دار المظالم... يا ظالم؟!!

نشر في 09-03-2011
آخر تحديث 09-03-2011 | 00:00
 عبدالله المسفر سمعت وأنا جالس في الديوانية منفرداً ضحكات مكتومة تأتي من الخارج، تخيلت أنها ضحكات السائق ربما يمزح مع الصبي ويستذكران أشياء قديمة حدثت في بلادهم... فابتسمت وقلت في نفسي من يعلم؟ ربما نضحك نحن ككويتيين أكثر منهم في المستقبل، لكني عدت وانتبهت إلى أن الضحكات زادت ثم زادت وتحولت إلى قهقهات بصوت مرتفع وارتفع الصوت أكثر، فقلت في قرارة نفسي لابد من معاقبة هذا المستهتر ونهضت لأستطلع الأمر، فإذا بالعم فصيح الصريح أمامي وهو يكاد يسقط من شدة الضحك.

سلمت على العم وهو لا يعرف أن يتحدث معي من شدة الضحك، أجلسته وهو مازال يضحك، لقد كاد الرجل أن يموت ضحكا، فسارعت وطلبت من الصبي الماء وقدمته للعم فصيح الذي أخذ «يطشر» الماء في كل صوب حتى سقط نصف الماء من الكوب، لم يعد بإمكاني عمل شيء حتى يهدأ الرجل، فجلست وانتظرت حتى هدأ بعد أكثر من خمس دقائق.

جلس العم فصيح واعتدل ونظر إلي نظرة طويلة وتفحصني، ثم شرع في الضحك مرة أخرى، فنهرته وغضبت منه، فتماسك ثم قال لي كيف الحال ياعبدالله؟ ثم ضحك ثانية قبل أن أجيبه، فنهرته ثانية فقال يا أخي هل تعلم شخصاً يسمى القلاف، وهنا ابتسمت وعرفت لماذا يضحك هذا العم الفصيح الصريح الناقد اللاذع، وأخذت أصوات ضحكاتنا سوياً تزيد حتى حضر الجيران وأبناء العم والخلان على أصواتنا التي عمت في كل مكان، فأمرتهم أن يذهبوا لأنني وصديقي العم فصيح نريد الحديث في أمر خاص.

قلت للعم فصيح يا رجل لقد أضحكتني حتى بات جسدي يؤلمني من شدة الضحك، فقال يا بني أنت تضحك لك دقائق، فما بالك وأنا أضحك منذ عرفت وأنا في بلادي البعيدة من وسائل الإعلام أن هناك نائباً كويتياً يريد أن ينشئ هيئة تسمى «دار المظالم» تتبنى شكاوى المواطنين رغم وجود حكومة وقضاء؟!

واعتدل العم وصاح يابني أين دور القضاء الذي قضى عليه صاحب الاقتراح المشين في حق كل القضاة؟ ألا يعترف بهم ليتحدث عن دار للنظر في شكاوى الناس بعيداً عن القضاء وعن القانون وحسب المزاج والاحتياج و»الواسطة» والسلطة؟!

قلت له ياعم أشاركك الرأي فقد جانب هذا الرجل الصواب وحاد عن الطريق الصحيح، لأنه ألغى دور القضاء الذي لجأ إليه حتى رئيس الحكومة عندما اعترض على تصريحات البعض وأقوالهم وأفعالهم، فيا تُرى من الممكن أن يلجأ هذا الرئيس نفسه إلى الدار التي هو رئيسها ليصبح الخصم هو ذاته الحكم؟!

نظر إليّ العم فصيح وقال: عفواً سوف أضحك لأنني لا أتمالك نفسي، فضحك وضحك حتى دمعت عيناه، ثم قال: هل يستطيع هذا النائب إذا ما أردت أن أشتكي على الوزير صفر لأنه مازال يتكتم على أسماء شركات اللحوم الفاسدة أن يذهب معي إلى دار المظالم التي اخترعها هذه؟ هل سيذهب معي النائب الموقر لأشتكي على أحد الأشخاص لأنه سبني وأهانني وضحك علي وسخر مني؟ وهل نغلق المحاكم ودار القضاء لأنها ستصبح خاوية على عروشها؟

تحول ضحك العم فصيح إلى غضب واحمرت عيناه، وقال: يا عبدالله... هل هذا هو القضاء الشريف العادل الذي كان يقول عنه القلاف؟ وإذا كان كذلك فلماذا يهمش دوره؟ وانتفض العم فصيح وزاد من حدة صوته ونبرته، هل يريد القلاف تحويل الدولة إلى ولاية من زمن ألف ليلة وليلة؟ ثم لم يتمالك العم نفسه وانفجر في الضحك من جديد، ثم سألني: «من صجك هذا اقتراح ولا نكتة»... وأخذ يضحك ثانية، ثم فجأة هب الرجل واقفاً وقال بغضب: لقد أهان القلاف القضاء ودمره مرة واحدة وشكك في نزاهته.

ووجه العم فصيح حديثه إلى القلاف، وهو ينظر إلى صورته في الصحيفة: (معقول... من «صجك»... دار المظالم يا ظالم).

back to top