استكمال المقومات الدستورية القانونية التي أهلتها لعضوية الأمم المتحدة، وكذلك الفقيه الدستوري عثمان خليل عثمان الذي وجهت كلماته مسار الدولة الدستوري، واستقر فيها بعض الوقت أعمدة الفن وفطاحل الاقتصاد وكبار ساسة العرب أمثال جلال أمين وسليم الحص. حرص الكويت على المساهمة بخدمة العالم لم يأتِ من فراغ، بل جاء متسقاً مع ما جاء في مقدمة دستورها وعلى لسان أميرها الراحل الشيخ عبدالله السالم الذي ذكر برسالة اعتماده للدستور بعدما رفعه له المجلس التأسيسي: "إيماناً بدور هذا الوطن في ركب القومية العربية وخدمة السلام العالمي والحضارة الإنسانية، وسعيا نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الوطن بمزيد من الرفاهية والمكانة الدولية".

هذا بكل اختصار قدر وطن أراد له مؤسسوه أن يكون رافداً للعالم وفاعلاً أساسياً في قضاياه وساعياً بعزم إلى مستقبل أفضل، وطن قامته أكبر بكثير من مستوى تفكير بعض أبنائه الذين يريدون استنزاف تاريخ هذا الوطن بشكل عبثي غير مسؤول، فقط لأن مستوى نظرهم لا يبتعد كثيراً عن محيط مقاعدهم.

back to top