... فالمصيبة أعظم

لقد قتلت القضية بحثاً ودراسة وتحليلاً وتمحيصاً. خمسون سنة و"الخبراء" يدرسون والحكومة تماطل، ترى، هل هناك أي نتيجة تتوقعها الحكومة من هذه المماطلة؟ ربما، كلما امتد العذاب، يدب اليأس فيظهر البدون، الجيل الخامس الآن، أوراقاً توارثوها عن أجداد أجدادهم، وربما يغادرون الكويت ويتركون خيرها لأهلها، لكن الحكومة تعرقل حتى طلبات الهجرة واستصدار وثائق سفر، إذن الحكومة لا تريد للبدون أن يغادروا أرض الكويت. طيب، ربما الغرض من المماطلة هو التذويب والتبخير، لربما يذوب البدون، أو يتبخرون، أو تصيبهم جميعاً حالة من العقم فيتوقف نسلهم وتتبدد قضيتهم، لكن الحكومة تجلسهم في بيوتهم، لا عمل ولا شغل، تمنعهم التعليم وتحجبهم عن الاختلاط بالمجتمع، يتكاتف عليهم العزل والضعف الثقافي والملل والقهر، فينجبون أولاداً، والمزيد من الأولاد، إذن الحكومة تشجعهم على زيادة النسل.أنا لا أعرف، وأنا لا أعرف ليس فقط لأنني ضعيفة سياسياً، ولكن لأن الحكومة لا تكلمنا، لا تشرح لنا. الحكومة تقول باحترام حريات الناس، ثم تعتقلهم في مظاهرات سلمية، وتقول سيتم توظيف البدون، ثم "تنسى" أن ترسل خطابات رسمية بالشأن للجهات المختصة، وتقول سنبدأ بالتجنيس ولا تبدأ، وتقول من خلال وزيرها "قضيتكم في رقبتي" ولا نرى إلا رقبة البدون في القضية، كلما قالت الحكومة شيئاً، قامت وفعلت ما هو ضده تماماً. فما هو التفسير؟ كم أتمنى أن تكون هناك خطة صلبة خلف هذا التكتيك، والله إنني أتمنى أن يكون هناك مخطط شرير فادح الذكاء، عن ألا يكون هناك شيء مطلقاً، فأن تكون هناك خطة شريرة فتلك مصيبة، ولكن ألا يكون هناك شيء مطلقاً خلف كل هذه القرارات والتحركات الحكومية؟