معكم : الترمومتر

نشر في 21-07-2011
آخر تحديث 21-07-2011 | 00:00
 عامر الهاجري من أراد أن يعرف المسافة بين الصين وتايوان فلابد أن تكون لديه فكرة عن الأميال البحرية، ومن أراد أن يسبر العلاقة بين الكويت والعراق يجب عليه أن يرجع إلي تاريخ القائمين على الأمور في بغداد... خصوصا في الثمانينيات! ومن أراد أن يعرف سبب تدني مستوى الأداء الحكومي فعليه أن يسأل عن مصدر الشهادات الجامعية للوزراء والوكلاء وكيفية الحصول عليها!

أما إذا أردت أن تعرف الكيفية التي بقي فيها الكثير من المديرين ومن فوقهم في أماكنهم فترة تجاوزت عقدا من الزمان، فليس من الضرورة أن تعرف ما يحدث في بكين ولا أن تكون باحثا في تاريخ الحركات السياسية في العراق، بل ان نظرة سريعة على شخصياتهم العامة والخاصة تعطي مؤشرا قويا للميزات التي يمتلكونها وأهلتهم للبقاء في مناصبهم تلك، سواء كانت في القطاع العام... أو الخاص!

ويملك أكثرهم حسا فكاهيا يؤهله لأن يكون «بهلولاً» للمعازيب، فتجده يبحث عن النكات و»القفشات» التي لا يكتفي من يسمعها برسم الابتسامة على وجهه بل يتسع فاه حتى تظهر نواجذه، وهو الأمر الذي يسمح لقائلها بأن يكون مطلوبا ومرغوبا عند رئيسه... خصوصا في تلك الجلسات التي يتملق فيها هذا الرئيس من هم أعلى منه منصبا ورتبة.. وجاهاً!

وتجدهم كذلك يفتعلون مواقف تثير ضحكا هستيريا لدى الحضور من الطبقة العليا، وتكون نتائجه سريعة ومثمرة مثل مجموعة أسهم في شركة معينة، أو مزرعة في العبدلي أو الوفرة... أو على الأقل مهمة رسمية تستمر شهراً أو مثله في يوليو أو أغسطس، حيث ترتفع الحرارة إلى معدلات مرتفعة يصعب حتى على الترموتر قياسها!

وهم خبيرون في معرفة مزاج علية القوم، ويستنبطون من النظرة الأولى ما تخفيه أنفسهم من غضب أو فرح ومن سعادة وحزن، وبناء عليه يتم التعامل معهم، ففي مرحلة الزعل يصطنعون العبوس وينعقد حاجبا أحدهم وكأنهما قوس يماني، وتنزم الشفتان وتصبح شبيهة بشفتي بوش في 11 سبتمبر، وأما الونات فتتسابق على الخروج من الصدر... طبعا نيابة عن المعزب الذي يخجل من إخراجها أمام... كل من هب ودب!!

ويحاول أن يجد فرصة للجلوس منفردا مع صاحبه وولي نعمته لعل وعسى أن يعرف المكدرات والهموم التي حوّلت هذا الصباح إلى مأتم للجميع، ويترك مكتبه، بينما المراجعون متكدسين، ويبلغ السكرتير «أنا في اجتماع مع إلى فوق»، ويدخل المكتب العلوي ولسان حاله يقول ولي حزن يعقوب ووحشـة يونـس * وآلام أيـــوب وحـســرة آدم، ويتودد حتى تسكن نفس القاعد وراء المكتب، ويفتح له قلبه: ماكو فايدة يافلان! اشلون طال عمرك؟، يرد عليه بهلول، وتخرج تنهيدة تكاد تسمع في بلاد الرافدين: أتعبني وفشلني... ما نفعت معه كل الألوان!!!

back to top