دجل سياسي

نشر في 17-11-2012
آخر تحديث 17-11-2012 | 00:01
 أحمد أنور بشارة    من خلال ما نشهده من التقلبات السياسية في واقعنا السياسي المرير وبعد أن تخطينا مرحلة المراهقة السياسية لدى البعض، أصبح واقعنا هو الأقرب إلى الدجل السياسي لبعض المنادين بالديمقراطية وباحترام الرأي وتبادل وجهات النظر، وهم أبعد ما يكونون عنه، فبمجرد الاختلاف في الرأي تسقط جميع الأقنعة وتصبح بنظرهم خائناً انبطاحياً موالياً أو بعض الأوصاف التي أصبحت دارجة الآن في هذه المرحلة الحرجة التي تتطلب صحوة الجميع دون الانقياد وراء أصحاب الحناجر الرنانة التي تطلق الاتهامات ولا تملك الدليل والتي لا تهتم إلا بصنع أمجادها حتى إن كان على حساب تدمير هذا الوطن.

نعم هناك أصحاب النوايا الصادقة الذين يتحركون بدافع حب الوطن والمحافظة على المكتسبات الدستورية التي تعتبر حقاً لكل مواطن في هذه الأرض، وهم ما نحتاج من أجل بناء وطن بعيد عن أي "تكسبات" أو أي انتماءات ومصالح شخصية، لكن هناك أيضا أصحاب النوايا الخبيثة الذين يسعون بكل شكل من الأشكال إلى إثارة الفتن وتأجيج وتوسيع دائرة الاختلاف حتى يظلوا في دائرة الحدث، فمن دون إثارة المشاكل قد تنطفئ شموعهم التي تكاد أن تحرق الوطن بمشاكلهم التي ما إن تنتهي واحدة حتى تشتعل الأخرى وبتنوع، فتارة تكون طائفية، وأخرى قبلية، وتارة ثالثة يستغلون الدين وهم أبعد ما يكونون عنه ليتسلقوا على أكتاف الشباب ليكونوا سلماً لصعودهم وتحقيق مكاسبهم، فكيف يمكن أن نصدق من ينادي بتطبيق القانون وهو أول من يخرقه أو يحاول عرقلته في سبيل كسب صوت أو ولاء شخص.

نقول لأصحاب النوايا الصادقة خذوا الحذر ممَّن قد يشعلكم ويجعلكم وقوداً لحرب ليست بحربكم. والخطير أن هناك من يستمد رأيه من رأي من يتبعه سواء كان تياراً أو شخصاً، وهم كثر والشواهد كثيرة على تقديس أشخاص والانجراف وراءهم وتمجيدهم حتى أصبحوا لدى من يتبعونهم رموزاً وأبطالاً... ولكن من ورق!

ولا نغفل دور الحكومة أيضاً في صنع هذه الرموز الزائفة ومساهمتها بشكل مباشر في ذلك من خلال ضعفها سواء بقرارات غير صائبة أو حتى إنجازات غابت في شتى المجالات، خصوصاً تلك التي تمس المواطن بشكل مباشر في حياته اليومية والتي هي حق من حقوقه التي كفلتها الدولة له؛ من تعليم، أو رعاية صحية، أو توفير المسكن، وحتى البنية التحتية في البلاد التي أصبحت حكاية من حكايات الماضي.

لا يمكننا الخروج من هذه الأزمة التي تمر بالبلد والتي تمزق أوصاله وتحول أبناءه من شركاء في بنائه إلى خصوم، إلا بأصحاب النوايا الصادقة، وعدم التأجيج، والبعد عن الصفقات السياسية المشبوهة التي تزيد اتساع المسافات بين أبناء الشعب الكويتي، لذا يجب أن تنطلق المبادرة نحو الإصلاح بمنتهى السرعة وبشكل مدروس، فكلما تأخرنا في معالجة ما تعانيه الدولة كانت كلفة العلاج مرتفعة علينا جميعاً وطريق العودة ستكون مسافاته طويلة!

حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.

back to top