هايكو... مختارات عالميّة معاصرة... القصيدة المدينيَّة

نشر في 29-11-2010 | 00:00
آخر تحديث 29-11-2010 | 00:00
صدر أخيراً عن دار «طوى» كتاب «هايكو، مختارات عالمية معاصرة»، ترجمة جمال مصطفى. والهايكو، أو القصيدة الصامتة، هي أصغر قصيدة في العالم.

في تقديم الكتاب، يعتبر جمال مصطفى أن جهود مترجمي الهايكو إلى العربية انصبّت على الهايكو اليابانية الكلاسيكية، منقولاً غالباً عن الإنكليزية أو الفرنسية اللتين رسختا تقاليد لكتابة هذا النوع من القصائد منذ أواسط القرن الماضي وما قبل ذلك.

فالهايكو ما عاد يابانياً فحسب، بل هو اليوم عالمي بامتياز يكتبه الآلاف من الشعراء في كل بقاع العالم. ويلفت المترجم إلى أن فكرة ترجمة الهايكو إلى العربية نبعت من هذا الانتشار الذي حققه الأخير، وقد ضمت هذه الترجمة شعراء كثراً يكتبون الهايكو المعاصر وظهروا في أواسط القرن الماضي وحتى الجيل الجديد.

يستغرب جمال مصطفى أن بلداناً صغيرة وفقيرة نسبياً كسلوفينيا وكرواتيا قد ازدهرت فيها كتابة الهايكو، حتى أن الأطفال فيها يعرفون هذا النوع من الشعر بينما ظلّ في اللغة العربية غير معروف حتى الآن، إلا لدى فئة قليلة.

من هنا، يرى المترجم ضرورة تعميم الهايكو وإشاعته بين الناس. فاللغة العربية لا تقل قدرة عن غيرها من اللغات الحية التي أضافت نكهة جديدة إلى هذا النوع الشعري الفريد في قدرته على نقل الجوهر نقلاً بالغ الدقة، إذ يكفي أن تتجاور أو تتتالى صورتان من الواقع بلا أية حاجة لأدوات التشبيه حتى تكون قصيدة الهايكو قد أينعت وحان اندياحها في مخيلة القارئ.

يفيد مصطفى بأن الأوروبيين لا يشترطون ما يشترطه اليابانيون من ضرورة اقتصار الهايكو على الطبيعة وضرورة ذكر الفصل أو الإتيان بما يوحي به ضمناً، وما إلى ذلك مما نبع وتأصل في البيئة واللغة اليابانيتين. بل إنه عبر المختارات المكتوبة باللغات الأوروبية اجترح هايكو جديداً قد تُطلق عليه تسمية الهايكو المديني. وهو هايكو لا يشبه الهايكو الياباني الأصلي إلا في قصره واختزاله، ما عدا ذلك فهو جديد قد استعاض عن الطبيعة بمشاهدات من واقع المدينة الحديثة التي هي مزيج من بعض ما بقي من الطبيعة مستمراً في المدينة كالحيوانات الأليفة وبعض الظواهر المتعلقة بالطقس، مضافاً إليها ما فرزه التطور التقني والحضاري من علاقات وترابطات جديدة.

يلفت مصطفى إلى أن الهايكو الياباني المتخصص في معالجات محورها الإنسان والطبيعة، غدا لدى الأوروبي هايكو متحرراً من كل ما من شأنه إعاقة شهوة الإبداع الحر. غير أن الهايكو لا يستجيب لتغريبه كلياً عن طعمه ومذاقه الأصليين، ما يعني أن الكلاسيكي منه لم يغب تماماً عن المشهد المعاصر، بل ما زال شعراء كثر حريصين على كتابة الهايكو كما هو (17 مقطعاً صوتياً مع ذكر الفصل أو ما يشير إليه، إضافة إلى الابتعاد عن التجريد والاكتفاء بأقل ما يمكن من الكلمات).

يذكر مصطفى أن هذه المختارات لا تدّعي الإحاطة والشمول، لكنها تضم بعضاً من أفضل الأسماء إلى جانب أسماء شابة تكتب الهايكو من دون الأخذ في الحسبان أية قناعات تخص البيئة أو الدين أو حتى ما يخص الهايكو من اعتبارات شعرية صرفة، ذلك بحكم طبيعة الهايكو التي توهم بالسهولة على رغم كونها سهولة ممتنعة، إذا سمعها غير المجرب ظن أنه قادر على الإتيان بأحسن منها.

ولم يضع المترجم فهرساً للمختارات، لأن الهايكو، حسب رأيه، بلا عنوان أصلاً. كذلك، لم يضع تبويباً بحسب البلدان أو اللغات، بل ترك الهايكو يلي الهايكو والشاعر يلي الشاعر كيفما اتفق لتشكيل فضاء تسبح فيه قصائد الهايكو كالنجوم في السماء.

أصوات

الوقفات

في أغنية الهزار الفجرية

لرشف الندى (جيمس هاكيت، الولايات المتحدة)

 

عميقاً في الجدول

السمكة الكبيرة بلا حراك

تواجه التيار (جيمس هاكيت، الولايات المتحدة)

 

النهر الذي جف

لم يجد من يشكره

على ماضيه (طاغور، الهند)

خسوف جزئي

إنها تأخذ قضمة أخرى

من قرص البسكويت (سو ميل، أستراليا)

 

قطتان في وصال حميم

من الشرفة إلى السقف المقمر

حتى السماء (تاكاشي نونين، اليابان)

 

أول أيام الربيع

المزيد والمزيد من طيور البط

يأتي ليأكل (جيليس فيبر، فرنسا)

على فزاعة

يحط الغراب هنيهة

فجأة يطير (لوريانا اليس هار، الولايات المتحدة)

 

شروقٌ

إوزة من النهر تنادي على

إوزات في السماء (مارتن لوكاس، بريطانيا)

 

بركة الحديقة

القطة تراقب السمكة

قشرة الجليد (آرنا ييركس، الدنمارك)

 

بحيرة ساكنة

غزال أحمر

يشرب السماء (كلارا مكدونال، إيرلندا)

 

شفاه الأطفال

تحمر وتحمر

قطف التوت (دوسكو ماتاس، كرواتيا)

back to top