الكويت وخنجر إيران المسموم!

نشر في 03-04-2011
آخر تحديث 03-04-2011 | 00:00
 سعد العجمي في لغة الجغرافيا إيران دولة جارة وكفى، أما في لغة التاريخ فإن إيران دولة عدوة، دولة مستبدة، دولة توسعية، دولة قمعية، دولة لها أطماع، دولة متغطرسة لا تفهم منطق الدبلوماسية ولا تقيم له وزناً، تعامل جيرانها وكأنهم أتباع لها وليسوا كيانات لها استقلالها وسيادتها.

لم أكن بانتظار الأحكام القضائية التي صدرت على عناصر شبكة التجسس الإيرانية كي أتأكد من أن لطهران يداً فيها، لكن الأحكام- بما أنها صادرة من سلطة قضائية مشهود لها بالنزاهة والاستقلالية- أسقطت أي ذريعة لتلبيس اكتشاف الخلية أي لباس سياسي.

في جميع تصريحات وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح وكذلك رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وجميع المسؤولين الكويتيين تجاه إيران كانت لهجة التهدئة وإبداء حسن النوايا واضحة وجلية، بل إنها في أحيان كثيرة تصل إلى درجة الإفراط في الدبلوماسية التي لا تستحقها إيران.

حادثة الاعتداء على أحد الدبلوماسيين الكويتيين من قبل قوات الباسيج، وعدم الكشف عن مصير المواطن حسين الفضالة المفقود في المياه الإقليمية منذ أكثر من عامين، واتهامات السفير الإيراني السابق في الكويت علي جنتي لصحافيين وكتاب كويتيين بالعمالة للغرب، وتصريحات رئيس مجلس الشورى الإيراني في مجلس الأمة الكويتي العام الماضي وتهديده لدول الخليج والكويت باستهداف مصالحها إذا تعرضت بلاده لهجوم من الولايات المتحدة، كلها شواهد وإثباتات على أن الكويت تحملت الكثير من الجارة إيران.

احتلال الجزر الإماراتية، والتدخل في الشأن اللبناني، زرع خلايا تجسسية في مصر، تجنيد بعض العناصر الإرهابية ودعمها في المغرب، تمويل الحوثيين في اليمن بالسلاح والمال، وأخيراً التدخل السافر في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، جميعها أمثلة حيّة وشاخصة على تدخلات طهران في المنطقة وسعيها إلى زعزعة أمن واستقرار دولها.

بعد هذا كله قد تخرج علينا في الكويت بعض الأصوات هنا وهناك لتقول إن إيران دولة صديقة، وعلينا أن نحرص على توطيد العلاقات معها. في لغة الجغرافيا إيران دولة جارة وكفى، أما في لغة التاريخ فإن إيران دولة عدوة، دولة مستبدة، دولة توسعية، دولة قمعية، دولة لها أطماع، دولة متغطرسة لا تفهم منطق الدبلوماسية ولا تقيم له وزناً، تعامل جيرانها وكأنهم أتباع لها وليسوا كيانات لها استقلالها وسيادتها.

الكويت التي أكدت في العلن وفي الغرف المغلقة رفضها توجيه أي ضربة عسكرية لإيران من أراضيها أو استخدام أجوائها ومياهها الإقليمية في أي عمل عدائي موجه ضد طهران، وقبل ذلك وبعده فتحت أراضيها للعمالة الإيرانية لتحصل على العيش الكريم ولقمة الرزق، تُكافأ اليوم من قبل الإيرانيين بزرع شبكات التجسس والتخريب في أراضيها لزعزعة أمنها واستهداف استقرارها وسلامة مواطنيها.

مؤسف جداً موقف بعض وسائل الإعلام المحلية من تصريحات الشيخ محمد الصباح الأخيرة تجاه إيران على خلفية شبكة التجسس، حيث أقحمت تلك التصريحات في أحداث استقالة الحكومة عبر خلط عجيب غريب للأوراق بدا واضحاً أن هناك أطرافاً دفعت باتجاهه، إما اقتصادية ربما لها مصالح في إيران وإما حكومية تضررت مواقعها من تصريحات الشيخ محمد بعد استقالة الحكومة.

ماذا تريدون من الشيخ محمد أن يقول... هل يقول لإيران شكراً لزرع جواسيسك في أراضينا... شكراً لاستهدافك أمننا... شكراً لردك معروفنا بنكران الجميل... شكراً لطعنك الكويت من الخلف؟

كفى مجاملة... وكفى دبلوماسية مفرطة لم نجنِ منها إلا مزيداً من الانسلاخ عن محيطنا الخليجي، كفى لسياسة الزراعة في الأراضي المالحة، كفى لصنع المعروف في غير أهله، ودعوا الشيخ محمد وطاقم فريقه في وزارة الخارجية يرسمون سياساتهم وفق منظورهم ورؤيتهم من خلال الحقائق لا الأماني التي كانت مقبولة في عهد رفسنجاني وخاتمي وليس إيران نجاد... وكما قال شاعر الخليج خلف بن هذال:

تبت يدا أبو لهب تبا وتب له

وللي معه بالحطب للقوم حماله

الضعف ما حطه الطيب سبيل له

قد قيل من لا يعيل اجيه عياله

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top